منذ البداية كانت الدول والاطراف الاقليمية والخارجية ومعها الاطراف اللبنانية يدركون ان ما يوجد في مرفا بيروت ليس سلاحا وليس لحزب الله، وكانوا يعلمون ان ما حصل في جزء مهم منه مسؤولية فساد حكومات سابقة معظمها كان مواليا لاطراف عربية والادارة الاميركية.
طهران- وكالة نادي المراسين الشباب للأنباء - لكن المخطط كان الذهاب حتى الاخير في هذا السيناريو لان الفوضى كانت هي المطلب الاهم. نحو اسبوع مر، ولم يعثر على سلاح لحزب الله الا في مخيلات اعلام عربي ولبناني مهووس بالفتنة والتحريض والكراهية.
لكن بعد اسبوع من الحادث الجلل، اصبحنا نرى دعوات للاصلاح السياسي والاقتصادي وشاهدنا مؤتمرا دوليا نظمته فرنسا لجمع مساعدات للبنان. وهنا لا بد من التوقف عند عدة نقاط.
= لم تكن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (اول مسؤول خارجي يصل الى لبنان بعد الحادث) نابعة من حنان فائض تجاه لبنان بقدر ما كانت نابعة من ادراك باريس بان الوقت مناسب لاعادة الدور الفرنسي والغربي الى لبنان عبر الاستفادة من اثار التحريض ضد حكومة حسان دياب وحزب الله.
= افرغ ماكرون خلال مؤتمره الصحفي في (قصر الصنوبر ببيروت) ما جاء من اجله مشترطا اجراء اصلاح في النظام السياسي اللبناني للحصول على الدعم والمساندة لاعادة الحياة الى طبيعتها في البلد المنهك بفعل العقوبات والحظر الاميركيين والفساد والاهمال من جهة ايضا.
البعد الحاضر في كل هذا هو التركيز على اعادة صياغة ميثاق وطني لبناني جديد، وهذا الامر يحمل الغاما كثيرة يجب الانتباه اليها. (لا يمكن استبعاد احتمال ان تكون الاستقالات المتتالية في الحكومة والبرلمان في سياق هذا التوجه الذي ياتي من الخارج وليس من الداخل).
قد لا ينكر احد ضرورة اعادة هيكلة التركيبة السياسية في لبنان، وفتح الباب امام اصلاح وتصحيح لمسار الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن هذه العملية هي لبنانية من ألِفِها الى يائِها. وبالتالي خروج هذه الدعوة من اطراف خارجية يثير مخاوف من تمرير ميثاق وطني يرسخ تبعية من نوع ما لأي طرف خارجي. (كان ملفتا تصريح مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا بألا قرضو ستقدم لبيروت بدون اصلاح).
لا يخفي حزب الله (كونه من يتعرض للهجوم منذ انفجار بيروت) تاييده لحكومة وحدة وطنية في اي ظرف يعيشه لبنان. وبالتالي لن يعارض لا هو ولا حلفاؤه اجراء مراجعة للميثاق الوطني وربما لاتفاق الطائف، لكن ليس على اسس يضعها الاجنبي بل على اساس ادراك القوى اللبنانية لحتمية العيش معا والتعاون لاخراج البلد من ازمته على كافة المستويات.
كل هذا لا يعني ان المحور الاميركي وبعض العربي سيتوقف عن التحريض، بالعكس، التحريض هو جزء مهم للضغط باتجاه تمرير الاصلاح الذي يدعيه دونالد ترامب وايمانويل ماكرون وبعض الدول العربية التي لا تعرف ما معنى كلمة اصلاح، ناهيك عن غياب كلمة انتخابات عن حياتها السياسية. لكن تغير تعاطي هذا المحور مع ما يجري نابع من اقتناع لديه بان سياسة الضغط والعقوبات لن تنفع في اخضاع حزب الله، وبالتالي بات وجود حكومة يراها هؤلاء (حكومة حزب الله) في السلطة انتصارا للحزب وليس العكس بالرغم من كل ما يشهده لبنان.
وعليه فان الدعوة لاصلاح وميثاق وطني جديد، سيسمح باعادة تعويم اطراف مناهضة للحزب وادخالها في التركيبة السياسية الجديدة على اساس الميثاق الذي سيتم التوصل اليه. لكن ذلك ايضا لن يعني تراجع قوة حزب الله وحلفائه ولا خضوعه للضغط، لان النقطة الاهم التي على كل اطراف هذا المحور ادراكها هي ان حزب الله مكون رئيسي في المجتمع اللبناني له نوابه المنتخبون من الشعب وله شرعيته لدى الشارع اللبناني ودستوريته وفقا للقوانين اللبنانية، وبالتالي بعد كل هذه المتاهة التي ادخل المحور الاميركي نفسه فيها وصولا الى المرحلة الحالية لن يعطيه مكاسب جديدة (من قبيل نزع سلاح المقاومة ونزع بند حق مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في البيانات الوزارية) بل ما سيحصل عليه الاميركيون ومن معهم سيكون العودة الى "ستاتيكو" ما قبل حراك تشرين العام الماضي.
حسين الموسوي - العالم