في ظل استمرار الأزمة السياسية في الجزائر، بعد تنحي الرئيس بوتفليقة عن السلطة، تظاهر الآلاف من الجزائريين للجمعة التاسعة على التوالي في ساحة البريد المركزي، للمطالبة برحيل جميع رموز النظام وسط تعزيزات أمنية. هذا واعلنت حركة مجتمع السلم مقاطعتها لجلسة الحوار الذي دعت اليه الرئاسة، داعية جميع القوى السياسية والمدنية إلى مقاطعته.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات طالبت برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة، وتضمنت اللافتات شعارات مثل "لا للعنصرية خاوة خاوة"، "قلنا ديقاج يعني ديقاج" أي "إرحل يعني إرحل"، وقلنا: "البلاد بلادنا والجيش ديالنا".
وفيما دعا الرئيس الجزائري المؤقت قايد صالح السياسيين إلى حوار جماعي، أعلنت حركة مجتمع السلم مقاطعة الحوار.
وتعتبر هذه أول جمعة بعد إسقاط أول (الباءات الأربعة) التي شدد الجزائريون على اسقاطها، وهو رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، الذي قدم استقالته يوم الثلاثاء الماضي.
وقدمت السلطات الجزائرية تنازلا جديدا لمطالب الشارع هذا الأسبوع تمثل بتغيير رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي كان أحد "الباءات الأربعة" من المحيط المقرب لعبد العزيز بوتفليقة، فيما يطالب المحتجون بإستقالة ما تبقى من الباءات وهم؛ الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس البرلمان معاذ بوشارب.
وكان بلعيز تجاهل في 2013 طلبات بدء إجراءات لعزل الرئيس بسبب "المانع الصحي". عندما أمضى بوتفليقة في أحد مستشفيات باريس 80 يومًا بسبب إصابته بجلطة في الدماغ، ثم مرة أخرى في مارس، وكان بلعيز الوحيد القادر على القيام بذلك بصفته رئيس المجلس الدستوري.
ويصر الجزائريون على رفضهم تولي مؤسسات وشخصيات من عهد بوتفليقة إدارة المرحلة الانتقالية، وخصوصا تنظيم انتخابات رئاسية خلال تسعين يوما حسب الإجراءات التي ينص عليها الدستور.
ويثير دور المؤسسة العسكرية في المرحلة الانتقالية لما بعد بوتفليقة العديد من التساؤلات في الجزائر، رغم تأكيدات الفريق أحمد قايد صالح، رئيس الأركان أن الجيش يلتزم باحترام الدستور.
ويتظاهر الجزائريون بالملايين في شوارع مدن البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي، وقد نجحوا في دفع عبد العزيز بوتفليقة للتخلي عن ولاية رئاسية ثانية بعد حكم دام 22 عاما بلا منازع، ثم إلى إلغاء الاقتراع الرئاسي الذي كان مقررا في 18 أبريل/نيسان الجاري، ثم مغادرة السلطة.
ويطالب الشارع أيضا بتنحي كل من رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
من جهته، قال رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح إن المحاولات اليائسة الهادفة للمساس بأمن البلاد واستقرارها قد فشلت وستفشل مستقبلا بفضل الجهود التي يبذلها الجيش.
وأضاف أن هناك قوى كبرى تعمل على إعادة صياغة خريطة العالم على حساب حرية الشعوب ووفقا لمصالحها.
سياسيا، وجهت الرئاسة الجزائرية الخميس الماضي دعوات لأحزاب وشخصيات ومنظمات من أجل المشاركة في جلسة حوار جماعية، لبحث سبل تجاوز الأزمة التي تشهدها البلاد.
وبحسب مصادر حزبية متطابقة، فإن الأمانة العامة للرئاسة وجهت دعوات للطبقة السياسية من أجل "لقاء جماعي تشاوري" الاثنين المقبل يشرف عليه عبد القادر بن صالح.
وأفادت المصادر بأن اللقاء هدفه "التشاور حول الوضع السياسي الراهن وكيفية تسيير المرحلة الانتقالية" بعد استقالة بوتفليقة وتولي عبد القادر بن صالح الرئاسة المؤقتة بموجب الدستور.
غير أن حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالجزائر) دعت إلى مقاطعة جلسة الحوار، وقالت إنها تلقت دعوة من الرئاسة للمشاركة لكنها لن تحضر هذا الاجتماع، وتدعو جميع القوى السياسية والمدنية إلى مقاطعته.
وأوضحت حمس أن هذا اللقاء هو ذاته اعتداء على الإرادة الشعبية، وزيادة في تأزيم الأوضاع، معتبرة أن سياسة فرض الأمر الواقع هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه.
ولفتت الحركة إلى أن "الاستمرار في التعنت في عدم الاستجابة للشعب الجزائري الذي طالب بإبعاد رموز النظام في إدارة المرحلة الانتقالية، والشروع في انتقال ديمقراطي حقيقي عبر الحوار والتوافق الوطني ستكون عواقبه خطيرة على الجزائر والجزائريين ويتحمل أصحاب القرار الفعليين مسؤوليتها".
وبحسب الخبراء، فإن الجزائر تشهد مجموعة من التحديات التي يمكنها إغراق البلاد في حالة من الفوضى.. هشاشة الاقتصاد في الجزائر وتزايد نسبة البطالة في ظل الفساد والبيرقراطية والتغطرس عززت موقف حركات الاحتجاجات، وإن الجزائريين لا يزالون يخرجون إلى الشوارع مطالبين بتغيير رموز النظام، وإذا لم تجرِ الحكومة الجزائرية الإصلاحات اللازمة، فإن الاستياء الشعبي سوف يستمر.
انتهى/