طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقالت وسائل إعلام إن تظاهرات الجمعة في العاصمة الجزائر وفي مدينتي وهران وقسنطينة، ثاني وثالث مدن البلاد، كانت حاشدة وجمعت أكثر بكثير من تظاهرات الأسبوعين الماضيين. وفي غياب أيّ معلومات من السلطات عن أعداد الذين شاركوا فيها، ذهب البعض على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الكلام عن ملايين ربما، من دون إسناد هذه المعلومات إلى أيّ مصدر. كما نقلت مصادر أمنية ووسائل إعلام أن العديد من المدن الأخرى شهدت أيضا تظاهرات كبيرة.
وغصّت شوارع وسط العاصمة بالحشود. حتى إنّ المتظاهرين كانوا يجدون صعوبة في التحرّك خصوصا في ساحة البريد الكبرى. وتزامنت الاحتجاجات مع إحياء اليوم العالمي للمرأة. وشاركت نساء كثيرات من مختلف الأعمار في التجمع الذي هتف المشاركون فيه ضد النظام الحاكم و ضد ترشح بوتفليقة للانتخابات الرئاسية
وأفادت وسائل الإعلام أنّ الشرطة استخدمت بعد ظهر الجمعة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفرقة متظاهرين حاولوا خرق طوق أمني للشرطة يغلق طريقا تصل إلى مقر رئاسة الجمهورية. وأعلنت الشرطة أنّها اعتقلت 195 شخصًا الجمعة في العاصمة الجزائريّة إثر اشتباكات بين شبّان وشرطيّين خلّفت 112 جريحا في صفوف قوى الأمن. في حين تم توقيف رجل الأعمال والمعارض رشيد نكاز في المستشفى حيث يرقد بوتفليقة بجنيف.
وفي وهران، أفادت وسائل إعلام أنّ "سكّان المدينة خرجوا عن بكرة أبيهم في سابقة لا مثيل لها"، مشيرة إلى أنّ نسبة المتظاهرين من النساء كانت كبيرة وبلغت تقريبًا نصف المشاركين. كذلك في قسنطينية،فقد كانت "التعبئة كبيرة جدًا وعدد المشاركين فاق بكثير" أعدادهم في الثاني والعشرين من شباط/فبراير والأول من آذار/مارس. أمّا في عنابة رابعة مدن الجزائر، فكانت المشاركة في التظاهرة "هائلة" حسب وسائل إعلام، والأمر سيّان في مدينة بجاية في منطقة القبائل في شمال البلاد. وأشارت مصادر أمنيّة الى مسيرات "حاشدة" أيضًا في تيزي وزو وتيارت ومعسكر (شمال غرب) وغرداية (وسط) ومسيلة (شمال) وسيدي بلعباس وتلمسان (شمال غرب).
ولم تسجّل أيّ مواجهات في هذه المدن، واستخدم الناشطون وسم "حراك 8 مارس" للدعوة الى التظاهر. كما انتشرت عبر الإنترنت "التوصيات الـ18 لمتظاهري الثامن من مارس (آذار)" التي تؤكد الطابع السلمي للتظاهر وتدعو المحتجّين الى جعل الجمعة "يوم احتفال" والتزود "بالمحبة والإيمان والأعلام الجزائرية والورود". وبين هذه التوصيات التي وضعها الشاعر والكاتب لزهاري لبتر "سلمياً وبهدوء سأسير" و"لن أردّ على أيّ استفزاز" و"سأعزل المخربين وأسلمهم للشرطة" و"لن أرمي حجرا واحدا ولن أكسر زجاجا واحدا" و"بعد المسيرة (...) سأنظف" الشوارع.
كما تمّ عبر شبكات التواصل الاجتماعي تنظيم مجموعات "الشارات الخضراء" من متطوعين يتولون على الأرض توجيه المحتجين وتأطيرهم لتجنّب كل تدافع وتقديم الإسعافات الأولية، خصوصا في حال إطلاق غاز مسيل للدموع، ثم تنظيف الشوارع بعد التظاهرات.
وفي بعض الأحياء على مشارف العاصمة، نظم أصحاب سيارات عمليات نقل لمن يرغبون في التظاهر في وسط العاصمة، بسبب توقف عمل بعض خطوط المترو والترامواي الجمعة.
هذا وأعلن نواب من حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم في الجزائر، يوم الجمعة، استقالتهم من الحزب وانضمامهم للاحتجاجات، بحسب تلفزيون "الشروق" الجزائري. وجاء في بيان النواب المستقيلين: "نعلن للرأي العام ولكافة مناضلي ومناضلات حزب جبهة التحرير الوطني استقالتنا الجماعية من الحزب، ونذكر بمواقفنا السابقة المؤيدة للحراك الشعبي واحتجاجنا إزاء العبث الذي بات يطبع تصرفات وعبث القيادة اللاشرعية التي اختطفت الحزب".بحسب البيان
وبدا أن الجزائريين لم يهتموا كثيرا بالرسالة التي وجهها الخميس إليهم بوتفليقة (82 عاما) الموجود في سويسرا منذ عشرة أيام للعلاج، من دون إعلان موعد عودته. إذ حذر بوتفليقة في رسالته لمناسبة يوم المرأة العالمي من "الفتنة" و"الفوضى". ودعا "إلى الحذر والحيطة من اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات". حسب رسالة بوتفليقة.
لكن لا يبدو أيضا أن المحتجين ينوون التراجع عن مطالبهم، رغم تحذيرات بوتفليقة الذي يعتبر أنصاره أنه الضامن للسلم الاجتماعي ومنقذ البلاد من العشرية السوداء التي مرت فيها البلاد (1992-2002) ومن موجة اضطرابات ما يسمى بالربيع العربي.
هذا وتحدث الجيش الجزائري عن العلاقة التي تربطه بالشعب، معتبرا أنهم "ينتميان إلى وطن واحد لا بديل عنه". وأكدت مجلة الجيش في عددها الأخير "مدى تماسك الشعب الجزائري مع جيشه وتلاحمهما وترابط مصيرهما وتوحد رؤيتهما للمستقبل، مبرزة أن الشعب والجيش "ينتميان إلى وطن واحد لابديل عنه".
وقالت المجلة في افتتاحية العدد الجديد إن "ما حققه جيشنا على أصعدة عدة و وقوفه اللامشروط الى جانب أمته في كل ما مرت به البلاد من محن وأزمات، أكد على مدى تماسك الشعب مع جيشه وتلاحمهما وترابط مصيرهما وتوحد رؤيتهما للمستقبل"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن المجلة. وتابعت المجلة أن "قواتنا المسلحة تعهدت على حفظ هذا الوطن والذود عنه وحمايته من كل مكروه".
كما ذكرت الافتتاحية بأن "ثمة اجماع بين الشعب بكل فئاته أن الثورة التحريرية المجيدة ستظل وإلى الأبد حصنا لقيم نبيلة لا يمكنها أن تندثر بالتقادم وسيظل مؤمنا بها ومتشبعا بمبادئها النبيلة وسيظل يستلهم من روح نوفمبر الاغر كل ما من شأنه أن يعبد له الطريق نحو بناء جزائر قوية وآمنة ومزدهرة".
وأضافت المجلة في هذا الشأن بأن الشعب الجزائري "المتشبع بوعي وطني كبير والمدرك لمختلف التحديات والتهديدات والرهانات الحالية والذي قاوم بالأمس استعمارا لأكثر من 130 سنة وطرده من أرضه وألحق به هزيمة نكراء في معركة تحرير حاسمة وأفشل مشروعا ارهابيا استهدف اركان الدولة"، هو شعب، مثلما أكده نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، "جدير بحمل رسالة أسلافه وتحمل مسؤولية حفظ أمانتهم من بعدهم".
من جهة أخرى، ثمنت المجلة ما حققه الجيش الوطني الشعبي من "انجازات على أكثر من صعيد، والذي تأتى بفضل الإصرار على رفع التحدي والرقي بأداء قواتنا المسلحة الى مستوى المهام الدستورية الموكلة اليه، كما تحقق ايضا وبالدرجة الأولى بفضل اتخاذه لجيش التحرير الوطني كقدوة في حب الوطن والإخلاص له والتحلي بالإرادة لتذليل ظل الصعاب".
هذا وأُوقف المعارض الجزائري رشيد نكاز الذي قدم ترشيحه للانتخابات الرئاسية في الجزائر، الجمعة من قبل الشرطة السويسرية داخل المستشفى الذي يوجد فيه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في جنيف. وقالت الناطقة باسم شرطة جنيف أنه تم رفع شكوى ضد نكاز بتهمة انتهاك حرمة المستشفى. وأوضحت المتحدثة أن نكاز دخل المستشفى "في حين طلب منه عدم القيام بذلك".
وتحوّلت قضية ترشح الناشط رشيد نكاز لانتخابات الرئاسة الجزائرية هذا العام مساء الأحد إلى "قصة خيالية"، بعد أن ظهر شخص آخر مكانه يحمل اسمه ولقبه لتقديم ملف دخوله السباق الرئاسي. وخرج شخص على الصحفيين في المجلس الدستوري قال إنه يدعى رشيد نكاز ويعمل ميكانيكيا وسيترشح هو لرئاسيات 18 أبريل/نيسان المقبل، بدل رشيد نكاز السياسي. ووسط دهشة الصحفيين والحضور، ذكر الشخص ذاته أن رشيد نكاز لا يستطيع الترشح بسبب شرط الإقامة لمدة 10 سنوات دون انقطاع عن الجزائر كما ينص الدستور في شروط الترشح لانتخابات الرئاسة، علما أن الأخير يقيم بشكل دائم في فرنسا. وكان نكاز -وهو ناشط سياسي مثير للجدل- قد ترشح في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2012، ثم تخلى عن الجنسية الفرنسية في 2013 للترشح في انتخابات الرئاسة الجزائرية في العام التالي.
وفي تطور لافت ولأول مرة منذ بدء الاحتجاجات، قالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أمس الجمعة إن المحتجين في العاصمة الجزائر ومناطق أخرى من البلاد يطالبون "بتغيير النظام". وكانت الوكالة قد ذكرت في تغطية سابقة أن المتظاهرين يريدون التغيير السياسي.
ونشرت كالة الأنباء الجزائرية برقية مساء الجمعة حول المسيرات جاء فيها "خرج الآلاف من المواطنين اليوم الجمعة بالجزائر العاصمة وبالعديد من ولايات الوطن في مسيرات شعبية سلمية للمطالبة بتغيير النظام وبإصلاحات سياسية عميقة، حسب ما لاحظته وأج بعين المكان".
وأضافت الوكالة "وقد تميزت هذه المسيرات بتواجد مكثف للعنصر النسوي، تزامنا مع إحياء اليوم العالمي للمرأة المصادف للثامن مارس، حيث فضل بعضهن ارتداء اللباس التقليدي وسط حضور مميز لعائلات مع أطفالها، مما أضفى أجواء حضارية على هذه المسيرات الشعبية".
انتهى/