زلزال سياسي يضرب منظومة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي والعلاقات العربية العربية، بعد أن قطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر على خلفية إتهام الاخيرة بدعم "داعش" و القاعدة في سوريا والعراق، والجماعات التكفيرية في ليبيا والاخوان المسلمين في مصر وباقي الدول العربية، وأنصارالله في اليمن والمعارضة في البحرين وأبناء المنطقة الشرقية في السعودية وحزب الله وحماس وكذلك لعلاقاتها مع ايران.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- صفة الزلزال اُطلقت على الازمة بين قطر والدول العربية، لتجاوزها حدود قطع العلاقات وسحب السفراء، الى اغلاق اجواء هذه الدول بوجه الطيران القطري وغلق المنافذ البحرية والبرية معها وفرض حصار شامل لا يستثني شيئا، بالاضافة الى طرد القطريين من تلك الدول خلال فترة اقصاها اسبوعين.
نظرة سريعة الى الازمة التي تمر بها الدول العربية اليوم وخاصة الخليجية، والتي قد تُدخل هذه الدول في نفق مظلم، تؤكد وبذات السرعة انها ازمة قد تم تصديرها الى المنطقة كباقي الازمات الاخرى التي تعصف بها منذ سبع سنوات، فهي أزمات وان كانت تُدار بالظاهر من قبل قوى اقليمية، الا ان الحقيقة ليست كذلك، فكل الذي يجري في المنطقة هو سيناريوهات امريكية - اسرائيلية تم الاعداد لها منذ وقت طويل وخاصة بعد هزيمة "اسرائيل" امام حزب الله في عامي 2000 و 2006 .
الازمة الناشبة بين قطر من جانب والسعودية والامارات والبحرين ومصر من جانب اخر، جاءت بعد مرور اسبوعين من القمة العربية الاسلامية الامريكية التي استضافتها السعودية والتي ترأسها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وهذا التوقيت بين الحدثين لم يأت صدفة.
الخبير في شؤون الخليج الفارسي بمعهد بيكر ومقره واشنطن كريستيان أولريخسن، كشف في معرض تحليله لملابسات الازمة القطرية عن الدور الامريكي في صناعتها عندما قال: "يبدو أن السعوديين والإماراتيين يشعرون بالقوة لتوافق مصالحهم الإقليمية، تجاه إيران والتطرف الإسلامي، مع إدارة ترامب، فقرروا التعامل بالأسلوب البديل مع قطر مفترضين أنهم سيحظون بدعم إدارة ترامب".
تفسير اولريخسن للازمة الخليجية يؤكد ما أشرنا اليه سابقا من ان حكومات بلدان المنطقة تتصور انها هي التي "تتحكم" بتطورات الازمات في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وانها هي التي ستقرر مصير هذه الازمات، بينما الواقع ليس كذلك، فجميع هذه الحكومات تتحرك بوعي او من غير وعي في المجال المخصص لها وفقا للسيناريو الامريكي.
هذه الحقيقة بدت واضحة من المواقف الاولية لاعضاء ادارة ترامب من ازمة قطر، فهذه وكالة رويترز تنقل عن مسؤول وصفته بالكبير في الادارة الامريكية قوله إن الولايات المتحدة لا تريد رؤية شقاق دائم بين دول الخليج الفارسي، الا انه مع ذلك اكد وبشكل لافت على ان "هناك تسليما بأن كثيرا من تصرفات قطر مقلقة تماما ليس لجيرانها في الخليج الفارسي فحسب وإنما للولايات المتحدة أيضا.. نريد إعادتهم إلى الاتجاه الصحيح".
هل يمكن بعد هذا الموقف الامريكي الواضح والصريح ازاء قطر، القول ان الازمة هي نتاج ارادة مستقلة لحكومات خليجية، على رأسها السعودية، اكتشفت فجأة دعم قطر للارهاب وارادت ان تمنعها من مواصلة هذا الدعم انتصارا للشعوب، ولا دور لامريكا في صناعتها ؟.
على البلدان التي دُفعت دفعا الى اتون الازمة الجديدة ان تفكر الف مرة قبل ان تُصّعد من اجراءاتها الانتقامية، فهذه الازمة لن تصب في صالحها ولا صالح المنطقة اذا ما استفحلت، ويكفي ما اصاب المنطقة وشعوبها من فوضى احرقت حاضرها ومستقبلها، لمجرد ان امريكا قررت القضاء على جيوش تلك الدول وحركات المقاومة في المنطقة من اجل عيون "اسرائيل".
لا تخلو العلاقات الدولية من خلافات سياسية، فمثل هذه الخلافات قد تطفو حتى على سطح العلاقات بين الحلفاء كما هو الحال بين بلدان الاتحاد الاوروبي واعضاء حلف الناتو، الا ان هذه الدول لا تسمح عادة لهذه الخلافات ان تعكر صفو العلاقات بينها ناهيك عن الصدام ، كما فعلت السعودية والامارات والبحرين ومصر مع قطر، لاسيما ان تهمة دعم الارهاب التي اطلقتها هذه الدول وخاصة الخليجية على قطر، يمكن اطلاقها على هذه الدول ايضا.
اذا كان القضاء على الجيش السوري والمقاومة الاسلامية المتمثلة بحزب الله، هو الهدف الاول والاخير لامريكا من وراء اختلاق الازمة في سوريا، فاليوم نهب الخزائن والثروات النفطية والغازية للسعودية وقطر والامارات هو الهدف الاول والاخير لامريكا من وراء الازمة الحالية في الخليج الفارسي، لذا على الحكومات العربية وخاصة الخليجية المندفعة نحو الصدام مع قطر ليس فقط ان تكف عن دفع بلدانها الى ما لا يحمد عقباه، بل ان تكف ايضا عن دعم الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا وليبيا واليمن والمنطقة بشكل عام، والذي كان السبب الرئيسي في الفوضى التي تضرب منطقتنا، فمثل هذا الدعم لن يبقى خافيا الى الابد، فاذا ما تم الكشف عن الدور القطري اليوم من قبل حلفاء الامس، فإن دور الاخرين سيتكشف ايضا وبالارقام.
المصدر/ شفقنا