علي الرغم من مرور ثمانية وعشرين عاما علي رحيل الامام الخميني (قده) لا يزال العالم يعيش نتائج ثورته التي اسهمت في تغييرات استراتيجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا فضلا عن مساهمته في احداث انقلاب علي مستوي القيم الاجتماعية و الثقافية الحاكمة والسائدة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- و يعتبر النموذج الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية الايرانية، والذي صمد واستمر برغم الضغوطات والاستهداف ، احد ثمار الفكر الثوري والتغييري لمفجر الثورة الاسلامية الايرانية كما يتفق الكثير من المتابعين لمسار التطور الفكري والاستراتيجي خلال الثمانية والعشرين السنة الماضية علي ان افكار الامام الخميني لا تزال حاضرة وبقوة في عالمنا اليوم وان المباديء التي ارساها خلال مسيرة جهاده الطويل تشكل الحل لكثير من المشاكل التي تواجه الشعوب الاسلامية والمستضعفة في العالم .
يؤكد الباحث بالشؤون الاستراتيجية طلال عتريسي ان الامام الخميني اسس جمهورية اسلامية لم ينجح احد غيره في تأسيسها في العصر الحديث وفي زمن ساد فيه اعتقاد بان الاسلام يقتصر حضوره علي البيوت والمساجد وانه غير قادر علي التصدي للساحة العامة السياسية والاقتصادية والعسكرية . ويري ان شخصية الامام الخميني كانت مركزية في نجاح الثورة الاسلامية في ايران فهو شكل الرمز القيادي الحاسم في مسار الثورة وفي احداث التغيير لا بل ساهم في اختصار مراحل التغيير ويلفت عتريسي الي ان التجربة القيادية للامام الخميني يجب ان تكون حاضرة في فهم الثورات وحركات التغيير العالمية .
ويري عتريسي ان الامام الراحل يجمع في شخصيته مدرسة ايمانية وافكار ثورية وسيكولوجية شخصية وان هذا المزيج اعطي بعدا عالميا لتجربته وحضوره الي درجة ان عددا كبيرا من المفكرين والفلاسفة في العالم الغربي وليس فقط الاسلامي تأثروا به الي حد بعيد .
ويتوقف الباحث الاجتماعي عند المنهجية التي اعتمدها الامام الخميني في النظرة الي العالم .فقد قسمه الي مستكبرين في مواجهة مستضعفين متخطيا المقاربة التقليدية عند الكثير من التيارات الاسلامية التي طالما تبنت نظرية دار الاسلام في مواجهة دار الكفر .
تقسيم الامام الخميني اعطي بعدا عالميا وانسانيا للفكر الاسلامي انطلاقا من مفهوم قرآني . فالمستضعفون في العالم مسلمون وغير مسلمين . نفس الامر ينطبق علي المستكبرين ويشير عتريسي الي الترجمة العملية التي قدمها الامام الخميني سواء علي المستوي الواسع عندما اعلن النائب الايرلندي بوبي ساندز شهيدا واطلق اسمه علي احد شوارع طهران وهو المسيحي الذي دفع حياته ثمن قضيته بعد اضراب عن الطعام استمر علي مدي شهرين . اما علي المستوي الضيق فقد سجل الامام الخميني انفتاحا علي جيرانه الفرنسيين اثناء اقامته في نوفل لو شاتو قرب باريس من خلال اصراره علي معايدتهم وارسال الورود اليهم في عيد ميلاد السيد المسيح (ع) .
من مباديء الامام الراحل التي تجولت الي ثوابت في الجمهورية الاسلامية الايرانية موقفه من القضية الفلسطينية . هذا الموقف ينطلق بحسب عتريسي من رؤية الامام العميقة لخطر الكيان الصهيوني علي الامة بمجملها ويضيف ان الامام عندما كان يردد مقولته 'يجب ان يرحل الشاه' انما كان يتحدث من زاوية ان الشاه هو الحلقة المركزية في المشروع الاميركي الصهيوني الاطلسي .
وردا علي سؤال حول استمرارية حضور افكار الامام الخميني في العالم وفي ايران اليوم يجيب عتريسي ان افكار الامام الخميني لا تزال حاضرة بقوة وانها تأسيسية وانها لا تزال حاضرة في مفاصل الحياة الفكرية والدينية والسياسية في العالم .اما في ايران فقد اسس الامام الخميني لقواعد متينة وثابتة في مسيرة الجمهورية الاسلامية الايرانية وان المشاركة الكثيفة في الانتخابات المتتالية التي تشهدها ايران هي الترجمة العملية لنجاح هذه الافكارواستمراريتها.
بدوره يؤكد رئيس مركز الدراسات القانونية والسياسية والادارية في كلية الحقوق وعضو المجلس السياسي في حزب الله احمد ملي في حديث لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ذكري الامام الخميني مناسبة لاستحضار المشروع الذي طرحه مفجر الثورة الاسلامية الايرانية وهو مشروع الحرية والفكاك من التبعية الذي جعل ايران بمثابة ام القري في منطقتنا . ويري ملي ان افكار الامام الخميني ومبادئه اثمرت اليوم محورا للمقاومة يمتد من طهران الي بيروت ويقوم علي ركيزة ان الحرية والتحرر هما خيار الشعوب وان الخضوع للاستعمار ليس قدرا . ويؤكد ملي ان الامام الخميني اوجد النموذج الاسلامي في التنمية والاكتفاء الذاتي وايران اليوم في مرحلة الاقتصاد المقاوم .
ويجري استاذ العلاقات الدولية مقارنة بين ايران وبلدان اخري مشابهة ليخرج بنتيجة وهي ان الدول التي مشت وراء سراب الاستكبار الاميركي نراها ترفل في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية اما ايران فتبدو قلعة حصينة تمتلك الصناعات الدفاعية وتنتج العلوم والتكنولوجيا ومشروعها يتقدم ويستمر ويثبت حضوره كنموذج للعالم الاسلامي ودول العالم الثالث .ويلفت ملي الي ما يعتبره احد اهم انجازات الامام الراحل وهو اثباته العملي ان لدي الشعوب خيارات غير الاشتراكية والليبرالية والرأسمالية . نموذج يقوم علي القيم ومباديء العدالة .
المصدر: إرنا
انتهي/