لتخفيف الضغط عليها في الساحة السورية والعراقية، كانت "داعش" تقوم بعمليات إرهابية في أوروبا، لدرجة أنها أصبحت تتحدى قدرات أجھزة مكافحة الإرھاب الأوروبية. فهل ما زالت فاعلة؟
دور الأصدقاء المحيطين ( 54 %).
التردد على مساجد المتطرفين ( 48 %).
تأثير دعاة الكراھية والتطرف ( 27 %).
التأثر بالدعاية للإرھاب والتجنيد على الإنترنت ( 44 %).
ويشكل المولودون في ألمانيا 61 % من الملتحقين بالقتال في صفوف "داعش " في سوريا والعراق، والنسبة المتبقية ھي لألمان من أصول تركية وسورية ولبنانية، ويحمل 27 % منھم الجنسية المزدوجة، وھم من أصول تركية ومغربية وتونسية.
ومؤخراً تجمعت معلومات وأدلة لدى دائرة منسق مكافحة الإرھاب الأوروبي جيل دي كريشوف تشير الى تراجع أعداد المتوجھين من مواطني البلدان الأوروبية العرب والمسلمين الى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم "داعش" و"جبھة النصرة" (فتح الشام) من 1500 و 2000 متطوع في الشھر الى 200 فقط. ونقلت صحيفة "دي فيليت" الألمانية عن مصادر حكومية قولھا "إن تنظيم "داعش" يفقد جاذبيته في نظر المتطرفين الألمان".
ويكشف تغيير التكتيكات والأساليب الإرھابية مؤخراً عن نجاحات أحرزتھا وكالات الأمن والاستخبارات في منع وقوع ھجمات إرھابية كبيرة. صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن نائب مدير مركز جنيف للسياسات الأمنية محمد محمود ولد محمدو قوله "نحن نرى كيف أن شبكات الإرھاب بدأت تجد صعوبات بالغة في التخطيط لتنفيذ العمليات الكبيرة".
والسؤال هنا، في حال انحسار "داعش" والقضاء عليها، هل ستعود "القاعدة"؟
طرحت بعض التقارير الغربية احتمال عودة "القاعدة" حال تقھقر "داعش"، منھا تقرير لمركز ستراتفور الأميركي، كما طرحه صمويل ماريرو، المسؤول التنفيذي لمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إذ رجحا بدرجة كبيرة "عودة القاعدة حال تقھقر داعش".
واتفق التقرير ان المشار إليھما على حقيقة التراجع، وفق ما يتحقق على الأرض، وتصريحات القائد العسكري الأميركي، الجنرال شون ماكفرلاند، إن قوة "داعش" تآكلت بفضل الحملات العسكرية التي تستھدف التنظيم، مقدراً أعداد مقاتليه بحدود 20 ألف مقاتل. وھو ما يؤكده كذلك خسارة عدد من أبرز قيادييه وفق استراتيجية المطرقة الصلبة التي تستھدف قياداته الفاعلة والمؤثرة وشبكات اتصاله، وتراجع أعداد مقاتليه، يشي به خطابات قادة تنظيم "داعش" أنفسھم.
محللون استراتيجيون يرجحون من جهة أخرى ووفق سير العمليات العسكرية عودة "القاعدة" لصدارة وقيادة "الجھاد العالمي" حال تقھقر "داعش"، ويعود ذلك برأيهم إلى:
1- كون "القاعدة" أكثر حذرا: إن خسارة مدينة الموصل "نواة تنظيم داعش" أدت إلى تعزيز أھمية تنظيم القاعدة"، مؤكدا أن "النمط الجھادي الجديد لـ"داعش" كان مغايرا لمقاربة تنظيم القاعدة الأكثر حذرا.
2- هناك احتمال تفكك شبكة "داعش" وخلع بيعته من قبل تنظيمات بايعته في أفريقيا مثل "بوكو حرام" وحركة الشباب الصومالية وغيرھا، مع تراجع تمويلھا وقدراتھا المالية واللوجيستية على الدعم.
3- "داعش" لن يزول تماما بل سيبقى بشكل مختلف، وسيظل يشكل خطرا وجزءا من مشھد الراديكالية عالميا، ولكن دون قيادته، حيث سيعود إلى التكيف مع أزمته وإعادة إنتاج نفسه وقياداته وعملياته من جديد بشكل أكثر خطورة.
4 - "داعش" تتراجع عند نفوذ "القاعدة": إن المجموعات التابعة لـ"داعش" صارت تتراجع حيث يوجد نفوذ "القاعدة"، وھو ما يمكن رصده بسھولة في أفغانستان وباكستان حيث تقع مناطق نفوذ قيادة "القاعدة" المركزية.
5- طبيعة "القاعدة" الأكثر مرونة": فـ "القاعدة" أقل رعونة في عملياتھا، مما يجعلھا أكثر تجددا وتكيفا واستعدادا للاستمرار، وأكثر معرفة بدول ومجتمعات المنطقة وثغرات السياسة الغربية، لذلك استطاع الحفاظ على نفسه بعد ھجمات 11 أيلول 2001 ، كما كان أكثر قدرة على التنسيق مع الفصائل الراديكالية الأخرى في أفغانستان كـ"طالبان" أو في العراق أو في سوريا على العكس من "داعش".
6 - خبرة "القاعدة" في التعاطي مع المجتمعات والسكان المحليين: فقد انتقدت القيادة المركزية لـ"القاعدة" فرع "القاعدة في العراق" بقيادة "أبو مصعب الزرقاوي" حينئذ لاستھدافه المزارات الشيعية وقتله على الھوية الطائفية وما شابه، في تسجيلات علنية، ظھرت في تسجيل مشھور للظواھري في تشرين الأول 2005، وفي وثائق بن لادن وأحاديثه حينئذ. وھذا أيضا يعكس قدرة على تفھم المجتمعات والسكان المحليين تفوق بمراحل "داعش".
7-عودة أولوية تقديم العدو البعيد: ركز "الزرقاوي" وخلفه "البغدادي" على مقولة "الدولة" وتأسيس "الخلافة" المزعومة واستھداف العدو القريب السياسي والطائفي والمختلف في ممارسات "داعش". وهذا يعني انقلابا على تصور "القاعدة" وفكرة "عولمة الجھاد" في التركيز على العدو البعيد قبل العدو القريب.
ولكن مع ھزائم فكرة "الدولة" قد تعود شرعية طرح "القاعدة" الاستراتيجي في تقديم العدو البعيد على العدو القريب من جديد. وهذا ربما يعطي للقاعدة فرصة الظهورمن جديد.
المصدر/ سركيس ابو زيد - العهد