تسعى "إسرائيل" جاهدةً منذ أكثر من عشرين عامًا في فهم وتحليل شخصية الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، السيد حسن نصر الله، ذلك لأنّ قراراته، بحسب المصادر الإسرائيليّة، هي الفيصل في قضايا السلم والحرب معها. وبالإمكان القول، إنّه منذ عهد الرئيس المصريّ الراحل، جمال عبد الناصر، لم تبذل "إسرائيل" جهودًا مشابهةً لتحليل شخصية أيّ زعيم عربيّ، غلّا بعد أنْ سطع نجم السيّد نصر الله في سماء الوطن العربيّ.
طهران-وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- على سبيل الذكر لا الحصر، يقول كتابٌ رسميٌ صادرٌ عن وزارة التربيّة والتعليم الإسرائيليّة إنّه منذ انتخاب السيد نصر الله أمينًا عامّا لحزب الله، فقد زاد من اهتمام وتدّخل الحزب في الشؤون السياسيّة على الساحة اللبنانيّة، كما أنّ التنظيم رفع من استعداده العسكريّة، وصعّد المواجهة مع "إسرائيل". ولفت الكتاب الإسرائيليّ الرسميّ إلى أنّ شخصية السيد نصر الله هي شخصيّة كاريزماتيّة جدًا، وأنّه يُشدّد على متابعة المُستجدّات داخل "إسرائيل" بشكلٍ يوميٍّ، ولهذا السبب، فإنّه يعرف بشكلٍ ممتازٍ ما يدور داخل المجتمع الإسرائيليّ، وما يؤلمه، كما أنّه يعلم جيّدًا ماذا يدور في الساحة السياسيّة الداخليّة في الدولة الاسرائيلية.
ولفت الكتاب إلى أنّ معرفة السيد نصر الله الواسعة بخبايا المجتمع الإسرائيليّ وحساسياته يُمكنّه من استغلال هذا الأمر لتوجيه رسائل إلى الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا عن طريق الخطابات التي يُلقيها، والتي يتّم نقلها مباشرة عبر قنوات تلفزيونٍ عربيّة. وشدّدّ الكتاب على أنّ السيد نصر الله تمكّن من إرعاب الإسرائيليين، عندما ألقى في قرية بنت جبيل، في الجنوب اللبنانيّ، بعد انسحاب الجيش الإسرائيليّ في أيّار (مايو) من العام 2000، وتحديدًا عندما قال إنّ "إسرائيل" أوهن من بيت العنكبوت، أيْ أنّه يُمكن تدميرها بسهولةٍ بالغةٍ، على حدّ تعبير الكتاب الإسرائيليّ.
يقول قائد ذراع البر في الجيش الإسرائيلي، اللواء غاي تسور، إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نجح في تحويل منظمته إلى إحدى اقوي المنظمات في العالم. بينما تصف مصادر في شعبة الاستخبارات العسكرية، السيد نصر الله بأنه شخصية واسعة الاطلاع، ليس فقط في ما يتعلق بالإسلام أوْ بالنظريات القتالية والعسكرية، بل أيضًا بالاقتصاد والتجارة والأسواق العالمية، وله الفضل في تحويل حزب الله إلى ما هو عليه الآن من قدرة وانتشار وتأثير، كما قال لموقع (WALLA) الإسرائيليّ-الإخباري.
وبحسب ضابطٍ إسرائيليٍّ رفيع في الاستخبارات العسكرية، أضاف مُحلل الشؤون العسكريّة في الموقع، أمير بوحبوط، يعد السيد نصر الله خبيرًا بمشاعر الجمهور الإسرائيلي وتطلعاته وأسباب قلقه، وهو يطلع على الأخبار والتعليقات الإسرائيليّة يومًا بيومٍ، بما يشمل كل ما ينشر في الصحافة الاسرائيلية، وهناك وحدةً خاصّةً موكل إليها ترجمة ما يرد في العبرية، وتحديدًا صحيفة هآرتس، التي تصدر أيضًا باللغة الإنجليزيّة، كما تصل إليه تباعًا اختصارات عن سيرة حياة الشخصيات العامّة في "إسرائيل"، يعمل على ذكرهم في خطاباته، للتأثير في وعي الإسرائيليين.
علاوة على ذلك، لفت الموقع إلى أنّ ضابطًا رفيع المستوى في الجيش الإسرائيليّ أكّد، إضافة إلى ذلك، أنّ "إسرائيل" أولت اهتمامًا كبيرًا لأداء السيد نصر الله بعد استشهاد نجله هادي في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي، وقال إنّ السيد نصر الله لم ينجر وراء مشاعر الأبوة وكبت حزنه وأخفاه عن الجمهور، ولم يسع بشكلٍ حثيثٍ إلى استعادة جثة نجله، وهذا هو سر هذا التنظيم، الذي يستند إلى أيديولوجيا دينية.
بالإضافة إلى ذلك، كشف الضابط نفسه، بحسب الموقع، عن أنّ نسخةً من القرآن الكريم وجدت في جيب هادي نصر الله بعد سحب جثته من الميدان، إلّا أنّ "إسرائيل" في عملية التبادل اللاحقة احتفظت بالنسخة لديها، ولم تعدها مع الجثة.
ووصل الأمر إلى قيام كوكبة من الأطباء الإسرائيليين، المُختّصين في عمل الدماغ إلى تحليل شخصية السيد نصر الله عن طريق استخدامهم لصوره خلال الخطابات ورفعه أحد أصابع يده اليمنى، ولماذا يستخدم أيضًا أصابع يده اليسرى، وما هو السبب الذي يدفعه أحيانًا إلى استخدام يديه الاثنتين. وشدّدّ أحد الباحثين، الذي نشر نتائج البحث على موقع الطبّ البديل، على أنّ الجهة اليُمنى من الدماغ تؤكّد على القيم التي يحملها الإنسان، وعلى الطموحات والأحلام، أمّا الجهة اليسرى فإنّها تدُلّ على العملياتيّة في الحياة اليوميّة، بحسب قوله.
*زهير أندراوس - رأي اليوم