منعطف جديد وخطير تمر به المنطقة بعد إعلان المبعوث الأممي في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، فشل التوصل إلى تجديد الهدنة، و تواجه الرياض و الامارات ضغوطا غير مسبوقة بعد تلويح أنصار الله بعودتها إلى الميدان. فإلى أين تسير التطورات وماهي تداعيات انهيار الهدنة !؟ وهل الإمارات قادرة على حماية امنها ؟
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- تصاعدت حدة التوترات بين أطراف الهدنة في اليمن التي وصلت عملية تجديدها للمرة الرابعة إلى طريق مسدود بعد ما وصفت الامم المتحدة مطالب صنعاء بالتجعيزية والمتطرفة.
و تسعى صنعاء في تحقيق هدنة شاملة وحقيقية تصون المصالح الوطنية للشعب اليمني المتمثلة، في رفع الحصار عن الموانىء والسفن والمطارات، ووصول النفط والمحروقات والمواد الغذائية بصورة اوسع، وفتح المطارات بصورة طبيعية أمام الملاحة الجوية، ودفع مرتبات العسكريين ولكن رفضت الشرعية والتحالف الداعم لها مطالب صنعاء مادعى جماعة انصارالله لاطلاق تحذيرات جدية ولكن هذه المرة بدون خطوط حمراء. وفق وزير الدفاع اليمني.
و حذرت قبل أيام، حركة أنصار الله باستهداف منشآت الطاقة في السعودية والامارات مجددا في أعقاب انتهاء هدنة وقف إطلاق النار التي استمرت لستة أشهر. ويعتبر تحذير سلطة صنعاء أكبر تهديد يواجه السعودية والامارات معا في الوقت الراهن مما يضع دول التحالف في حالة تأهب محتملة لأنظمة الدفاع.
ففي عام 2019، علقت السعودية – أكبر مصدر للنفط الخام بالعالم – نصف إنتاجها من الذهب الأسود بسبب ضربة بطائرة بدون طيار على منشآت شركة أرامكو المملوكة للدولة، تبنتها جماعة انصار الله في اليمن. و في آذار/ مارس 2021، تعرّضت مصفاة الرياض لتكرير النفط لهجوم بطائرات مسيرة أدى إلى اندلاع النيران فيها.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، استهدفت جماعة انصار الله الحوثيون محطة توزيع للمنتجات البترولية تابعة لشركة أرامكو بصاروخ في شمال مدينة جدّة. ووقع الهجوم في وقت تمر فيه أسواق النفط العالمية بحالة من التخبط على وقع العملية العسكرية في روسيا واحتمالية تأثر إمدادات الطاقة بسبب الحرب.
وفي وقت لاحق استهدافا جماعة انصار الله العمق الاماراتي مطاري دبي وأبو ظبي، ومنشآت "حساسة" في الإمارات بـ5 صواريخ باليستية، وعدد "كبير" من المسيّرات، اسفرت عن ، انفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية، ووقوع حريق في منطقة الإنشاءات الجديدة قرب مطار أبوظبي، وأسفر أحدهما عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 6،فهل الإمارات قادرة على التصدي لهذه الهجمات؟
واستقبلت الرياض والامارات وحلفائهم تحذيرات صنعاء على محمل الجد خصوصا بعد ما أظهرت الهجمات السابقة التي نفذها الحوثيون على المنشآت النفط السعودية ضعفا عسكريا لدى المملكة.
وفي السياق نفسه يعتبر الاقتصاد الإماراتي من الاقتصادات التي تعتمد على السياحة والتجارة، بالإضافة إلى النفط. وبالتالي لا تحتمل الى أعمال عسكرية وتهديدات خارجية، وهو الامر الذي وجد الحوثيون فيه ضالتهم.
و ليس من مصلحة السعودية والامارات تعريض منشآت النفط لديهم للتهديد خصوصا ان صنعاء نفذت هجمات ناجحة سابقا ولا يحتاج امر "اخراج منشآت النفط عن الخدمة" إلا الى اوامر التنفيذ فقط !؟
ومن الواضح ان الخسارة من عدم الاستجابة لرؤية صنعاء في تمديد الهدنة ستكون لها تداعيات اوسع نطاقا خصوصا ان التحذيرات تأتي على وقع قرار منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها "أوبك بلس" في خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، القرار الذي تسبب في حالة غير مسبوقة من الهلع والغضب في واشنطن واوروبا ، نظرا لما له من تداعيات سياسية واقتصادية سلبية على الولايات المتحدة وحلفائها والدول المستهلكة للنفط على حد سواء.
ذكاء قادة صنعاء في ادارة دفة الحرب
أظهر أنصار الله تفوق قل نظيره في الميدان والسياسة ويستطيع المتابع أن يلاحظ كيف ان العقل الذي يدير دفة الحرب يتمتع بقدر كبير من الدهاء الذي يدفعك إلى احترامه والاعتماد عليه كقوة فاعلة من خارج دائرة الهيمنة الأمريكية.
في بداية الحرب، كان رد الحوثيين في الغالب على السعودية يقتصر بضرب أهداف على طول الحدود السعودية مع شمال اليمن.
لكن نطاق تطور أسلحتهم قد زاد بسرعة ، مما مكنهم من استهداف المواقع الحساسة بدقة ومع الوقت أصبحت قوة قادرة على تنفيذ هجمات تتجاوز حدود اليمن و إحداث تحوّل سياسي أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط.
وساهم دعم الحلفاء من بناء ترسانة أسلحة ضخمة لصنعاء تضم عددًا من صواريخ كروز والصواريخ البالستية وقوارب كاميكازي المسيّرة و طائرات مسيّرة بعيدة المدى. بينما الرياض التي تخوض حرب "الاضطرار" ليس لديها حليف استراتيجي على الأرض وتعاني من ضعف عسكري في صد الهجمات اليمنية كما ذكرنا سابقًا .
وساعد التطور الذي تشهده التقنيات العسكرية من توسيع نطاق أهدافها عبر شبه الجزيرة العربية وتضخيم تهديداتها على المنشآت النفطية في دول الخليج(الفارسي) - حلفاء الولايات المتحدة- و جعلت الجهود السعودية لإنهاء الحرب بعد أكثر من سبع سنوات من التدخل أكثر إلحاحًا.
و أثبتت سنوات الحرب أن "الشرعية" والتحالف الداعم لها بدت عاجزة عن تحقيق اي انتصارات تذكر وجرى التعامل مع ''سلطة الأمر الواقع'' في صنعاء بالندية؛ وبات من الواضح ان احتمالية تحقيق "حلم" الرياض بالحسم العسكري اصبحت منعدمة.
كل هذه التحولات لا تشي الا بتغيير في موازين القوى ليس لصالح سلطة صنعاء فحسب وإنما في المنطقة برمتها.
وفي الاخير تشير جميع تلك المعطيات الى ان الرياض والامارات بين امرين احلاهما مر فان قبل دول التحالف بشروطها ربحت انصار الله لان صنعاء سوف تسترد مسروقاتها من الطاقة دون رصاصة واحدة، وان رفض خسرت لأنها سوف تقضي على ما تبقى من مخزونه الاستراتيجي في الطاقة بصواريخه البالستية.
محمد ناس - صحفي بحريني