نشرت "انترسيبت" تقريرا، قالت فيه إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم تقم بخطوات ملموسة لتحقيق المحاسبة على مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ولم تتحرك باتجاه الإعلان عن تحقيق مستقل، رغم مطالبة أعداد من أعضاء الكونغرس به.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- واستشهدت أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة، في 11 أيار/مايو أثناء تغطيتها لمداهمة "إسرائيل" مخيم جنين بالضفة الغربية. وأصيبت برصاصة في رأسها مع أنها كانت ترتدي سترة تظهر وبوضوح أنها صحفية وبعيدة عن المكان الذي تدير فيه "إسرائيل" عمليتها.
وشجبت منظمات حقوق الإنسان والجماعات الداعية لحماية الصحفيين حول العالم عملية القتل. وقامت عدة مؤسسات صحفية عالمية وبارزة وفي غضون أسابيع من مقتلها بسلسلة من التحقيقات، إضافة إلى تحقيق أجرته الأمم المتحدة وكشفت أن "إسرائيل" هي التي قتلت أبو عاقلة، في وقت أشار فيه تحقيق الأمم المتحدة إلى أن عملية الاستهداف كانت "مصوبة بشكل جيد".
لكن المسؤولين الأميركيين لم يتخذوا إجراءات ملموسة والتحقيق في قتل "إسرائيل" لمواطنة أميركية، ولا يتضح أن لدى الإدارة خططا بهذا المعنى. والتقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الشهر الماضي مع أفراد من عائلة أبو عاقلة بالعاصمة واشنطن، في أعقاب تجاهل دعوتهم مقابلة الرئيس جو بايدن أثناء زيارته للشرق الأوسط في تموز/يوليو.
ولم يقدم بلينكن أية التزامات لهم باستثناء التأكيد على الشفافية والتواصل المباشر، والذي وعد به عندما قالت العائلة إنها تعرف عن بيانات الحكومة الأميركية من الأخبار وليس من المسؤولين الأميركيين مباشرة. وقالت لينا أبو عاقلة، ابنة أخ شيرين "لم تكن هناك وعود ولا التزامات وعبرنا عن قلقنا وعبرنا عن خيبة أملنا من الطريقة التي تعاملت فيها الولايات المتحدة مع مقتل شيرين. كما عبرنا عن السخافة التي تدفع عائلة مواطنة أميركية للطلب من الولايات المتحدة عمل الحد الأدنى".
وقالت أبو عاقلة في مقابلة مع الموقع إن بلينكن بدا صادقا في تعزيته العائلة "لكن لم يكن هناك أي شيء جوهري". وأخبر بلينكن العائلة بأن القضية الرئيسية وهي التحقيق المستقل هي خارج صلاحيات وزارة الخارجية ولا يمكنها تحويل القضية إلى وزارة العدل لكي تفتح تحقيقا.
وأضافت: "في معظم الوقت كانت هناك مراوغة وغياب في الأجوبة". ولم تسمع العائلة منه منذ الزيارة، رغم وعده بالتواصل معها وإخبارها بأي معلومات.
وعلمت العائلة من التقارير الإعلامية أنه طلب من "إسرائيل" التعجيل في إنهاء تحقيقها و"لكن ليس هذا ما طلبنا منه" و"لأننا نعرف النتيجة ولا نتوقع أي شيء من الإسرائيليين، وما نتوقعه هو أن تعمل الولايات المتحدة واجبها".
ورفضت وزارة الخارجية والعدل التعليق بناء على طلب من الموقع. وعندما زارت العائلة واشنطن فقد التقت مع عدة أعضاء في الكونغرس، تحدث عدد منهم علنا دعما للعائلة وسعيها لتحقيق العدالة. وتبعت اللقاءات سلسلة من البيانات ومشاريع قرارات في الكونغرس بعد أسابيع وأشهر من مقتل أبو عاقلة.
وتشمل هذه الجهود رسالة دعمها أندريه كارسون، النائب عن انديانا ولو كوريا، عن كاليفورنيا وبيل باسكريل عن نيوجرسي ووقع عليها 57 عضوا في الكونغرس تطالب الخارجية وأف بي أي ووزارة العدل بالتحقيق في القتل. ورسالة مشابهة دعمها السناتور الديمقراطي عن ميرلاند كريس فون هولين و23 آخرين من مجلس الشيوخ طلبوا أجوبة بشأن رد الحكومة الأميركية على القتل.
وأرسل كل من السناتور كوري بوكر وبوب ميننديز عن ولاية نيوجرسي، حيث كانت تقيم أبو عاقلة رسالة طالبا فيها "بالإيجاز السري بشأن التحقيق، بما في ذلك الدور الأميركي". وفي نفس الوقت اقترح كارسون تعديلا على ميزانية الدفاع وبدعم من أعضاء الكونغرس التقدميين ودعوا للتحقيق في مقتل أبو عاقلة وإن استخدم فيه أي أسلحة أميركية. وبعد فشل هذا أعلن كارسون عن تشريع يدعمه بنفسه يدعو إلى نفس النتيجة.
ومع أن كل هذه المقترحات لإجبار الحكومة الأميركية للتعامل مع مقتل أبو عاقلة إلا أنها محدودة في منظورها ولا تعالج الإنتهاكات المنظمة لحقوق الإنسان التي تمارسها "إسرائيل" والتي يمكن للولايات المتحدة التصدي لها بناء على القوانين الأميركية القائمة، بما في ذلك قوانين الدعم الأجنبي وتصدير الأسلحة. وأبو عاقلة، ليست العائلة الأميركية الوحيدة التي تتعامل مع التقاعس الأميركي في أعقاب عملية قتل إسرائيلية.
وفي الشهر الماضي، نشر الموقع تقريرا مطولا عن الكفاح الطويل المستمر منذ سنوات لعائلة الناشطة راشيل كوري التي قتلت في غزة عام 2003، ومحاولتها العبثية الضغط على الحكومة لتحقيق العدالة. وقررت عائلة كوري كسر الصمت بشأن حواراتها الخاصة مع المسؤولين الأميركيين، لخوفها من تعرض عائلة أبو عاقلة لنفس المعاناة.
وقالت سارة كوري: "يجب ألا يطرحوا نفس الأسئلة التي طرحناها بالضبط في 2003" و"سؤالي لإدارة بايدن: ما الذي تفعلونه لعائلة أبو عاقلة ولم تفعلوه لنا لكي تحصل على المحاسبة؟". وبعد اللقاءات في واشنطن الشهر الماضي، شعرت أبو عاقلة أن لديها حلفاء أقوياء في الكونغرس، لكن لم يقع أي تقدم منذ ذلك الوقت.
وأدت تصريحات الدعم القوي لخلق زخم قوي حول القضية التي تحفظ الكثيرون ولوقت طويل لدعمها، لكنها تظل تصريحات في الوقت الحالي. وقال براد باركر، مستشار تشريعي في المركز للحقوق الدستورية الذي عمل مع العائلة لتنسيق اللقاءات مع المشرعين: "أخبرنا العائلة: كل شيء سيتوقف والمهمة تقع على عاتقنا لبناء القضية من جديد".
وقال: "هذه اللقاءات الضيقة التي جرت على مدى السنوات، منذ مقتل راشيل خلقت الزخم الذي يبدو وكأنه خطوة مهمة للأمام على جبهة السياسة، لكنها لم تترجم إلى تحرك ملموس. وربما كان هذا هو الامتحان".
وفي الوقت الحالي ستواصل عائلة أبو عاقلة الضغط على الولايات المتحدة لكي تتحرك فيما وصفته لينا أبو عاقلة بأنه مزيج من الأمل والشك و"لو لم تجر الولايات المتحدة التحقيق، فماذا يظهر؟ إنها تعطي الضوء الأخضر لبقية الحكومات لاستهداف المواطنين الأميركيين والصحفيين الأميركيين دون خوف من المحاسبة". و"نعلق أملنا في الوقت الحالي على أعضاء الكونغرس الذين لديهم القوة لإحداث التغيير، وبهذا المعنى لدينا أمل، وكان بإمكان الولايات المتحدة عمل شيء منذ اليوم الأول واختاروا عدم التحرك".
المصدر:عربي 21