أعلنت أرامكو اليوم الأحد عزمها رسميا طرح وإدراج جزء من أسهمها للاكتتاب العام في البورصة المحلية، وسط جدل بشأن تقييم الشركة بين طموحات ولي العهد محمد بن سلمان.
طهران- وكالة نادي المراسين الشباب للأنباء- يأتي ذلك بينما سجل المؤشر الرئيس للبورصة السعودية تراجعا حادا اليوم بنحو 2%، بفعل تكهنات ببيع مستثمرين للأسهم انتظارا للطرح العام لأرامكو.
واعتبر رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان اليوم الأحد أن الطرح العام الأولي لأرامكو هو "خطوة مهمة لتحقيق رؤية 2030". وأوضح أن "حصول أرامكو على موافقة هيئة السوق المالية على الطرح العام، يعني أن تبدأ عملية الاكتتاب العام للشركة رسميا".
والاكتتاب العام لأكثر شركة تحقيقا للأرباح على مستوى العالم هو حجر الزاوية في خطة بن سلمان الاقتصادية.
فشل التقييم
رغم أن ولي العهد حدد في مطلع 2016 تقييما للشركة يصل إلى تريليوني دولار، فإن مصرفيين ومسؤولين بالشركة يقولون إن قيمة أرامكو أقرب إلى 1.5 تريليون دولار.
وكانت الحكومة السعودية تأمل جمع مئة مليار دولار -وفق قيمة للشركة تقدر بتريليوني دولار- في عملية تأجلت مرارا لعوامل عدة، بينها انخفاض أسعار النفط.
اعلان
وتقرر تأجيل الاكتتاب أكثر من مرة، لأن تقييم الشركة وفقا لحسابات المصرفيين بعد اجتماعات مع مستثمرين محتملين، كانت دون مستوى ما يتطلع إليه بن سلمان.
ويتوقع مراقبون طرح النسبة الضئيلة من شركة النفط العملاقة على أساس تقييم للشركة بين 1.5 تريليون دولار و1.7 تريليون، مما يعني أن ولي العهد قرر التراجع عن السقف الذي سبق أن حدده.
وقال كريستيان أولريشسون الباحث في معهد بيكر في الولايات المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية "يبقى أن نرى ما إذا كانت السلطات السعودية ستتوصل إلى تسوية بين ما يريده ولي العهد وواقع تقييم أرامكو في السوق".
ورأى الباحث أن "تأجيل الطرح مرارا وتقديمه على أنه مكون رئيسي في خطة ولي العهد لتحويل السعودية، يجعل المستثمرين الدوليين يراقبون عن كثب أداء أرامكو في السوق المحلية".
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قالت شينزيا بيانكو -الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- إن خطوة الطرح في السوق المحلية "لا تواجه عراقيل مهمة مقارنة بالعملية ذاتها في البورصة الدولية".
وتابعت أن الخطوة المحلية "تسمح للأمير محمد بأن يظهر أنه حافظ على وعوده" بشأن الاكتتاب العام.
هل هو أكبر طرح عالمي؟
على الأرجح ستباع أسهم مجموعة النفط السعودية العملاقة في منتصف ديسمبر/كانون الأول، على أن تلي ذلك عملية طرح ثانية في بورصة عالمية في موعد لم يتّضح بعد.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر إن الشركة ستصدر نشرة الطرح الأولي في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني.
وحتى مع تقييم أرامكو عند 1.5 تريليون دولار، ستظل قيمتها أعلى 50% على الأقل عن الشركتين الأعلى قيمة في العالم، مايكروسوفت وأبل، اللتين تبلغ القيمة السوقية لكل منهما نحو تريليون دولار.
لكن طرح 1% من الأسهم سيجمع نحو 15 مليار دولار فقط لخزائن الدولة، أي أقل من الرقم القياسي الذي حققته شركة علي بابا الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية من طرحها الأولي وبلغ 25 مليار دولار في 201، وفق ما أوردت رويتر.
وتظهر بيانات رفينيتيف أن الطرح سيضع أرامكو في المرتبة الحادية عشرة لأكبر طرح أولي على الإطلاق.
أما بيع 2% من أسهم أرامكو مع تقييمها عند 1.5 تريليون دولار سيجعلها صاحبة أكبر طرح أولي على الإطلاق، متفوقة على علي بابا.
وقالت مصادر لرويترز إن شركة النفط قد تطرح ما بين 1% و2% من أسهمها بالبورصة المحلية لتجمع بين 20 و40 مليار دولار.
وحاولت السلطات السعودية تحفيز السوق المحلية على الاكتتاب في الشركة قبل عملية الطرح، وذلك عبر دعوة العائلات الثرية إلى شراء حصص، بينما روّجت وسائل إعلام محلية لعملية الشراء على أنها عمل وطني.
لا إدراج دوليا
لا إدراج دوليا في أي سوق أجنبية حتى الآن، هذا ما صرح به رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان.
الرميان قال في مؤتمر صحفي "بالنسبة للاكتتاب (الدولي)، سنعلمكم بذلك في الوقت المناسب. حاليا، الاكتتاب في تداول (السوق المحلية) فقط".
وظلت وول ستريت في حالة ترقب شديد لبيع أرامكو -أكبر شركة نفط في العالم- لحصة منذ أن أعلن محمد بن سلمان النبأ قبل ثلاثة أعوام.
وتحطمت الآمال في إدراج دولي ناجح لنحو 5% من أسهم الشركة عند وقف البيع العام الماضي، وسط جدل بشأن مكان إدراج أرامكو في الخارج.
وقالت أرامكو اليوم إنها تنوي الإعلان عن إجمالي توزيعات أرباح نقدية للأسهم العادية بقيمة 75 مليار دولار على الأقل في 2020.
وسيعني هذا عائدا للسهم قدره 5% في حال تقييم الشركة عند 1.5 تريليون دولار، وهو أقل من ذلك الذي يعرضه منافسون مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل.
اعلان
وبحسب بيانات رفينيتيف، فإن توزيعات الأرباح في شل تزيد على 6% وفي إكسون أكثر من 5%.
وأعلنت أرامكو صافي ربح قدره 68 مليار دولار لفترة الأشهر التسعة المنتهية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
مخاوف
يرى مراقبون أن الهجوم على أرامكو منتصف سبتمبر/أيلول الماضي أدى إلى تنامي مخاوف ترافق المستثمرين العالميين إزاء قدرة المملكة على حماية واحد من أهم منشآت الطاقة العالمية.
لكن أرامكو قالت في البيان إنها لا تتوقع أن يكون للهجمات أثر جوهري على الأعمال أو الوضع المالي أو نتائج الشركة.
كما ترفع كبرى شركات النفط مدفوعات حملة الأسهم لمواجهة الضغط المتزايد من ناشطي المناخ.
ودفع تنامي حركة مكافحة تغير المناخ واستخدام تقنيات جديدة تراعي البيئة، بعض مديري الصناديق، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، للابتعاد عن قطاعي النفط والغاز.
لكن الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر قال خلال المؤتمر الصحفي إن شركة أرامكو تركز على الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
سوق الأسهم.. مكاسب مؤجلة
نقلت رويترز عن صلاح شما مدير الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى فرانكلين تمبلتون لأسهم الأسواق الناشئة قوله إن بعض المستثمرين المحليين قد يبيعون أسهما أخرى من أجل تحويل استثماراتهم إلى أرامكو، في حين سيصبح "ألما آنيا لتحصيل مكاسب آجلة".
وعبر مراقبون في وقت سابق عن اعتقادهم بأن الطرح العام الأولي لأرامكو ربما مارس ضغوطا على سوق الأسهم السعودية.
وقال المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية طه عبد الغني للجزيرة نت في وقت سباق "إذا كان الإدراج محليا بسعر تفضيلي فإن ذلك سيشكل فرصة جيدة للمتعاملين. على هذا الأساس سيبيعون أسهمهم الحالية في انتظار بدء الطرح العام".
وتراجعت الأسهم السعودية بشكل حاد اليوم الأحد تحت تأثير أسهم الشركات المالية والبتروكيماويات.
وهبط المؤشر السعودي 2.3% خلال الساعات الأولى من التداول، قبل أن تقلص بعض خسائرها ليغلق المؤشر الرئيس منخفضا نحو 2%.
وشهدت جلسة اليوم تراجعا لأغلب الأسهم المتداولة، تقدمها سهم "مصرف الراجحي" بنحو 2%، في حين أغلق سهم "سابك" متراجعا 1%.
وخلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي هبط المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية 4.7%.
المصدر : الجزيرة + وكالات,مواقع إلكترونية