خلال شهر واحد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتراجع خطوتين الى الوراء في مواجهة إيران وحماية حلفائه الإقليميين الذين يسعرون جذوة العداء مع إيران دونما مبرر وخدمة لمن يتراجع اليوم وقد اسقطت طائرته فوق مياه مضيق هرمز على مرأى من حاملات الطائرات والقواعد العسكرية الامريكية المنتشرة على الضفة العربية في الخليج.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- مع بداية التصعيد الأمريكي ضد إيران ودخول العقوبات الامريكية على إيران مرحلتها الثانية في نوفمبر 2018م بتصفير الصادرات النفطية الإيرانية، هددت إيران بانها لن تقف مكتوفة الايدي امام خنقها اقتصاديا، وحذرت الدول الخليجية من مغبة المضي في اختلاق العداء معها خدمة للأمريكيين وإسرائيل، وكرد على ذلك أطلق الرئيس الأمريكي تهديده باعتبار أي اعتداء إيراني على مصالح الحلفاء اعتداء على أمريكا ذاتها.
في مايو الفائت تعرضت ناقلات النفط التابعة للسعودية والامارات لهجوم أسفر عن اعطاب تسع ناقلات نفطية في ميناء الفجيرة، تراجع ترامب مهددا طهران برد قاس في حال مس بالمصالح الامريكية المباشرة، اسقطت طهران طائرة امريكية مسيرة هي الأعلى تطورا وكلفة في العالم، فتراجع ترامب مرة أخرى ولم يرد مصيبا حلفاؤها بالدهشة والخيبة.
فلماذا قرر التراجع؟ وبلع الإهانة الجديدة وغبار الإهانة التي وجهها له المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي.
بديهي أن ما يمنع واشنطن من الذهاب الى حرب مع إيران ليس الان ومنذ عهد الإدارات الامريكية المتعاقبة هو قوتها، وتطورها العلمي والعسكري الداخلي، وكلفة أي حرب قد تشن عليها، وتعارض الحرب مع وعود ترامب الانتخابية بجني الأموال وصفر حروب مباشرة تتحمل كلفتها الولايات المتحدة.
وبديهي أيضا إدراك واشنطن ان عواقب التراجع الثاني في مواجهة التحدي الإيراني بإسقاط الطائرة الامريكية المسيرة فوق مياهها الإقليمية سيكون له عواقبه، وقد يؤدي الى انفراط عقد الحلفاء الإقليميين وصفقة القرن، ولابد من رد امريكي محدود لا يدفع باتجاه رد إيراني.
الميدان السوري وفق محللين وخبراء كان المرشح للرد الامريكي على إهانة اسقاط الطائرة المسيرة، حيث القواعد الإيرانية، وليست لطهران حساسية بالقدر الذي فيما لوقع رد عسكري امريكي على أراضيها بحسب متابعين.
وفيما تفسح الولايات المتحدة الامريكية لحلفائها الغربيين وعلى راسهم باريس بالتوسط وتنفيس التصعيد الحاصل في منطقة مضيق هرمز الذي بلغ ذروته ويهدد بالانزلاق الى حرب لاترغب بها الولايات المتحدة وإدارة ترامب المقبلة على انتخابات.
نرى البيت الابيض يندفع باتجاه التصعيد في اليمن ويطير برايان هوك المبعوث الأمريكي للملف الإيراني ليتباحث مع مسئوليها حول ماسماه الطرفان التصعيد الإيراني في المنطقة عبر وكلائها وتامين باب المندب، وفي اليوم التالي يسرب البيت الأبيض خبر اتصال الرئيس الامريكي بولي العهد السعودي وفي الخبر ان الاتصال تناول التصعيد الإيراني في المنطقة، وبين زيارة هوك واتصال ترامب ببن سلمان شنت طائرات التحالف غارات جوية على الحديدة في انتهاك فض لاتفاق استكهولم بشأن الحديدة.
والسؤال هنا هل ارتدى ترامب العقال، واقتنع بماتقوله "العربية" وذهب ليرد على الضربة الإيرانية في اليمن؟
قطعا.. لا
وهل اقتنع الجنرالات الامريكيون بان العقل اليمني ليس قادرا على البناء والتطور في الصناعة العسكرية، والأسلحة التي تضرب بها الرياض وأبو ظبي الحاقدتين تأتي من إيران ويطلقها إيرانيون لم يعثر لهم على اثر طوال 5 سنوات من الحرب؟
مجددا.. لا
فالإدارة الامريكية وفي تقرير للسفارة الامريكية في صنعاء قبيل مغادرتها في العام 2014م تصف أنصار الله بالاستقلالية في القرار، وبان لا دلائل واقعية على تبعيتهم لإيران؟
لكن الواقع الذي فرضه التحدي الإيراني وبالنظر الى تبعات أي رد عسكري امريكي في الأراضي الإيرانية على سلامة القوات الامريكية في الخليج والتواجد الأمريكي في العراق وسوريا والخليج وعلى بقاء إسرائيل ، وعواقب ذلك على الانتخابات الامريكية الرئاسية وتأثيراتها على فرص فوز ترامب لولاية رئاسية ثانية وإسرائيل ، يظهر اليمن لدى ساكن البيت الأبيض خاصرة رخوة مقارنة بايران القوية للحفاظ على المصالح الامريكية في باب المندب في مقابل المصالح التي تنهار في نضيق هرمز فعليا حيث يؤكد الايرانيون سيادتهم الفعلية رغم الحضور العسكري الأمريكي ..
والامر الاخر.. الميدان السوري اضحى ثانويا بالنسبة لحلفاء واشنطن الأثرياء باستثناء إسرائيل طبعا، والرد في الساحة اليمنية سيكون مرضيا للحلفاء للمذعورين من تنامي القدرات اليمنية وانكشاف ساحتهم الداخلية بشكل غير مسبوق، والضاجرين من حالة اللاحرب واللاسلم مع طهران، وشيكاتهم جاهزة لتدفع بمزيد من الأموال الى الخزانة الامريكية.
وعلاوة على ذلك فالحلفاء الاغبياء بنظر ترامب حاضرون لتحمل التبعات لوحدهم، وتسويق الانتصار ان وقع على انه انتصار لترامب، وهو انتصار بعيد المنال.
التقارير الميدانية المحلية والدولية، تؤكد بان صنعاء التي تمد يدا للسلام والتزمت باتفاق السويد استعدت باليد الأخرى وتحصنت لمواجهة لحظة الغدر التي يتباحث حولها السعودي والامريكي، وهي امتلكت أسباب القوة لخوض معركة فاصلة تخط نهاية ممالك الرمال وتسدل الستار على أمريكا القوية في الشرق الأوسط.
واللافت في مشهد تسخين الجبهة اليمنية ونسف اتفاق السويد أن الامارات تكاد للمرة الأولى لا تتصدر مشهد التحشيد لمعارك الحديدة والتي يهلل لها السعوديون والامريكيون، وخلال الأيام الماضية لم يزرها مسئول امريكي للتباحث.
تغريدات ضاحي خلفان وعبد الخالق عبد الله مستشار بن زايد تشرح بعضا من الحالة الإماراتية ، فتغريدات الرجلين بلغت حدا غير مسبوق في معايرة الحليف الأمريكي وإدارة ترامب ، وقال السياسيان إن ادارة ترامب وامريكا اصابها الضعف أصابها ، تستأسد فقط على الضعيف ،وتفقد ثقة الحلفاء ، كلام لايمكن ان يصدر دون موافقة المستوى السياسي الأعلى في الامارات الدولة البوليسية بامتياز وفق تقارير دولية وليس توصيفا ، وهو يعبر عن قلق امريكي عميق من ردة فعل طهران التي أعلنت ان الطائرة الامريكية التي اسقطتها انطلقت من أراضي الامارات .
واذا كانت فرصة الامارات لاتزال سانحة للخروج من اليمن، واجراء مراجهة شاملة على مستوى دورها السيء في المنطقة وامتلاك الشجاعة للاعتراف بان ترامب رجل حلب لا حرب.
المصدر: المسیرة