كلما تابعت تطورات الاحداث التي تجري في منطقتنا، وخاصة في الخليج الفارسي، على خلفية الصراع الدائر بين إيران من جانب، وبين التحالف الذي يضم امريكا و "اسرائيل" والسعودية والامارات من جانب اخر، ما يقوم به هذا التحالف ممارسات تتسم بالرعونة والاستخفاف بامن واستقرار المنطقة، ومحاولات ايران التعامل معها بحنكة وحذقة، يقفز الى ذهني، لا اراديا حديث أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي يقول:" والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس".
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- لا يحتاج الانسان لذكاء حاد، ليدرك ان مصلحة "اسرائيل" لم ولن تلتقي يوما مع مصلحة شعوب المنطقة، بل على العكس تماما، مصلحة "اسرائيل" تتناقض بالكامل مع مصالح شعوب المنطقة، فالمصلحتان على طرفي نقيض، فكل الحروب التي شهدتها وتشهدها المنطقة، وكل الكوارث التي حلت وتحل بها، وكل الفتن التي تعصف بها، وكل الصراعات التي تفتك بها، اما هي صنيعة "اسرائيلي" او ان لـ"اسرائيل" دور فيها، فمن مصبلحة "اسرائيل" ان تتقسم بلدان المنطقة وتتشتت شعوبها وتتبدد ثرواتها، فبقاء "اسرائيل" رهن بضعف العرب والمسلمين وبتشتتهم وبصراعاتهم وبانعدام امنهم واستقرارهم.
كما قلنا ان الانسان ليس بحاجة لذكاء حاد ليفهم هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، ولكن ان تتطايق وتتماثل هذه المصلحة "الاسرائيلية" مع مصلحة بعض الانظمة العربية، مهما كانت مبررات ودوافع هذه الانظمة، فهذا امر يصعب فهمه، فهل يعقل ان تعمل انظمة، تدعي تمثيلها لشعوب، على الضد من مصلحة هذه الشعوب؟!، كيف يمكن ان يلتقي أمن "اسرائيل" مع امن السعودية والامارات؟!، كيف يمكن قبول فكرة ان "اسرائيل" حريصة على استقرار السعودية والامارات ومنطقة الخليج الفارسي؟!، بل كيف يمكن ان نتقبل فكرة ان الظروف الحالية هي التي دفعت الى ان تتلاقى المصلحة "الاسرائيلية" مع المصلحة السعودية والاماراتية، لوجود "عدو مشترك" هو ايران، وهي فكرة عادة ما يروج لها الاعلام في السعودية والامارات و"اسرائيل"؟!.
للاسف ان كل ما يقال عن ان النظامين السعودي والاماراتي يعملان على النقيض من مصلحة شعبيهما وبلديها وشعوب وبلدان المنطقة، رغم انه قول في غاية المرارة، الا انه صحيح، فهذان النظامان، وبسبب اعتلاء مراهقين من مراهقي السياسة ومصابين بجنون العظمة العرش فيهما، لا يمتلكان اي اجندة خاصة بهما، تجعل من امن واستقرار المنطقة في صدر اولوياتهما، فهما يسعيان وراء الاجندة "الاسرائيلية" الامريكية حذو النعل بالنعل، دون ان ادراك للتداعيات الكارثية لهذه التبعية العمياء للاجندة "الاسرائيلية" حتى على مصالح السعودية والامارات ايضا.
من بين هذه التداعيات الكارثية، الحرب الاجرامية العبثية المستمرة منذ اكثر من اربعة اعوام على الشعب اليمني، فبالرغم من ان الحرب عرضت امن واستقرار المنطقة الى مخاطر جمة، وانهكت شعوبها وبددت ثرواتها واستنزفت طاقاتها، الا ان السعودية والامارات مازالتا تواصلان هذه الحرب، وبغباء لا يوصف، لمجرد انها من مقتضيات المصلحة "الاسرائيلية" ، وليس هناك من اثر لمصلحة سعودية او اماراتية!!.
ان رفض دعوات ايران للحوار، بشكل متغطرس ومتكبر من قبل السعودية والامارات، بل تحريضهما امريكا على شن عدوان على ايران، على ان تتكفلا دفع فواتير العدوان مقدما، رغم علم القيادتين السعودية والاماراتية، ان الحرب في حال وقوعها ستشعل المنطقة وفي مقدمتها السعودية والامارات، دليل صارخ على ان الحرب التي يصر عليها بن سلمان وبن زايد، هي مصلحة "اسرائيلية" ، فاين مصلحة السعودية والامارات في رد الدبلوماسية والحلول السياسية لمشاكلهما مع ايران؟، واين مصلحتمها في نشوب حرب في منطقة في غاية الحساسية مثل منطقة الخليج الفارسي؟.
ان التطورات التي يشهدها الخليج الفارسي، والمسرحيات الهزيلة التي تقف وراءها السعودية والامارات و"اسرائيل" ومن خلفهم صقور ادارة ترامب من امثال بولتون وبومبيو، بهدف ايجاد مبررات لاشعال الحرب في المنطقة، لهو اكبر دليل على الغباء السياسي الذي يلف ادمغة القيادتين السعودية والاماراتية ، اللتان تعتقدان، ان الانبطاح والذيلية الذليلة للثنائي "الامريكي الاسرائيلي"، وترجيح مصلحة هذا الثنائي على مصالح شعبيهما وشعوب المنطقة، كفيل في ان يضمن بقاءهما في العرش لخمسين عاما القادمة، دون ان يتخذا من مصير طواغيت التاريخ درسا ، الذين استخدموا الحروب، مطية لتحقيق اهدفهم، الا انها لم تصل بهم الى ما يريدون بل كبت بهم الى مزابل التاريخ.
اخيرا، ورغم كل هذه المراهقة السياسية للمحمدين، ورغم كل خبث نتنياهو، ورغم كل حقد وصلف وعدوانية بولتون، الا ان شعوب المنطقة تستشعر شيئا من الثقة بعدم انجرار المنطقة الى حرب مدمرة، بفضل وجود ايران، الدولة الاقليمية الكبرى، التي يتربع امن واستقرار المنطقة في صدر اجندتها، والرافضة للحروب، وهي اجندة تتعارض بالمطلق مع الاجندة "الاسرائيلية الامريكية" المبنية على الحروب والفوضى والنزاعات والفتن.
منيب السائح
المصدر:العالم
انتهى/