انسحب الجيش السوري من كفرنبودة، ودخلتها الفصائل التي تقودها «تحرير الشام» لتتحول البلدة مركزاً لمعارك تبدو طويلة. ومع غياب تفاصيل الحوار التركي ـــ الروسي عن التداول، تحاول واشنطن ومعها شركاؤها الغربيون الضغط لتجميد الجبهات، بما يتيح لاحقاً إدخال «الهُدَن» تحت المظلّة الأممية
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -على وقع تحذيرات غربية من «التصعيد» في جيب إدلب، ووعيدٍ بـ«ردّ مناسب» على أي استخدام مفترض لسلاح كيميائي، تشير معطيات الميدان إلى أن الجبهات ستشهد مزيداً من المعارك العنيفة خلال الفترة المقبلة. فلا التهدئة المُصوغة بين أنقرة وروسيا دخلت موضع التنفيذ، ولا القصف المتبادل توقّف، بل على العكس، حشدت الفصائل بقيادة «هيئة تحرير الشام» قواتها، وهاجمت نقاط الجيش السوري في ريف حماة الشمالي.
وبعد معارك كرّ وفرّ طويلة، انسحبت قوات الجيش من بلدة كفرنبودة عقب اشتباكات عنيفة داخل أحيائها، سبّبت خسائر في صفوف الطرفين. غير أن الانسحاب من البلدة لم يُخرجها من دائرة الاشتباك، إذ تحوّلت إلى مركز لاستهداف الفصائل بسلاحَي الجو والمدفعية، وهو ما سبّب مقتل عدد كبير من عناصرها. وساهمت الألغام التي زرعتها وحدات الجيش داخل البلدة، قبل انسحابها، في قتل وإصابة عدد إضافي من المهاجمين، وفق ما نقلت أوساط معارضة. وإذا ما استمر القصف الجوي والمدفعي على كفرنبودة بالكثافة التي كان عليها أمس، فلن تتمكن الفصائل المسلحة من تثبيت نقاط في داخلها، وقد يفضي أي هجوم منظّم ومدروس لقوات الجيش حينها إلى استعادة السيطرة على البلدة.
ومن المؤكد أن «تحرير الشام»، التي بدا دخولها إلى جانب وحدات «الجيش الوطني» معدِّلاً لتوازنات الميدان، ستبذل جهداً كبيراً للثبات في البلدة، ومحاولة التوسع في محيطها، خاصة أن ذلك يعزز حضورها في منطقة لم تكن سابقاً ضمن إطار هيمنتها. وفي موازاة معارك كفرنبودة، لم تتوقف الاشتباكات على محور كباني في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وسط تعزيز الاستهداف الجوي لنقاط المسلحين، وصولاً إلى جسر الشغور في ريف إدلب.
أكدت أنقرة أنها لن تسحب نقاط المراقبة من محيط إدلب
تعاظم التصعيد يدفع بسؤالين رئيسين إلى الواجهة، أولهما عن طبيعة ما قد تفضي إليه الاتصالات الروسية ـــ التركية، وثانيهما عن الاستثمار المحتمل لموجة الضغط الغربي التي تقودها واشنطن ضد دمشق وحلفائها لوقف المعارك في إدلب. وحضرت بعض التفاصيل المرتبطة بسياق المحادثات الروسية ـــ التركية أمس، من دون أن تعطي تصوراً واضحاً عن فحواها.
إذ تداولت أوساط معارضة أنباء عن أن موسكو أبلغت أنقرة بأنها لن تستطيع ضمان أمن نقاط المراقبة التركية في منطقة «خفض التصعيد» في ظلّ تطورات الميدان الأخيرة، قبل أن يخرج وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، ويؤكد أن بلاده لم ـــ ولن ـــ تخلِ أياً من تلك النقاط. وعادت أوساط معارضة إلى الحديث في ساعات مساء أمس عن إبلاغ تركيا قادةَ الفصائل في إدلب، أن اتفاقات التهدئة بموجب صيغتَي «أستانا/ سوتشي» لم تعد سارية في ظلّ استمرار المعارك، من دون أن يخرج تصريح رسمي عن أي طرف يؤكّد ذلك أو ينفيه.
وسواء أصحّ الأمر أم لا، تؤكد المعلومات الميدانية من طرف الجيش السوري أن هناك استعداداً لمعارك «غير محدودة» من حيث المدّة والجغرافيا في محيط إدلب.
أما الضغط الغربي الذي افتتحته واشنطن عبر بيان من وزارة الخارجية، فيحذّر من «التصعيد» في إدلب ومن «استخدام لسلاح الكيميائي»، فقد استمر أمس عبر تصريحات مماثلة خرجت عن وزارة الدفاع الأميركية، ليتردد صدى تلك التحذيرات في لندن وباريس. الجبهة الثلاثية المشتركة الأميركية ـــ البريطانية ـــ الفرنسية أرادت تأكيد حضور الحلف الذي نسجه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لشنّ الاعتداء على سوريا بحجّة «الكيميائي» نفسها.
وهي تصبّ في الوقت عينه في سياق دعم مقاربة إدارة ترامب حول «الملف السوري»، والتي عبّر عنها الممثل الخاص لوزير الخارجية لشؤون سوريا، جايمس جيفري، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أمس. إذ رأى جيفري أن هناك ضرورة لوقف إطلاق النار في إدلب كما في كل سوريا، لافتاً إلى أن بلاده تسعى إلى ضمان تجميد الجبهات لحين إحراز تقدّم في المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة في جنيف، على أن تجري رعاية الهدنة لاحقاً ضمن إطار القرار الأممي 2254.
الاخبار
انتهى/