كشفت مصادر عربية وفلسطينية رفيعة المستوى عن الموعد شبه النهائي الذي سيقرر فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، طرح صفقته المثيرة للجدل والمتعلقة بحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وفق الرؤية الأمريكية، والتي باتت تعرف باسم "صفقة القرن".
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وأكدت المصادر في تصريحات حصرية لـ"الخليج أونلاين"، أن بعض المسؤولين الأمريكيين المقربين من إدارة ترامب قد أبلغوا شخصيات عربية وخليجية، بأن الموعد الذي تم اقتراحه لترى "صفقة القرن" النور وتقديمها بشكل علني سيكون في ذكرى النكبة الفلسطينية (15 مايو) المقبل.
وأوضحت أن إدارة ترامب قد أنهت فعلياً كل ما يلزم لطرح صفقتها السياسية المنتظرة، وحصلت كذلك على التمويل المالي من الدول العربية وغيرها لضمان تنفيذ بنود الصفقة، التي تركز على الجانب الاقتصادي بنفس تركيزها على أهمية الجانب السياسي في معالجتها للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في المنطقة.
وأكدت المصادر العربية والفلسطينية، التي توافقت على موعد طرح الصفقة الأمريكية وفضلت عدم الكشف عن أسمائها، أن إدارة ترامب أبلغت مسؤولين كباراً في السعودية والإمارات ومصر والأردن بالموعد "الرسمي المتفق عليه حتى اللحظة" لطرح صفقتها السياسية.
لماذا ذكرى النكبة؟
ورغم الرفض الفلسطيني القاطع للتعامل مع الصفقة الأمريكية، فإن المصادر ذاتها أشارت خلال حديثها لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن ترامب قرر عدم الإطالة أكثر بشأن تحديد مصير صفقته، وأمر بأن يكون الموعد المخصص لطرحها في ذكرى النكبة الفلسطينية، التي ستحمل معها دلالات سياسية خطيرة وكبيرة بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وتابعت: "كل الدول العربية وكذلك السلطة الفلسطينية باتت الآن في مرحلة الترقب لطرح الصفقة الأمريكية، وما تحتويه من بنود ستغير الخريطة السياسية للمنطقة بأكملها، خاصة بعد التسريبات الخطيرة التي خرجت خلال الشهور الأخيرة عن بعض بنود تلك الصفقة، التي تستهدف القضية الفلسطينية بشكل مباشر لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي".
وحذرت في ختام حديثها من أن "الجميع يعلم مدى خطورة صفقة القرن الأمريكية، في حال طرحها على شاكلتها الحالية والبنود التي تم تسريبها"، متوقعةً أن تشتعل الأوضاع مجدداً خاصة داخل الأراضي الفلسطينية، وأن تخلق ردات فعل شعبية كبيرة ومتصاعدة لا يمكن التوقع إلى أين ستصل.
يذكر أن المنطقة شهدت خلال الشهور الأخيرة صولات وجولات لمسؤولين أمريكيين ومقربين من ترامب بعضها في الدول العربية لإقناعها بأهمية تنفيذ تلك الخطة وإرساء التسوية في منطقة الشرق الأوسط، وحل الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن التصريحات الإعلامية منهم.
وكانت آخر التصريحات ما كشفه كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنير، عمَّا وصفه بالمبادئ الأساسية لـ"صفقة القرن"، وهي الحرية والاحترام والأمن، زاعماً أن هذه الخطة ستعالج قضايا الوضع النهائي.
بدأت فعلياً
القيادي في حركة "حماس"، نايف الرجوب، أكد أن الصفقة الأمريكية التي وصفها بـ"المشؤومة"، قد بدأ فعلياً العمل بها من خلال الإدارة الأمريكية، والتي شملت قرارات هامة متعلقة بالقضية الفلسطينية كالقدس والضفة، وأخرى عربية كهضبة الجولان ومنح "إسرائيل" السيدة عليها.
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أوضح الرجوب أن تحديد موعد الإعلان في ذكرى النكبة يحمل دلالتين؛ الأولى تتعلق بالاحتلال الذي يصادف ذكرى قيام الكيان في نفس الموعد، وهو تأكيد لطبيعة العلاقة الحميمة بين أمريكا ودولة الاحتلال وأنهما بلد واحد، وأن الكيان هو الولاية 52 من ولايات أمريكا.
والدلالة الثانية بحسب الرجوب، "فيها كل معاني التحدي للعرب الذين يتهافتون على خدمة الأمريكيين وخطب ودهم، وهي صفعة لكل من لا زال يرى أمريكا وسيطاً نزيهاً في حل الصراع"، موضحاً أن إدارة ترامب "لم تعد تقيم أي وزن للعرب، ولم تعد تسأل عن رأيهم او اعتراضهم، فهي تتعامل كأن لا وجود لهم".
دلالات سياسية
بدوره رأى الوزير السابق والمحلل السياسي، أشرف العجرمي، في دلالة طرح الصفقة الأمريكية في يوم النكبة، بأنه "تصفية فعلية للقضية الفلسطينية".
وقال في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين": "إذا أعلن ترامب عن صفقته بموعد النكبة سيكون لاختيار التاريخ دلالة سياسية، قد تكون تصفية القضية الفلسطينية بطريقة الولايات المتحدة، التي لا تعترف بالقرارات والمرجعيات الدولية، وليس حتى في إطار حل سياسي يستجيب للحد الأدنى من الطموحات الوطنية التي عبرت عنها قرارات المجالس الوطنية، وأيضاً قرارات القمة العربية وبالذات قمة بيروت من العام 2002 والمبادرة العربية للسلام".
وأضاف: "مؤشرات الموقف الأمريكي غير مشجعة وتذهب بالاتجاه السلبي، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل".
وتابع العجرمي: "إضافة إلى ذلك فهناك المواقف التي يعلنها طاقم الرئيس الأمريكي، وآخرهم وزير الخارجية مايك بومبيو الذي صرح بأن مشروع التسوية الأمريكي لا يشبه أي مشروع سابق ولا يعتمد على تاريخ المفاوضات ومرجعيات العملية السياسية، وينطلق من الحقائق على الأرض، بمعنى أنه يسلم بالاحتلال والاستيطان، وعليه لا يمكن البناء إيجابياً على أي موقف أمريكي متوقع".
يشار إلى أن "صفقة القرن" هي خطة أعدتها إدارة ترامب بهدف تسوية الصراع في الأراضي الفلسطينية مع "إسرائيل"، ويتردد أنها تتضمن إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة الاحتلال، كما أنها تلقى دعماً من السعودية والإمارات ومصر دول عربية أخرى.
وأعلنت القيادة الفلسطينية رفضها المسبق لخطة السلام الأمريكية؛ بعد أن أعلن ترامب أنها ستُسقط موضوع القدس من طاولة المفاوضات، كما أوقفت القيادة الفلسطينية اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأمريكية؛ بعد إعلان ترامب، في السادس من ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وكانت القناة العبرية العاشرة الإسرائيلية كشفت مؤخراً أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أخبر مسؤولين يهوداً أمريكيين بأن أمام الفلسطينيين خيارين؛ إما القبول بعملية السلام، التي باتت توصف بـ"صفقة القرن"، وإما "التوقف عن الشكوى".
وتتمسك الرياض وأبوظبي بطرح "صفقة القرن" الأمريكية، على الرغم من الرفض الفلسطيني القاطع لها؛ لما تحمله من مخاطر كبيرة تهدد مستقبل قضيتهم.
انتهی/