كانت عملية حرف مسار الربيع العربي بما يخدم عملية التطبيع والمشروع الاميركي الاسرائيلي، تحتاج لادوات جديدة على الساحة العربية كما كانت بحاجة لتحييد دول تشكل عقدة كبيرة امام هذا المشروع
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - فمع بدء مرحلة ما بعد الربيع العربي، بدأت عملية استهداف دولتين تعتبران عائقا كبيرا امام التطبيع، وهما العراق وسوريا. وهنا بدأت الخطوة الاولى المتمثلة بالحرب على سوريا والتي "وان بدأت بتظاهرات سلمية" تحولت الى حرب طرفها الاول الدولة السورية والطرف الاخر الارهاب الذي لا يعلم احد كيف وبسرعة قياسية اصبح داخل البلاد. كما لا يمكن ان يصدق احد ان وصول عشرات الالاف من الارهابيين من دول اوروبية وعربية وبسرعة كبيرة الى سوريا ومنها فيما بعد الى العراق حصل بدون تخطيط وتحضير مسبقين. تماما كما حصل في ليبيا ايضا والتي للمناسبة كانت بصمات برنارد ليفي حاضرة فيها بعد الاطاحة بمعمر القذافي.
اما في العراق فكان الوضع يحتاج لخضة قوية تمثلت بادخال جماعة داعش الارهابية الى البلاد عام 2014 ونشر العنف والقتل هناك، لتنشغل البلاد في السنوات اللاحقة بمحاربة الارهاب، وتقديم تضحيات كبيرة في سبيل تخليص العراق والمنطقة والعالم منه.
وهكذا تمكن مشروع ليفي ومن يحركه من تحييد سوريا والعراق لوجيستيا اذا صح التعبير، والتفرغ لتجهيز الساحة للمشروع المراد تنفيذه. فمع توهان مصر في مرحلة ما بعد الثورة وتحييد العراق وسوريا، تم ملء الفراغ في الساحة العربية بالدول التي بقيت بعيدة عن الربيع العربي وربما عمدا، والتي كما قلنا الاكثر حاجة للتغيير. هذه الدول ولانها كانت غائبة عن التاثير في القرار العربي قبل عقود، وجدت فرصة لتظهر نفسها قائدة للعالم العربي دون الحاجة للتمسك بثوابت معينة او مبادئ عربية رسختها العقود السابقة.
وهنا بدات عملية الترويج للتطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي تدخل مرحلة جديدة. ترافقت مع عملية تشويه سمعة المحور الذي يواجه التطبيع. فكانت عملية "شيطنة" حركات المقاومة في المنطقة.. من حزب الله الى حماس مرورا بالحشد الشعبي الذي حارب داعش في العراق. ومن خلف هؤلاء كانت عملية تشويه صورة ايران متواصلة.
ومع تشويه سمعة محور المقاومة كانت المقارنة في المقابل وعفويا في بعض الاوقات مع نظرية السلام المزعوم مع كيان الاحتلال، حتى وصل الامر الى مرحلة اعتبار الثوابت العربية والفلسطينية مرفوضة كونها ترتبط بحركات المقاومة التي بدورها تعتبر ارهابية كما تروج الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي ومعهما الدول العربية التي نصبت قائدة للعالم العربي.
ولان هذه الدول تمتلك قدرات اعلامية وبامكانها استخدام اموال النفط لمشروعها، واكثر من ذلك.. لان هذه الدول لديها منظومات حاكمة سلطوية ولم تشهد عملية سياسية حقيقية، من الطبيعي ان يظهر فيها من يروجون للتطبيع من الوسط الاعلامي والفني والثقافي والرياضي وغيره وبأمر من الحكام...
وهكذا وصل المشروع الاميركي الاسرائيلي الى المرحلة الحالية، بعد تجاوز العقبة العربية عبر تجنيد الكثير من الحكومات العربية لصالحه، وبطبيعة الحال الترويج لدى مجتمعات هذه الحكومات بان التطبيع هو الخلاص من حركات المقاومة المصنفة ارهابية والازعاج الذي تسببه للمجتمعات العربية بحسب هذا المشروع..
وبناء عليه لم يعد مستغربا اعلان ترامب حول الجولان ولا اعلانه السابق حول القدس، ولن يكون مستغربا اذا ما خرج لاحقا واعترف بسيادة الاحتلال على الضفة او مزارع شبعا اللبنانية.. لكن ما لن يكون مستغربا ايضا هو ان ترامب وشركاءه الاسرائيليين والعرب غفلوا عن واقع ان المشاريع التطبيعية اذا تم الترويج لها في دول عربية معينة، لا يعني انها ستنجح هناك لان في تلك الدول فئات واسعة تتمسك بثوابت القضية العربية والفلسطينية، وحتى لو نجحت فذلك لا يعني انه يمكن استنساخها في مجتمعات عربية اخرى.. وهنا التحدي الاكبر والاقوى امام ترامب ومن معه.
حسين الموسوي
انتهى/