لا يختلف عاقلان على أن التسخين والتصعيد الذي تعتمده جبهة النصرة الإرهابية في ريفي حماة واللاذقية على مواقع الجيش والمدنيين ولاسيما في مدينة محردة، هو كمن يعاني سكرات الموت قبل مغادرة الروح الجسد.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - ذلك أن كل المؤشرات والدلائل تؤكد أن عملية جراحية لابد منها لاستئصال الورم الخبيث من إدلب وتحريرها، والمؤكد أن موعدها بدأ يقترب من ساعة الصفر لذلك تلجأ النصرة ومن لف لفها وسار في ركبها إلى هذا السلوك عملاً بمقولة إن أفضل وسيلة للدفاع الهجوم.
والحق أن هذه المقولة زيادة على أنها ذات هوية وطابع ذئبي فإنها تحمل ما تحمل من التهور وغياب الحكمة والتعقل، فضلاً عن اتسامها بالجبن والحمق والغباء وعدم المقدرة على اقتناص الفرص وتوظيفها في سبيل الخير والعقلانية ولاسيما في ظل تثني فرص ووسائل أخرى منهجية تتمثل فيما تتمثل بالمصالحات.
الحق أيضاً أنه لولا أن الجانب الروسي لا يريد كسر الجرة مع الأتراك ولولا وجود أكثر من مليوني مدني، لكان تحرير إدلب قد تم وانتهى منذ آب الماضي حيث كانت المؤشرات كلها تؤكد أن قراراً بهذا الشأن اتخذ وذلك قبل قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سوتشي في السابع عشر من أيلول الماضي حيث كان الروس يرومون منها إفساح المجال للدبلوماسية لعلها تجدي في إيجاد حلول عقلانية، وفي هذا الصدد تم الاتفاق على المنطقة المنزوعة السلاح التي تمتد من 15 إلى 20 كيلو متراً وبموجب هذا الاتفاق كان يتوجب على أنقرة أن تنهي وجود الإرهابيين في المنطقة المذكورة بحلول منتصف تشرين الأول الماضي.
ولكن نتيجة التراخي والإهمال بل الأصح محاولة الالتفاف على مقررات سوتشي فقد عمد النظام التركي إلى تقوية جبهة النصرة على سواها من المجموعات بسبب أن التركي يعتبرها أكثر شراسة وأشد ثباتاً ومضاء وضراوة في القتال من بقية التنظيمات الأخرى ظناً منه أنها قادرة على مواجهة العملية العسكرية المحتملة.
ولإعطاء أردوغان فرصة أخرى حرصاً من الروس على عدم قطع شعرة معاوية مع أنقرة ومراعاة كما ذكرنا لوجود أكثر من مليوني مدني بينهم خمسين ألف مسلح عقدت قمة موسكو بين بوتين وأردوغان وذلك في الثالث والعشرين من كانون الثاني الماضي بهدف التضييق على أردوغان وأتباعه إلى ما وراء الباب ومحاولة دفعه لتنفيذ التزاماته التي تعهد بها في سوتشي ولكن هيهات هيهات.
لذلك فإن القناعة الروسية حالياً هي بتقديم السيف على الكلمة وتفضيل القوة على الدبلوماسية وهذا ما حملته تصريحات بوتين وحسن روحاني خلال قمة سوتشي في العشرين من شباط الماضي حيث أكد الرئيس الروسي أنه لا يمكن التصالح مع الإرهاب ولا يمكن السماح بأن يبقى الإرهابيون من دون عقاب، وهو جوهر ما تحدث به الرئيس الإيراني.
وبهذا الصدد نذكر بما نقله موقع قناة «روسيا اليوم» الإلكتروني في الثالث والعشرين من شباط الماضي حيث لم يستبعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حلاً عسكرياً للوضع في إدلب، وأكد أننا نتحرك في هذا الاتجاه ولم نرغب سابقاً بعملية عسكرية، وكنا نعمل لمنعها لأننا نعرف أن الأعمال الحربية في إدلب ستؤدي إلى كارثة لكن المواقف الأخرى فشلت على حين يسيطر تنظيم جبهة النصرة الإرهابي على منطقة أوسع مما كان عليه سابقاً.
كما أن المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان أكدت في الحادي والعشرين من شباط الماضي في مقابلة تلفزيونية أن مسألة تحرير إدلب محسومة لكن أمر العملية مرتبط بالتوقيت.
ما قصدته من هذه الاستشهادات أن معركة إدلب ومسألة وقوعها تلوح في الأفق القريب وهو ما جعل جبهة النصرة وأخواتها يتخبطون حيرة واضطراباً ويضربون شمالاً ويميناً ظناً منهم ولحماقاتهم الكبيرة التي اتسموا بها وجهلهم العميق بالسياسة وإمعانا في «الحطبنة» التي تغلب على سلوكهم أن ذلك يثني الجيش العربي السوري وحلفاءه عن العملية.
لقد كان الأولى بأردوغان بدلاً من أن يغري النصرة باستفزازاتها ويثبت أنه أكثر جهلاً وحماقة منها أن يدفعها، وهو القادر على ذلك، إلى الدخول في باب المصالحات التي فتحته القيادة السورية على مصراعيه واعتبرته يجبُّ ويغفر ما قبله، وهو الباب الذي يختاره كل متورط يمتلك مثقال ذرة من عقل ذلك أن دروس وتجارب الماضي جميعها تؤكد صحة الحكمة القائلة «الصلح سيد الأحكام»، وهذا ما لا تعرفه قواميس وأبجديات أردوغان وأزلامه ومرتزقته لذلك نراهم يختارون كل طريق ودرب إلا طريق ودرب الحكمة والصواب، فيضطربون ويتخبطون ويلجؤون إلى التصعيد والتسخين جهلاً وحماقة وغباء ورعونة وإمعاناً في نهج الذبح والقتل الذي اختاروه منذ البداية.
مصطفى محمود النعسان - الوطن
انتهى/