من عملة رقمية، إلى أداة مقاومة.. هكذا تحولت "البتكوين" بعد الدعوة التي أطلقتها كتائب القسام لأحرار العالم وأنصار المقاومة لاستقبال التبرعات عبر هذه العملة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - والبيتكوين عملة رقمية افتراضية تعتمد على التشفير، وتتميز أنها "عملة لا مركزية"، لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع إلى رقيب مثل "حكومة أو مصرف مركزي" كبقية العملات المتداولة في العالم.
وأطلقت شخصية مجهولة الهوية تُعرف باسم "ساتوشي ناكاموتو"، هذه العملة التي تشبه في طبيعتها الدولار واليورو وعملات أخرى، لكنها تختلف لكونها “وهمية"، ولا تُستخدم إلا عبر الإنترنت، ولا وجود ماديًّا لها، كما أنها مشفرة ولا يمكن تتبع عمليات البيع والشراء التي تُستخدم فيها.
ودعت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الثلاثاء، مؤيديها في العالم إلى تقديم الدعم المالي لها من خلال عملة "بتكوين" الرقمية الافتراضية.
وكتب أبو عبيدة، الناطق باسم القسام، في تغريدة نشرها عبر قناته على موقع التواصل الاجتماعي "تليغرام": ندعو كل محبي المقاومة وداعمي قضيتنا العادلة لدعم المقاومة ماليا من خلال عملة البيتكوين عبر الآليات التي سنعلن عنها قريبًا، دون تفاصيل إضافية.
وأطلقت عملة البيتكوين في يناير 2009، عبر العالم الافتراضي، ونجحت في مدة وجيزة في فرض نفسها وحجز مكان لا يستهان به ضمن أقوى العملات عالمياً.
السؤال الأبرز الذي حمله مراسل المركز الفلسطيني للإعلام لخبراء الاقتصاد والمال والتداول الرقمي: "هل تنجح المقاومة في كسر الحصار بهذه العملة الرقمية؟!".
الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، أكّد أنّ الوصول لتعامل المقاومة بهذه العملة سيبدد مخاوف ملاحقة داعمي المقاومة في كل مكان، ويمكن أن يساهم بتدويل دعمها.
ويشير أبو جياب إلى أنّ ما سيسهل العمل بهذه العملة أنّها عملة رقمية لا مركزية بلا مستودع مركزي أو مدير مصرفي، ولا تحمل صفة أي هيئة مركزية.
ويضيف: "هذه المعاملة تسمى معاملة الندّ للندّ؛ أي أنها تتداول بين المستخدمين مباشرة دون وسيط باستخدام التشفير، لا يُعرف فيها اسم للمرسل ولا اسم للمستقبل".
ويعتقد الخبير الاقتصادي، أنّ وصول المقاومة لإدارة معركتها الاقتصادية عبر هذه العملة المشفرة يعني أنّها ستؤهل داعمي المقاومة في العالم على شراء البتكوين وتحويله على منصة المقاومة التي ستعلن عنها قريباً.
وكان الناطق باسم القسام أبو عبيدة، أكّد أنّ الكتائب ستعلن قريباً عن منصة لتحويل العملة الرقمية لها.
ويشير أبو جياب إلى أنّ حجم التداول السنوي للعملة في ازدياد؛ حيث وصل حتى الآن إلى 61 مليار دولار سنوياً، بواقع 6 مليار يومياً.
ويؤكّد أنّ أمرين مهمين دفعا المقاومة لهذه الطريقة؛ الأول: رفع ما يعرف بالملاحقة وتكوين حصانة لكل من يريد أن يدعم المقاومة بغزة، والثاني: تدويل دعم المقاومة؛ يعني أن مواطنًا يمكن أن يشتري ما يعرف بحبة البتكوين، والتي يبلغ سعرها الآن 3460 دولار، ويقوم بعملية التحويل لمنصة القسام.
وتتعرض المقاومة الفلسطينية إلى حصار مالي خانق، تزايدت حدته في السنوات الأخيرة، وصل إلى حد ملاحقة المتبرعين وحبسهم وتحريض الدول عليهم وعلى مشاريعهم الاقتصادية؛ الأمر الذي أدى إلى تراجع في قنوات التبرعات.
"ما يميز هذه العملة أنّها غير قابلة للملاحقة أو التوقيف؛ لأنّها لا مركزية، ويصعب على أي أحد إيقافها، وقد حاولت دول كبرى من ضمنها الولايات المتحدة إيقافها لكنها لم تنجح". هذا ما أكّده الخبير أبو جياب.
وأشار إلى أنّ "إسرائيل" من ناحيتها تعمل بالأساس على تجفيف منابع دعم المقاومة، وقد ساهمت إلى جانب السلطة الفلسطينية بإعاقة كل الطرق الرسمية وغيرها لنفاذ المال للمقاومة في غزة، معتقداً ألا تنجحا في وقف تحويل هذه العملة للمقاومة.
ويضيف: "المقصود من استخدام هذه العملة تشكيل منصة بعيداً عن المنصة المصرفية الدولية، يعني أننا أمام منصة ستجمع مئات ملايين من الدولارات في أشهر قريبة"، مبيناً أنّ الدور الأساسي يبقى في تحويل هذه العملة إلى أموال تصل إلى المقاومة في غزة.
الخبير في العملات الرقمية والتشفير الإلكتروني رائد رشيد، أشاد بوصول المقاومة لإعلان تعاملها بهذه العملة، واصفاً ما يحدث أنّه "الوصول للمستحيل".
ويفسر رشيد في حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" ذلك بقوله: "يعني أنّ المقاومة استطاعت أن تصل إلى طريقة لاستقبال الدعم، يستحيل على أي أحد اختراقها أو إيقافها أو إعاقتها بأيّ شكلٍ من الأشكال".
ويؤكّد الخبير الرقمي أنّ دولاً كبيرة حاولت إيقاف هذه العملة إلا أنّها فشلت بذلك، مرجعاً ذلك أن نظام التعامل فيها يكون الندية من مرسل إلى مستقبل دون أي وسيط مركزي كما هو الحال في العملات الورقية وغيرها.
ويعتقد رشيد أنّ ذكاء المقاومة وصل بها إلى استخدام هذه العملة، مبيناً أنّ الذكاء سيكمن أيضاً في طريقة التعامل بهذه العملة بحيث ألا تكون سطحية.
ويضيف: "نجاح هذه العملة عالمياً بات يؤرق دولاً كثيرة والمصارف المركزية، سيما أنّ إيقافها أصبح صعباً، وبعد انعدام الثقة في البنوك والمصارف، باتت بديلاً يمكن الاستغناء من خلاله عن العملات الورقية".
ويشير الخبير الإلكتروني إلى أنّ ثقافة العملة الرقمية ليست منتشرة في غزة بعد، مبيناً إلى أنّها بحاجة لمزيد من الوقت، ويؤكّد أنّ أحد أهم أهداف اختراع هذه العملة هو وصول الأموال للفقراء في أفريقيا والدول النامية الذين ليس لديهم بنوك.
انتهى/