نشرت صحيفة "جورنال دي ديمونش" الفرنسية حوارا مع الخبير الفرنسي في العلاقات الدولية توماس غومار، الذي تحدث عن تغول الصين على الاقتصاد العالمي الرقمي.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقالت الصحيفة، في هذا الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن توماس غومار نشر كتابا الأسبوع الماضي تضمن تحليلا لإستراتيجية الصين التي تسعى إلى فرض هيمنتها الرقمية على التكنولوجيا في العالم.
وأشار غومار إلى العلاقات التي تربط الصين بكل دولة غربية على حدة، لا سيما فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وتساءلت الصحيفة عن سبب تخصيص توماس غومار جزءا كاملا من كتابه للحديث عن الصين، وما إذا كان ذلك بسبب اعتبارها أول التهديدات التي تحدق بالعالم الغربي.
فأجاب توماس غومار قائلا: "إن نموذجنا الاقتصادي والسياسي، أو بالأحرى أسلوب حياتنا، أصبح بالفعل يخضع لسطوة التقدم القوي الذي تحرزه الصين. فعلى الصعيد الاقتصادي، تتقدم بكين على حساب الولايات المتحدة وأوروبا، وقد تعززت مكانتها أكثر عبر التطور التقني".
وأضاف الخبير الفرنسي في العلاقات الدولية أن "بكين طورت على الصعيد السياسي نظاما "استبداديا" رقميا جديدا يمكن أن يتفاعل بسرعة مع الأزمات والنزاعات. ويعمل هذا النظام عبر مراقبة البنى التحتية في الأراضي الصينية، ليشمل الآن البلدان التي تستثمر فيها بكين على نطاق واسع".
وتوضيحا لهذه النقطة، بين توماس غومار أن "الصين تعتمد كثيرا على الجيل الخامس من شبكات الاتصال المرتبطة بالهواتف الذكية من الجيل القادم، والتي ستعزز قدرة إرسال البيانات، مع العلم أن هذه التكنولوجيا تمثل محور المواجهة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين".
وتساءلت الصحيفة عما إذا خرج الأوربيون من المنافسة. ومن جهته، أكد توماس غومار أن الأوربيين انسحبوا من سباق التنافس في المجال الرقمي، حيث أصبحت المواجهة الآن تدار فقط بين المنصات الأمريكية الرئيسية والصينية، التي تستحوذ على حصة متزايدة من القيمة المنتجة في أوروبا".
ووفقا للخبير الفرنسي، فإن جمهورية الصين الشعبية تخضع لحكم الحزب الشيوعي الذي يبلغ عدد أعضائه 80 مليون عضو ما يعزز سيطرة الدولة على الاقتصاد ويمكنها من مزيد تشديد الرقابة على السياسة مع عرض طموحات الصين التي تتطلع لتحقيقها على المستوى الدولي.
وفي إجابته عن سؤال الصحيفة حول ما إذا كانت الصين تشكل بالنسبة للعالم الغربي تهديدا اقتصاديا أكثر من تهديد عسكري، أفاد توماس غومار بأنها "تمثل كلاهما على حد السواء، نظرا لأن الصين تعد ثاني أكثر دول العالم إنفاقا في المجال العسكري، بعد الولايات المتحدة، ولكن أغلب استثماراتها العسكرية تهتم بالمجال البحري".
وأضاف غومار أن "مفهوم العولمة يعكس أولا وقبل كل شيء الزيادة في حصة الحركة البحرية في الاقتصاد. ولقد أثبتت الصين مؤخرا قدرتها على نقل نشاطها إلى البحر الأبيض المتوسط، كما تحظى بشبكة من القواعد العسكرية ولعل أبرزها قاعدة جيبوتي".
ونقلت الصحيفة عن ضيفها قوله إن الصين تطبق أسلوبا عالميا يسمح لها بتوجيه مسار العولمة وفقا لمصالحها من أجل استعادة مركزيتها التاريخية. وستعمل الصين على اختبار قدرتها في الهيمنة عبر السيطرة على تايوان.
وقد تحدث توماس غومار عن علاقة الصين بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، تحديدا بين سنتي 1972 و2008، حيث وقفت الولايات المتحدة إلى جانب تقدم القوة الصينية من أجل إضعاف الاتحاد السوفيتي، ومن ثم إضعاف روسيا.
ولكن في عهد دونالد ترامب، اختلف الأمر، حيث أشار في خطابه الانتخابي إلى تغيير هذه الاستراتيجية عبر الاستعانة بروسيا للتصدي للصين. لكن طموح ترامب لم ير الضوء نظرا لتناقض العلاقات الروسية الأمريكية.
وذكر الخبير الفرنسي في العلاقات الدولية أن "الرئيس الصيني شي جين بينغ جعل من سنة 2049 هدفا، في حين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير قادر على تحقيق تقدم إلى ما بعد سنة 2024، تاريخ نهاية ولايته الرابعة". كما أكد توماس غومار أن الصين وروسيا تتجهان نحو تطبيق المخطط ذاته في التعامل مع العالم الغربي، على الرغم من أن وضعهما الجيوسياسي والاقتصادي مختلفان كثيرا.
وفي الختام، نقلت الصحيفة على لسان ضيفها الخبير الفرنسي، قوله إن "هناك اختلافا حادا بين روسيا والصين على الصعيد الاقتصادي، فهما ليس ضمن الفئة ذاتها، حيث أن روسيا تعاني ركودا منذ سنة 2011 ويمثل دخلها القومي الإجمالي 16 بالمائة من مداخيل الصين".
انتهی/