من المعلوم ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب تعهد بسحب قوات بلاده من سوريا في حملته الانتخابية، لكن قرار سحب هذه القوات الذي اعلنه في التاسع عشر من كانون الاول ديسمبر الماضي شكل مفاجأة لاطراف عديدة داخل البيت الابيض وفي دائرة حلفاء واشنطن.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - اولا: اطاح قرار ترامب باسماء داخل ادارته و تحديدا وزارة الدفاع احتجاجا على قراره الذي يبدو انه فردي او محصور باسماء قليلة تحيط بترامب.. وعلى رأس المغادرين احتجاجا على القرار جيمس ماتيس وزير الدفاع. ما ترك البيت الابيض شبه خال من الاصوات لنسبة لاتخاذ القرار الاميركي.
ثانيا: كان التخبط واضحا في الموقف الاميركي منذ البداية، ان من حيث تبرير القرار بأن جماعة داعش قد انتهت و لا مبرر لوجود القوات الاميركية، او من حيث تغير التبريرات بالقول ان السحب الكامل لن يكون سريعا و لن يتم الا اذا تلقت واشنطن ضمانات بالنسبة للقوات الكردية الحليفة لها في الشمال السوري اي ما يعرف "بقوات سوريا الديمقراطية"
ثالثا: هنا يأتي الكلام عن مصالح حلفاء الولايات المتحدة و تحديدا تركيا. فالاخيرة وجدت في قرار الانسحاب الاميركي فرصة مهمة لاغلاق ملف القوات الكردية التي تصنفها تركيا بالارهابية.. وانقرة كانت المحت قبل اسابيع الى شن عملية عسكرية شرقي الفرات ضد الاكراد.. لكن تصريحات المسؤولين الاميركيين حول ضمانات بالنسبة للاكراد اغضبت الاتراك.. فيما تشير التقارير الى ان الاتفاق بين الرئيسين الاميركي والتركي لم يتضمن ضمانات تركية.. ما يدل على خلافات حول الاتفاق الذي توصل اليه الرجلان في اتصالين هاتفيين بينهما، وهو ما اشار اليه المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين.
الملفت في كلام كالين كان ان انقرة تلتزم بما اتفقت عليه مع ترامب وان مرجعها في موضوع الشمال السوري هو اعلان ترامب سحب قواته. لكن التخبط في المواقف الاميركية لا بد ان يؤثر على التعاطي في هذا الموضوع. فترامب لم يذكر موضوع الاكراد في سياق كلامه عن الانسحاب، بينما خرج مستشاره للامن القومي جون بولتون ليربط الانسحاب بالضمانات حول الاكراد. ليعود ترامب ويربط الانسحاب بهزيمة داعش نهائيا.
كل ذلك من المؤكد انه سينعكس على العلاقة بين واشنطن وحلفائها وخاصة الاتراك. وبالتالي لا بد وان يكون لديه انعكاسات على الميدان في الشمال السوري. فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان اعلن ان المعركة ضد القوات الكردية ستبدأ قريبا. موقف يأتي في اطار الضغط على الحليف الاميركي لتنفيذ ما اتفق عليه.
وسط كل هذه المستجدات، يبرز تحرك وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الذي يسعى للملمة التشرذم الاميركي حيال الانسحاب من سوريا، حيث يقوم بجولة اقليمية على رأس اجندتها الموضوع السوري، خاصة وان زيارة بولتون الى انقرة لاستدراك الوضع وطمأنة الاتراك لم تكن كما ارادها، حيث اقتصرت لقاءاته على كالين فقط. ومهمة بومبيو تبدو صعبة في ظل التنسيق الذي يبدو ضعيفا داخل الادارة الاميركية حيال الانسحاب، اضافة الى كثرة المصالح الخاصة لحلفاء واشنطن في الميدان السوري، فيما لا يغيب عن كل ذلك العامل المتعلق بسوريا وحلفائها والعمل على مستوى تسليم المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية للجيش السوري في مسعى لمواجهة اي خطوة تركية على الارض.
حسين الموسوي
انتهى/