بين الحين والآخر، تجري العائلة الحاكمة في السعودية تغييرات واسعة قد توهم في اول سماعها، بوقوع انقلاب أبيض. حمى التغييرات الواسعة وعلى حين غرة، كانت من مزايا العهد السلماني (إشارة الى تولي سلمان بن عبد العزيز دفة الحكم في مستهل عام ٢٠١٥عاما) فما هي دوافع هذه التغييرات الواسعة والمباغتة والمتكررة في العهد السلماني؟ .
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - تولى سلمان بن عبد العزيز عرش ال سعود في بلاد الحرمين الشريفين، في مخاض إقليمي صعب كانت فيه السعودية تحاصرها ثورات الربيع العربي وصعود الاحزاب الاسلامية الى الحكم بشكل دفع السعودية الى موقف المنفعل والعمل على قيادة ثورات مضادة وهي ترى ان حليفها في مصر يسقط ورجلها في اليمن يسقط والبحرين تعصف بها تظاهرات شعبية ومطالب بالاصلاحات السياسية والاجتماعية.
وكانت اول قرارات العهد السلماني هو إعلان الحرب على اليمن، لإعادة الرئيس الهارب او المستقيل عبدربه منصور هادي الى الحكم في صنعاء، وتامين حدود السعودية مع اليمن وحصر انصار الله في ثلاث محافظات هي صعدة وحجة وعمران، وکان الادعاء الاكبر للمهاجم السعودي هو عدم السماح لإيران بالسيطرة على اليمن. وكان هذا القرار هو الأكثر تأثيرا على السعودية واقتصادها وسمعتها الدولية.
ثم توالت قرارات التغييرات في هرم تسنم العرش حتى انتهى الامر عند محمد بن سلمان وليا للعهد بعد اخراج شقيقي الملك الأميرين مقرن واحمد وابعاد الرجل الامني القوي ابن شقيق الملك محمد بن نايف ليكون ابن سلمان هو المتفرد بالقرار سياسيا واقتصاديا وامنيا ودينيا.
ومع ابن سلمان بدأت القرارات الارتجالية وكثيرة التغير، فلم تكتف السعودية بحرب اليمن بل اتخذت مواقف متشددة بشأن الملف السوري واصر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على ان لا يكون الرئيس الاسد في الحكم سواء كان بالطرق العسكرية او الدبلوماسية، وها هما اهم حليفين للرياض؛ الإمارات والبحرين يعيدان علاقات الدبلوماسية مع دمشق اليوم ليجد الجبير نفسه خارج منصب وزیر الخارجية بجرة قلم من ابن سلمان.
ومع سوء الاداء السعودي في الملفين اليمني والسوري والفشل في اختراق الملف العراقي، فتح بن سلمان جبهة جديدة مع قطر وأعلن ضدها حربا اقتصادية وسياسية واعلامية مع تسريبات عن نوايا لغزو قطر عسكريا. وقطر التى ترى فيها السعودية اختها الصغرى استطاعت ان تقاوم حرب السعودية ومعها ثلاث دول اخرى وان تخترق اللوبيات الأميركية وتحصن نفسها وان تشعل حربا إعلامية كبرى ضد ابن سلمان خاصة بعد جريمة اغتيال خاشقجي وتورط ابن سلمان بشكل او بآخر فيها.
وبين الاخفاقات الخارجية، والتقلبات الداخلية، اصبحت رؤيا ٢٠٣٠، التي روج لها ابن سلمان على انها مشروعه للمستقبل الذي سيغير وجه الشرق الاوسط، سرابا لا اكثر بعد ان انشغل ابن سلمان بإنقاذ نفسه من جريمة خاشقجي ومن جرائم اليمن. وعادت السعودية الى اختزال دورها بالاختباء وراء الآخرين كما كانت من قبل بعد ان ارادها العهد السلماني وخاصة ابن سلمان في الواجهة وفي الصف الاول.
وهنا قد يكمن السبب في ان دولا اصغر حجما واقل سكانا واقل ثروة وليس لها اماكن مقدسة، مثل الامارات وقطر تمارسان أدوارا اكبر من الدور السعودي. فها هي الامارات تتولى قيادة الحرب في اليمن وتطبيع العلاقة مع سوريا القوية بينما تتربع قطر على علاقات مع قوى اقليمية مهمة ومنافسة للسعودية وهي تركية وايران إضافة الى علاقاتها مع الولايات المتحدة التي لم تتأثر ابدا بالحصار السعودي للدوحة ولا باتهاماتها لها بالإرهاب.
اذا ما ظلت السعودية في تخبطها وارتجالية قراراتها في ظل حكم ابن سلمان فإنها ستزداد تراجعا على مستوى الدور الإقليمي والإسلامي اكثر فأكثر وستجد نفسها مضطرة ان تجلس في المقعد الخلفي وان تتقبل وجود دول اصغر منها في المقاعد الامامية بل خلف مقود القيادة.
احمد المقدادي
انتهى/