ولكن الإدارة الأمريكية تمكنت من إحراز تقدم في الهدف الأول فقط، حيث علّق التحالف العربي الذي تقوده السعودية الثلاثاء الماضي عملياته العسكرية ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في محيط ميناء الحديدة الاستراتيجي غرب اليمن، تحت ضغوط الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، أن الولايات المتحدة تعمل مع شركائها في المنطقة، بمن فيهم السعودية، من أجل إنهاء الحرب اليمنية والأزمة مع قطر، قائلة: "وحدة الخليج تحمل أهمية حساسة بالنسبة لمصالحنا المشتركة فيما يتعلق بالتصدي لنفوذ إيران الخبيث ومحاربة الإرهاب وضمان المستقبل المزدهر لجميع شركائنا الخليجيين".
في الوقت نفسه، يبدو أن الإدارة الأمريكية اتخذت موقفا متحفظا إزاء السعودية في قضية خاشقجي، خوفا من إلحاق ضرر بالعلاقات مع أكبر حليف لها في الشرق الأوسط.
وشدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس على أنه من السابق لأوانه إلقاء اللوم في القضية على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وفي معرض تعليقه على نقل وسائل إعلام أمريكية عن مصادر في وكالة الاستخبارات المركزية CIA قولها إن الوكالة تعتبر ولي العهد السعودي مسؤولا عن القضية، أشار ترامب إلى أن الاستخبارات لم تخلص بعد إلى أي استنتاجات نهائية، مضيفا أن تقريرا مفصلا بشأن القضية سيسلّم في غضون اليومين المقبلين إلى البيت الأبيض وسيحدد المسؤول عن مقتل الصحفي.
وفي وقت لاحق من يوم أمس، أجرى ترامب اتصالات هاتفية من متن "الطائرة رقم واحد"، وهو في طريقه إلى ولاية كاليفورنيا التي تعاني من الحرائق المدمرة، مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيسة CIA جينا هاسبل للاطلاع على آخر المعلومات بشأن قضية مقتل جمال خاشقجي.
لكن فيما يتعلق بمساعي تسوية الأزمة الخليجية، فشلت الولايات المتحدة في المضي قدما، حيث نقلت الوكالة عن مصدرين مطلعين قولهما إن واشنطن كانت تسعى إلى استعادة وحدة الخليج في وجه إيران قبل الرابع من نوفمبر الجاري، وهو موعد استئناف الإدارة الأمريكية لجميع العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المجمدة سابقا بموجب الاتفاق النووي.
وقد تعززت آمال الغربيين في أن تحسّن الرياض علاقاتها مع الدوحة على خلفية تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أثناء مؤتمر "مستقبل الاستثمار" في الـ25 من أكتوبر الماضي، لكن دبلوماسيين ومصادر خليجية ذكروا للوكالة أنهم لم يروا خطوات حقيقية من الرياض وحلفائها لتسوية الخلاف.
وقال دبلوماسي عربي لـ"رويترز" إن تصريحات ولي العهد السعودي تُرجمت بشكل خاطئ، موضحا أن هذه التصريحات كانت رسالة موجهة إلى الولايات المتحدة ولم تعكس أي تغير حقيقي في المواقف بشأن قطر.
ولفت مصدر خليجي للوكالة إلى أن الأمير محمد سيمتنع عن اتخاذ أي خطوة قد تُعتبر مؤشرا على ضعفه، في وقت يحاول فيه استعادة مواقعه المتضررة جراء أزمة خاشقجي.
من جانبها، كانت الكويت قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري عن وجود رؤية إيجابية لاحتواء الأزمة الخليجية، وأكد مصدر مطلع على السياسات الأمريكية لـ"رويترز" أن الدبلوماسيين يعدون خطة جديدة لتسوية الخلاف.
في الوقت نفسه، أشارت الوكالة إلى أنه لا يبدو أي من أطراف الخلاف جاهزا للتراجع عن مواقفه وتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى حل وسط.
وسبق أن وصفت المتحدثة باسم الخارجية القطرية لولوة الخاطر قضية خاشقجي بأنها "جرس إنذار للجميع"، بينما أعرب الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر عن تشاؤمه إزاء إمكانية تحسين العلاقات مع القيادتين السعودية والإماراتية الحاليتين.
من جانبها، لا تعتبر الإمارات الخلاف مع قطر أولوية، حسب ثلاثة دبلوماسيين ومصادر أخرى مطلعين على السياسات الخليجية.
وقال دبلوماسي غربي لـ"رويترز" إن قطر "ترفع ثمن تسوية الأزمة"، مضيفا أن الإمارات من جانبها "سعيدة بإبقاء القطريين معزولين".
وأكدت مصادر دبلوماسية أن الرياض وأبو ظبي لا تزالان تحاولان إقناع واشنطن بأن الخلاف مع قطر لن يحول دون إنشاء حلف أمني في الشرق الأوسط سيضم الدوحة على وجه الخصوص، وهو مشروع أمريكي يعرف بـ"الناتو العربي".
المصدر: رويترز
انتهی/