نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للصحافية لارا سيلجمان، تقول فيه إن المراكز الصحية في أنحاء اليمن تقوم بوزن الأطفال؛ لتعرف ما إذا وصلوا لحالة سوء التغذية الشديدة أم لا.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - ويشير التقرير إلى رؤية الأطفال المجندين على الحواجز بين العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة ذات الميناء، مع العلم التام بسقوط القنابل الأمريكية من الجو.
وتذكر الكاتبة أن رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ ديفيد ميليباند، تحدث عما شاهده خلال زيارته لليمن، حيث دارت رحى الحرب الأهلية منذ عام 2015، في مقابلة مع "فورين بوليسي"، قال ميليباند: "هناك خطر على المدنيين؛ لأن الحرب تتم من علو 20 ألف قدم.. وتجاوزات الحوثيين لا تبرر ضرب الأعراف الإنسانية الدولية بعرض الحائط".
وتلفت المجلة إلى أن الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية مدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، وتدعمه أمريكا، تسببت بهلاك المدنيين، ودمار البنية التحتية، وتركت 22 مليون مدني يحتاجون لمساعدات إنسانية، و10 ملايين يواجهون المجاعة مع نهاية العام، حيث تم وصف الوضع في اليمن بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، فأكثر من نصف السكان ليس لديهم ماء للشرب، وبحسب اليونيسيف، فإنه يموت طفل في اليمن كل 10 دقائق من المرض أو الجوع.
وينوه التقرير إلى أن ميليباند، الذي كان عضوا في البرلمان البريطاني، وصل بعد أكثر الأشهر عنفا بالنسبة للمدنيين في اليمن بفترة قصيرة، وأحد أكثرها دموية منذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية عام 2015، وقال إن 450 مدنيا قتلوا في الأيام التسعة الأولى من شهر آب/ أغسطس، وإن كثيرا معرضون للموت جوعا، أو نتيجة أمراض يمكن منع وقوعها.
وتفيد سيلجمان بأن ميليباند موافق على أن المرض تهديد كبير، فقد مر اليمنيون بأسوأ تفش لمرض الكوليرا في التاريخ الحديث العام الماضي، حيث وصل عدد الحالات إلى أكثر من مليون، "أكثر من نصفها لأطفال"، وفي الوقت الذي تم فيه وقف الانتشار الجماعي فإن الحالات في الحديدة تضاعفت إلى ثلاثة أضعاف، منذ أن بدأ التحالف هجومه في حزيران/ يونيو، بحسب التقارير.
وتنقل المجلة عن ميليباند، قوله: "عندما تستمر الحرب لفترة طويلة، ثلاث سنوات ونصف، دون تغير في الخطوط الأمامية، تدرك أن الطريق المسدود أبعد ما يكون عن كونه ساكنا؛ لأنه يفرض معاناة إنسانية عظيمة".
ويشير التقرير إلى أن اللجنة الدولية للإنقاذ تعد إحدى أكبر المنظمات الإنسانية نشاطا في اليمن، وتمكنت من الوصول إلى مليون شخص على مستوى البلد، ويصل عدد العاملين فيها إلى 800 يعملون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، حيث يقوم هؤلاء بتدريب اليمنيين على توفير الخدمات الضرورية.
وقال ميليباند: "من الضروري الفهم أن عمال الإغاثة هم مواطنون محليون.. فنحن نوظف الأغلبية من اليمن ومن السكان المحليين وندربهم.. وهم لديهم معلوماتهم المحلية، ويحظون بالثقة محليا والرضا المحلي للقيام بعملهم".
وتستدرك الكاتبة بأن حصار الحديدة، التي يدخل منها 70% إلى 80% من الواردات التجارية والإنسانية التي تدخل إلى اليمن، يعني أن عاملي الإغاثة ليس لديهم ما يكفي من العلاج والوقود والأشياء الضرورية للقيام بعملهم، مشيرة إلى أن الحصار لا يمنع الوصول للغذاء والدواء فقط، بل إنه يعني أيضا ارتفاع أسعار الوقود بشكل جنوني، ما يجعل من الصعب على العاملين في اللجنة الدولية للإنقاذ التنقل للقيام بعملهم، في الوقت الذي يعاني فيه العاملون في الحقل الإنساني في الحصول على التصاريح اللازمة ليتمكنوا من عبور نقاط التفتيش بسبب البيروقراطية.
وتؤكد المجلة أن العمال يواجهون العنف على كلا الجانبين من الصراع، لافتة إلى أن ميليباند سمع خلال زيارته من العاملين حول مخاطر الاستهداف بالقذائف، أو الإصابة في انفجار لغم.
ويلفت التقرير إلى أن العنف في اليمن يشكل مخاطر سياسية أيضا، بحسب ما أكده ميليباند، فمع انتشار الصراع انتعشت المجموعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، التي "انتعشت في الفوضى"، بحسب ميليباند، الذي قال أيضا إن هدف أمريكا من مشاركتها هو الحد من النفوذ الإيراني، لكن طهران في الواقع تزداد نفوذا.
وتذكر سيلجمان أن ميليباند حث المجتمع الدولي على الاتفاق على وقف مباشر لإطلاق النار، والخطوة التالية هي السماح للمساعدات الإنسانية بالعبور من خلال الحديدة، وفتح مطار صنعاء أمام الطيران التجاري، كما حث ميليباند على دفع رواتب 1.2 مليون موظف حكومي يقدمون مساعدات تنقذ الحياة في أنحاء البلاد؛ وذلك لمنع انهيار أكبر في اقتصاد البلد.
وقال ميليباند: "أنا مقتنع جدا بالفلسفة القائلة إنه عندما تجد نفسك في حفرة فإن عليك أن تتوقف عن الحفر.. واستراتيجية الحرب المتبعة تحفر حفرة أكبر بدلا من أن تساعدنا على الخروج منها".
وتبين المجلة أنه في الوقت الذي تساعد فيه الجهود الإنسانية في تقليل عدد من يموتون، فإن ميليباند شدد على أن "السياسة الفاعلة" وحدها القادرة على وقف القتل، وأشار إلى "توقف كامل عن إحراز تقدم عسكري"، مشيرا إلى أنه بعد 18000 غارة جوية منذ 2015، تسببت بـ75% من الضحايا المدنيين، فإن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على 70% من البلد.
ويستدرك التقرير بأن الجهود الدبلوماسية واجهت مشكلة حديثا، عندما لم يصل الممثلون الحوثيون للاجتماع الأول في جنيف، دعا إليه مبعوث الأمم الخاص لليمن مارتن غريفيث، لافتا إلى أن ميليباند دعا الأطراف في الصراع كلها للانخراط في العملية السلمية.
وتورد الكاتبة أنه دعا الحكومة الأمريكية إلى إنهاء الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية، وأن تتخذ موقفا أكثر شدة لوقف العنف، وشكك في الادعاء بأن التحالف يفعل ما يمكنه للتقليل من الإصابات المدنية، وقال إن هذه الحجة "لا تتماشى مع الواقع على الأرض"، وأضاف أن لدى أمريكا سلطة أكبر مما تدعي.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى قول ميليباند: "كل ما نعلمه عن الموقف الأمريكي هو أن بإمكان الولايات المتحدة إحداث فرق؛ لأن الفاعلين في هذه المأساة ينظرون إليها للقيام بفعل أو الامتناع عنه.. والخطر الكبير هو أن يصبح صراع اليمن وصمة على سمعة أمريكا".
المصدر: عربی21
انتهی/