يشهد المسجد الأقصى المبارك ارتفاعا كبيرا في وتيرة اقتحام المستوطنين اليهود لباحاته، وهو ما ينذر وفق خبراء بأخطار كبيرة تتهدد أولى القبلتين.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وشهدت باحات الأقصى خلال الشهر الماضي، زيادة كبيرة في أعداد المقتحمين من المتطرفين اليهود، وأفاد مسؤول الإعلام في دائرة أوقاف القدس، فراس الدبس، أن "عدد المقتحمين بلغ 5175 متطرف يهودي خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وهي فترة الأعياد اليهودية".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "هناك زيادة كبيرة في عدد المقتحمين مقارنة بذات الفترة من العام الماضي"، لافتا إلى أن "عدد المقتحمين وصل في عيد العرش اليهودي هذا العام 3010 مستوطن يهودي، في حين بلغ عددهم في العام الماضي فقط 2400".
من جهته أوضح الأكاديمي والخبير في شؤون القدس والمسجد الأقصى، جمال عمرو، أن "تصاعد استباحة الأقصى من قبل المتطرفين اليهود، يرجع للعديد من الأسباب والدوافع منها؛ الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف المدافعين عن الأقصى، ووجود 28 منظمة وجميعه داعشية يهودية متطرفة ترعى هذه الاقتحامات".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، "هذه الجمعيات ومعها الأذرع الإسرائيلية المختلفة، تعمل وفق خطط منظمة وعملية مبرمجة وممنهجة، للسيطرة على الأقصى"، موضحا أن "المنظمات الصهيونية تتنافس فيما بينها، لتجنيد أموال هائلة لتواصل وتصاعد استباحة باحات الأقصى".
ونوه عمرو، إلى أن "الجمعيات الصهيونية التي ترعى المتطرفين اليهود، لديها دعم تشريعي من الكنيست وكذلك من القضاء الإسرائيلي الذي يصدر القرارات المختلفة لصالحهم (قرارات الإبعاد والاعتقال)".
ورأى أن "الإصرار الصهيوني على اقتحام الأقصى رغم الرفض والتنديد الفلسطيني الشعبي، هو دلالة واضحة على وجود قرار إسرائيلي استراتيجي بالاستمرار في تدنيس الأقصى وانتهاز الوقت المناسب، والذي تعيش فيه القضية الفلسطينية أسوأ أيامها".
لحظة تاريخية
ولفت الخبير، إلى أن "الاحتلال في سباق مع الزمن، وهو يستغل الوضع العربي المهترئ وغياب التضامن الإسلامي، وإفلاس جامعة الدول العربية".
وقال: "طالما أن الوضع كذلك، فهذا يغري الاحتلال للقضاء على الأقصى،؛ علما بأن الاحتلال بنى نظرية وجوده على عدة مكونات منها؛ لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الأقصى (يطلق عليه الاحتلال جبل الهيكل)".
من جانبه، أكد المحامي المختص في شؤون مدينة القدس والمسجد الأقصى، خالد زبارقة، أن "الأنظمة العربية الرسمية المعنية، ساهمت بشكل أو بآخر في وصول المسجد الأقصى إلى هذا الوضع؛ سواء بتوثيق علاقاتهم مع الاحتلال على عدة مستويات أو عبر التنسيق المشترك، أو بموافقتهم للاحتلال استباحة الأقصى".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "صرخة الأقصى هذه الأيام وصلت لكل العالم، وشاهدها الجميع عبر مختلف وسائل الإعلام، حيث استباحة المستوطنين وقادة الاحتلال لأولى القبلتين، وأداء صلوات وتقوس تلمودية داخل باحاته، وملاحقة واعتقال وإبعاد المصلين المسلمين وحراس الأقصى وموظفي الإعمار التابعين لدائرة الأوقاف".
وتساءل زبارقة: "بعد كل هذا؛ هل ما زال هناك غباش لدى أحد حول ما ينتظر الأقصى؟"، مخاطبا الزعماء العرب والمؤسسات الدولية المعنية: "كفى صمتا، كفى سكوتا، كفى تواطئا، كفى خيانة لأمانة الدين والمقدسات والأمة".
ورأى أن "ما حدث للمسجد الأقصى خلال الأيام القليلة الماضية لا يمكن أن يتصوره عقل، وما كان ليصل لهذا الوضع لولا مساهمة الأنظمة العربية الرسمية المعنية والرجعية الأخرى".
ولفت المحامي المقيم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، أن "الاحتلال يعمل على استغلال هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها الأمة بشكل كبير، ويريد أن يفرض مشروعه في الأقصى".
نشر الفوضى
وأضاف: "لا يمكن لنا أن نتحدث عن المسجد الأقصى وسياسات التهويد والاستباحة المستمرة، والمشروع الصهيوني العالمي، دون أن نستحضر دائما أن الهدف النهائي للاحتلال يتمثل في هدم الأقصى وإقامة هيكلا مزعوما مكانه".
ونبه زبارقة، أن "الاحتلال يتقدم خطوة بعد خطوة نحو هدفه الكارثي النهائي"، موضحا أن "الاحتلال حاول هذه الأيام، فرض معادلة مختلفة، مفادها؛ أن المسجد الأقصى في ساعات الاقتحامات هو لليهود الذين يحق لهم فعل ما يريدون بداخله، وكل من يعترض يصبح معرضا للاعتقال والإهانة والتنكيل والإبعاد والملاحقة المخابراتية..".
ومن جهة أخرى، "يريد الاحتلال أن يوصل رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي، أن الأقصى أصبح أمنا لم يريد أن يقتحمه منهم، وأن كافة الأذرع الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ستحمي المقتحمين بكل ما أوتيت من قوة".
وذكر أن الاحتلال "يريد من التزايد العددي للمقتحمين، أن يعطي صورة كبيرة لاستباحة الأقصى، كي يحول الأقصى كمرحلة أولى كما هو الوضع في المسجد الإبراهيمي بالخليل والذي تقام بداخلة تقوس تلمودية، في الوقت الذي يمنع فيه المسلمون من رفع الآذان وأداء الصلاة".
وحول طلب الجمعيات الاستيطانية اليهودية المتطرفة مؤخرا، من المحكمة الإسرائيلية العليا السماح لهم بالصلاة داخل الأقصى، قال: "الاحتلال يريد أن يفرض في المرحلة المقبلة صلوات علنية داخل الأقصى لليهود".
وخاطب زبارقة، الأمتين العربية والإسلامية: "هذا وقت العمل من أجل الأقصى، الاحتلال لن يعطيكم شيئا ولن يمنحكم الحماية، فهو يسعى في نهاية الأمر إلى نشر الفوضى داخل دولكم وأنظمتكم".
انتهی/