نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقال رأي للصحفي، روبرت فيسك، كشف من خلاله عن خفايا دعم بعض الدول العربية المناهضة للنظام السوري، للمعارضة السورية بالأسلحة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وقال الكاتب في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه اكتشف هذه المعطيات خلال زيارته لمخزن الأسلحة الذي تم تفجيره شرق حلب السنة الفارطة، حيث عثر على أدلة تؤكد أن هذه الأسلحة صُنعت في البوسنة، وتم تصديرها ضمن شحنة أسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
وذكر الكاتب أن كتاب استخدام الأسلحة الذي وُجد في مبنى تخزين الأسلحة يحمل اسما مكتوبا بخط اليد لأحد كبار المسؤولين ويدعى، إيفيت كرنجيتش. وقد أكد هذا المسؤول للصحيفة لاحقا أن شركته قد أرسلت شحنة تتكون من 500 مدفع هاون عيار 120 ملم إلى المملكة العربية السعودية في كانون الثاني/ يناير سنة 2016. كما أكد أن السعوديين قاموا بزيارة المصنع لتفقد الأسلحة في مطلع سنة 2016.
وذكر الكاتب أن كرنجيتش، المسؤول عن مراقبة الأسلحة الذي يبلغ 64 سنة والمتقاعد حديثا من مصنع الآلات والهيدروليك "بي أن تي" في مدينة نوفي ترافينك، لم يقر بتوقيعه على الكتاب فحسب، بل أكد كذلك على زيارات المسؤولين السعوديين لتفقد قذائف الهاون قبل أن يتم شحنها إلى الرياض. كما أصر المسؤول على أن جميع هذه المبيعات تتوافق مع شهادات المستخدم النهائي التي تحصلت عليها الشركة من قبل جميع عملائها، والتي تؤكد بدورها على أن هذه الأسلحة تستخدم فقط من قبل القوات العسكرية للبلدان التي تقوم بشرائها.
وأوضح الكاتب أن شحنة الأسلحة كانت ضخمة وتتكون من 500 مدفع هاون. ويبدو أن جزءا من هذه الشحنة قد انتهى به المطاف في أيدي جبهة النصرة المعارضة لنظام الأسد والمعادية للقاعدة المتواجدة في شمال سوريا، وذلك في غضون ستة أشهر من إرسالهم من البوسنة. وعندما طلبت صحيفة "الإندبندنت" من السلطات السعودية الرد على الوثائق التي بحوزتها وما اكتشفته في شرق حلب، ردت السفارة السعودية في لندن بأن "المملكة لم تقدم دعما لأي من التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك جبهة النصرة وتنظيم الدولة، في سوريا أو في أي بلد آخر".
وأضاف الكاتب أن السفارة وصفت ادعاءات صحيفة "الإندبندنت" بأنها غامضة ولا أساس لها من الصحة". كما أكدت السفارة أن المملكة العربية السعودية كانت دائما "صوتا رائدا داخل المجتمع الدولي لدعم الحل الديبلوماسي للصراع في سوريا، وتعمل في الوقت ذاته مع جيرانها وحلفائها لمواجهة نمو قوى التطرف". ولم تعلق السفارة على كتاب الأسلحة وقصاصات مراقبة الأسلحة والصور التي طلبت منها الصحيفة فحصها.
وأشار الكاتب إلى العقيدة الوهابية الصارمة المنتشرة في المملكة العربية السعودية التي ألهمت كلا من جبهة النصرة وتنظيم الدولة وغيرهما من الجماعات المتطرفة في سوريا. وكثيرا ما وقع اتهام المملكة العربية السعودية بتسليح المعارضة في سوريا. كما تم العثور على منشورات دينية قادمة من الرياض في مناطق كانت تحت سيطرة هذه الجماعات. تجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت قد طالبت بالإطاحة ببشار الأسد وحكومته في دمشق.
وتطرق الكاتب إلى أنه خلال المراحل الأخيرة من حصار مدينة حلب في سنة 2016، وبعد أن غادرت معظم قوات المعارضة المدينة بموجب وعد أطلقته الحكومة بشأن تأمين مرور آمن لهم إلى المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون في مدينة إدلب، أطلقت قوات المعارضة وابلا من قذائف الهاون على مدينة حلب التي تسيطر عليها الحكومة حينها.
وقال الكاتب إن الأكوام من الوثائق المهملة التي وجدت في البنايات التي كانت تتحصن بها المعارضة، تحتوي على إرشادات لكيفية إطلاق النار من الأسلحة الرشاشة ومدافع الهاون وكانت كلها باللغة الإنجليزية. كما عُثر على وثائق شحن للأسلحة وكتيبات لتعليم استخدامها من البوسنة وصربيا، فضلا عن وثائق شحن أسلحة تتكون من قذائف مدفعية قادمة من بلغاريا. كما وُجد العشرات من الصناديق الفارغة للأسلحة المضادة للدروع المصنعة في شركة طائرات هيوز الأمريكية الواقع مقرها في ولاية كاليفورنيا.
وبين الكاتب أن هذه الوثائق تكشف عن الجهات المنتجة للأسلحة التي استعملت من قبل أكثر خصوم بشار الأسد شراسة. ويبدو أن شحنات الأسلحة تصل إلى سوريا عن طريق بعض الدول الصديقة للغرب.
وقد كشف المدير العام للمصنع الواقع في مدينة نوفي ترافنيك، اديس ايكانوفيتش، أن معظم صادرات شركته موجهة إلى السعودية. كما أكد المدير العام لمصنع زاستافا للأسلحة في صربيا، ميلوجكو برزاكوفيتش، أنه لا يوجد بلد في الشرق الأوسط لم يشتر أسلحة من زاستافا خلال السنوات الخمسة عشر الماضية، من بينهما الإمارات والمملكة العربية السعودية.
وذكر الكاتب أن كرنجيتش أكد أن السعوديون راضون تماما عن هذه الصفقات نظرا لتمتع المصنع بسمعة جيدة جدا منذ وقت طويل، التي لا تقتصر على الأسلحة فقط بل لأن تسليم الشحنات يتم بصفة عاجلة. كما قامت قوات الناتو والاتحاد الأوروبي بإعطاء هذه المصانع الضوء الأخضر للقيام بذلك، نظرا لتميز نوعية مدافع الهاون الخاصة بها.
وفي الختام، أفاد الكاتب أن كرنجيتش سبق وأن عمل في الفرع التابع لمصنع الآلات والهيدروليك "بي أن تي" في العراق سنة 1986، مؤكدا أن المصنع حينها كان أكثر حداثة من المصنع المتواجد في البوسنة حاليا، وكان ينتج قاذفات صواريخ لصدام حسين من عيار 260 ملم يصل مداها إلى 500 كيلومترا.
انتهی/