نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا، تقول فيه إن جزيرة سقطرى، التي ظلت بعيدة عن الحرب طوال السنوات الثلاث الماضية، أصبحت محلا للنزاع بين حكومة عبد ربه منصور هادي، وأبو ظبي والرياض، وهما العاصمتان الرئيستان في التحالف ضد الحوثيين.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء-ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن سكان الجزيرة، البالغ عددهم 600 ألف، تحولوا إلى مركز صراع بين المتحالفين، لافتا إلى التظاهرات التي نظموها، مطالبين برحيل الإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية، أو الاستقلال عن بقية اليمن.
وتلفت الصحيفة إلى أن الإمارات أرسلت الدبابات والمدفعية الثقيلة، ولأول مرة، للجزيرة وطردت العمال اليمنيين من المطار والميناء، فيما ردت الحكومة اليمنية، على ما رأته خرقا للسيادة، بدعوة وفد سعودي ليقوم بالتوسط، وأحضر السعوديون معهم قواتهم التي لا تزال في الجزيرة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم إعلان رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر يوم الاثنين عن حل الأزمة، ورفع الأعلام اليمنية على المطار والميناء، إلا أن أحاديث الصحيفة مع سكان الجزيرة تقدم صورة مختلفة.
وتقول الصحيفة إن الإمارات ربما ضمت جزيرة سقطرى، التي بنت فيها قاعدة عسكرية، ونظمت إحصاء للسكان، وربما ستقوم باستفتاء على طريقة شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، مشيرة إلى أنه مع بدء السعوديين بتأكيد أنفسهم في الجزيرة، فإنهم باتوا يهددون الطموحات الهادئة للإمارات في هذا الجزء من العالم.
وينوه التقرير إلى أن الإمارات استخدمت قوة ناعمة وعسكرية لتغيير الحياة في سقطرى وجنوب اليمن، وكذلك جمهورية أرض الصومال وجيبوتي وإريتريا وبورت سودان، وهذه المناطق كلها تقع على البحر الأحمر أو قريبة منه، وهي مهمة للملاحة الدولية وعبور ناقلات النفط.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "سقطرى أصبحت في مركز الصراع على السلطة، وهي أكبر تحد للإمارات، التي ترغب في بناء إمبراطورية عسكرية تنافس الهيمنة السعودية، ولهذا تحولت سقطرى إلى مفتاح مستقبل التحالف العربي المتوتر ومستقبل اليمن، البلد الذي يتداعى ويتفكك لدويلات".
ويفيد التقرير بأن بن دغر زار الجزيرة قبل أسبوعين، في زيارة نادرة لتأكيد سيادة حكومته عليها، وبدلا من ذلك، فإنه وجد نفسه عالقا وتحت رغبات الإماراتيين، الذين استعرضوا قوتهم العسكرية، لافتا إلى أن الوفد اليمني أصيب بالفزع واتصل بالسعوديين؛ لأنهم مركز التحالف والممولين للحرب ضد الحوثيين، وبعد مفاوضات غير مثمرة طلب فيها اليمنيون من الإمارات تخفيف وجودها العسكري، قام السعوديون بإحضار طائرة وعلى متنها قوات عسكرية.
وتنقل الصحيفة عن الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، قولها: "وجود السعوديين مثير للقلق.. يجب ألا نثق في أجندتهم"، منوهة إلى أن بن داغر كتب من العاصمة السعودية الرياض على صفحته في "فيسبوك" يوم الخميس، إنه عاد لمقر حكومة المنفى، وبأن سقطرى أصبحت في يد اليمنيين.
ويكشف التقرير عن ظهور صور لعربات مصفحة يتم تحميلها على متن طائرة شحن عسكرية "سي-17"، إلا أنه من غير المعلوم إن كان السعوديون قد غادوا الجزيرة أم لا، حيث لم تستطع الصحيفة الحصول على معلومات من عدن أو الرياض، ولا من أبو ظبي.
وتقول الصحيفة إن "الجميع غير مقتنع بكلام بن دغر، وبأن المسألة قد حلت، وحتى المسؤولين في الحكومة لا يتبعون موقفها، وقال مسؤول مؤيد للإمارات في سقطرى إن القوات الإماراتية باقية في الجزيرة، وبأن السكان (راضون بهذا الواقع)".
ويورد التقرير نقلا عن محافظ عدن والناقد للإماراتيين طارق سالم، قوله في تصريحات لتلفاز "يو أن نيوز" يوم الأربعاء، إنهم "يريدون تحويل هذه الجزيرة الجميلة والمحمية الطبيعية إلى واحدة من الإمارات، الإمارة الثامنة"، فيما قالت كرمان: "لن يترك الإماراتيون الجزيرة، فهناك الآن قوات سعودية"، وأضافت: "نرفض استبدال احتلال إماراتي بسعودي، وهاتان الدولتان تتداولان على تدمير اليمن وفرض السيطرة وفي سقطرى، فهذا سيطال النظام البيئي النادر".
وبحسب الصحيفة، فإن السعوديين وصلوا الآن، فهم على ما يبدو يريدون البقاء، وأعلن سفير السعودية في اليمن محمد الجابر في يوم الخميس، أن بلاده ستزود الجزيرة الفقيرة بالمياه والكهرباء في الوقت الحالي، وهو دور لعبته الإمارات سابقا، لافتة إلى أن الجابر وضع في احتفال غطته التلفزة السعودية، حجر الأساس لحفر بئرين في العاصمة حديبو، وهما جزء من سلسلة مشاريع أخرى سيتم تنفيذها.
وينقل التقرير عن المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، قوله عبر تطبيق "واتساب": "التحالف كله ابتسامات ومصافحات بشأن سقطرى، وقد انتهت الأزمة"، فيما قال المتحدث باسم التحالف العربي تركي المالكي في تصريحات نقلها تلفزيون "العربية"، إن سقطرى تدار اليوم بتعاون بين الإمارات والسعودية والحكومة اليمنية.
وتقول الصحيفة إن السخط يشتعل في اليمن والجزيرة ضد الدور الإماراتي في الحرب اليمنية، رغم توضيح الأدوار في سقطرى، مشيرة إلى أن محافظ عدن ليس الوحيد المحرض، فالمهرة الواقعة على الشاطئ الشرقي لليمن، كانت جزءا من سلطنة ضمت سقطرى حتى إنشاء البريطانيين محمية في عام 1886.
ويبين التقرير أن الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار، المقيم في عُمان والممول منها، وأحد أحفاد حكام السلطنة، يقدم نفسه على أنه بديل لكل من سقطرى والمهرة.
وتنقل الصحيفة عن الباحثة في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، قولها إن المهرة، التي وصلت إليها القوات السعودية في كانون الأول/ ديسمبر، أصبحت متوترة، "واستطاعت السعودية الحصول على ولاء عدد من القبائل الشمالية في المهرة؛ لجهودها في مكافحة التهريب، وتوفير المعدات الضرورية مثل المولدات"، وأضافت: "لكن لا يزال هناك الكثير من العدوانية ضد التدخل السعودي" ، حيث أن خطط السعودية فتح مدارس دينية أثارت غضب السكان المحليين، وأقلقت الجارة العمانية الهادئة.
ويذكر التقرير أن أل عفرار زار المهرة هذا الشهر، مثيرا المشاعر المعادية لدول التحالف، واحتجاجات واعتصامات تطالب السعوديين بالخروج من المهرة، والإماراتيين بمغادرة جزيرة سقطرى.
وتجد الصحيفة أن هذه الاضطرابات غذتها حقيقة غياب التفاصيل حول الاتفاقية، التي قيل إنه تم التوصل إليها في سقطرى، مستدركة بأنه رغم مطالب وزارة الخارجية الأمريكية بخفض التوتر، ودعوات من تركيا والمبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث، إلا أنه لا توجد نتائج، وتبقى نوايا دول التحالف غير معروفة.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول كيندال: "أشك في أن تتخلى دول التحالف عن سقطرى، رغم المزاعم بوجود اتفاق قد تم التوصل إليه يؤدي إلى خروج القوات الإماراتية من الجزيرة"، وأضافت أن "هذا الموضوع أظهر الكثير من خطوط الصدع في التحالف".
انتهی/