ـ السبب الأول، سرعة تقدّم القوات المدعومة من التحالف الأميركي، لدرجة أنّ بعض الصحافيين الميدانيين وصف ما جرى بأنه عملية تسليم وتسلّم بين داعش وبين «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من التحالف الأميركي، إذ لم تقع أيّ مواجهة على طول خمسة كيلو مترات.
ـ السبب الثاني، أنّ «قوات سورية الديمقراطية» لم تتمكّن من إنجاز عملية السيطرة على مدينة الرقة، حيث لا تزال المعارك تراوح في مكانها منذ حوالي شهرين من دون تحقيق أيّ تقدم، وكان الأوْلى بالأميركيين التركيز على معركة مدينة الرقة. ولكن إطلاق معركة جديدة باتجاه دير الزور هدفها رسم خطوط حمر في هذه المحافظة تمنع القوات السورية من الانتشار شمالي نهر الفرات. هذه الوقائع دفعت الكثيرين إلى طرح السؤال عن احتمال صدام بين الجيش السوري وحلفائه والتحالف الأميركي.
مثل هذه الأسئلة والمخاوف طرحت أيضاً عند تحرير مدينة حلب، والريف الشمالي للمدينة، حيث انطلق سباق مماثل بين الجيش السوري وحلفائه وقوات التحالف الأميركي الذي يدعم «قوات سورية الديمقراطية».
واضح حتى الآن أن ليس في نية الجيش السوري وليس في أولوياته الصدام مع «قوات سورية الديمقراطية» والتحالف الأميركي. أولوية الجيش السوري هي تحرير مدينة دير الزور والمدن الواقعة شرقاً على ضفاف النهر بدءاً من الموحسن مروراً بالميادين وانتهاءً بالبوكمال، وقد يقبل الجيش السوري وحلفاؤه التعايش مع واقع يشبه الواقع الذي نشأ في محيط مدينة منبج بريف حلب الشمالي، وإعطاء الأولوية لتطهير محافظة دير الزور بشكل كامل من تنظيم داعش وهي معركة لا تزال تحتاج إلى مرور بضعة أسابيع أخرى حتى تنجز عملية التحرير، وفي ضوء الوضع الناشئ بعد تحرير هذه المناطق تتحدّد وجهة القوات السورية في المعارك اللاحقة.
ومن غير المستبعد أن تعطى الأولوية لتطهير محافظة إدلب من إرهاب «جبهة النصرة» بعد الانتهاء من معركة تحرير محافظة دير الزور بكلّ مدنها الرئيسية، وربما تتمّ معالجة الوضع مع «قوات سورية الديمقراطية» المدعومة من التحالف الأميركي بالوسائل السياسية وليس العسكرية، وبالتالي حسم الوضع في هذه المناطق قد يكون الفصل الأخير في الحرب التي شنّت ضدّ سورية.
المصدر/ حميدي العبدالله - البناء