سيرغي بليخانوف: الحرب الدبلوماسية، التي أعلنتها السعودية وعدد من البلدان العربية ضد قطر، تزامنت مع تعيين الأمير محمد بن سلمان ولي عهد جديدا في السعودية.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء- نشرت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" مقالا للمعلق السياسي رينات عبدواللين يتضمن مقابلة مع الكاتب والصحافي المعروف، مؤلف العديد من الكتب، التي تتحدث عن الحكام العرب – سيرغي بليخانوف، وذلك حول أبعاد المواجهة بين دول الخليج (الفارسي)، ولماذا بدأت الآن حملة الضغط على قطر؟ وهل ينبغي توقُّع تدخل مسلح ضد الإمارة؟
يعتقد بليخانوف أن السبب الحقيقي لتفاقم الخلاف بين ملكيات الخليج (الفارسي) يكمن في تعزُّز موقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أحد أصغر الحكام في المنطقة (31 عاما)، والذي أصبح الآن واقعيا "الرأس المحرك للسياسة السعودية، وهو السبب الحقيقي للنزاع".
ويرى الخبير أن التناقضات مع حاكم شاب آخر، وهو أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني (37 عاما)، قد لعبت دورها أيضا في تأجيج الصراع، حيث اصطدم شابان عربيان "ملتهبا المزاج". لكن هناك، سببا جذريا لهذا النزاع، وهو "التنافس الجيوسياسي بين قطر والسعودية"، بيد أن هذا التنافس "ليس وليد الأمس وهو لن ينتهي غدا". ولذا، فإن العامل الشخصي هو الذي فاقم الوضع حول قطر.
ومن الواضح أن خصائص طبع محمد بن سلمان الشخصية لم تعد سرا على أحد، حيث تصفه الصحافة الغربية ليس فقط بصاحب "الرأس الساخن"، بل و"المقامر" في خبايا السياسة السعودية، وتشير إلى جنوحه نحو المغامرة. وللتذكير، يشغل الأمير محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع منذ بداية عام 2015، وينسبون إليه تزايد النشاط السعودي في الأزمة السورية والحرب في اليمن.
ومحمد بن سلمان ليس أقل طموحا في الشؤون الداخلية، والقليل فقط يعتقدون أنه سيعمل على تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة، بل على الأرجح سوف يزيد الرهان، كما يعتقد بليخانوف، الذي يشير إلى أن شخصيته مثيرة للاهتمام لأسباب عديدة، أهمها: أنه الوحيد بين الأمراء، الذين يشغلون مناصب قيادية في السعودية، الذي لم "يصقله" التعليم في الخارج، وأنه نتاج المدرسة الداخلية الصافية، ويعني هذا أن الأفكار الوهابية الرائدة في هذا البلد قد تركت تأثيرها القوي في تكوينه الذهني، - كما يؤكد الخبير بليخانوف.
محمد بن سلمان وكما تبين برامجه، بما في ذلك فك ارتباط الاقتصاد السعودي بالنفط، هو سياسي ديناميكي، بيد أن السؤال هو ما مدى "عقلانية هذه الديناميكية". إذ ليس من المستبعد أننا سنكون في القريب العاجل شهودا على تنازل الملك عن العرش، وهي ظاهرة شائعة في المنطقة، ومبايعة الشاب الذي يبلغ من العمر 31 عاما ملكا.
وعلى الرغم من الوضع، الذي ينذر بالخطر في الأزمة مع قطر، يستبعد بليخانوف "تحوله إلى تدخل مسلح، هذا على الرغم من إمكان حدوث مناوشات عسكرية على الحدود بصورة محدودة تهدف إلى الإبقاء على حالة التوتر، وإلا فلماذا جرى توجيه إنذار إلى قطر! فإذا ما رفضته فيجب اتخاذ شيء ما"، كما يقول الخبير، مؤكدا أن "كل شيء في هذا الصدد يستند الى الطموحات الشخصية، والحديث لا يقتصر على محمد بن سلمان وحده، بل أيضا "على توازن القوى في المملكة نفسها"، حيث من المعلوم أن هناك الكثيرين من الرموز المؤثرة في العائلة الحاكمة وغير الراضين عن وضع كل السلطات في يد الأمير الشاب".
هذا، وإن عدم تحول الصراع إلى مواجهة عسكري مسلح، كما يوضح بإسهاب الخبير بليخانوف، مرتبط أيضا بتأثير العامل الخارجي ودور الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تملكان القدرة على التأثير والردع بما يلائم حركتهما السياسية في التعامل مع كلا طرفي النزاع.
إلى ذلك، فإن الحصار، الذي سيستمر عدة أشهر، سيرفع عاجلا أم آجلا عن قطر.
المصىر/ ناصر قويدر - روسيا اليوم