تتبع المملكة العربية السعودية سياسة “تصالحية” مع إدارة دونالد ترامب التي ستتسلم السلطة رسميا يوم الجمعة المقبل، في محاولة من جانبها لكسبها الى صالحها، واذا لم يتأت ذلك، فتقليص اخطارها على الأقل.
طهران-
وكالة نادي المراسلين الشباب للانباء-تاريخيا كانت الاسرة السعودية الحاكمة تراهن على الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الامريكية، وتعتبره الحليف القوي الذي يمكن الاعتماد على ادارته، لانها لا تثق بالديمقراطيين، وكان الأمير بندر بن سلطان يعتبر احد ابرز مهندسي هذه النظرية، حتى انه علم بقرار إدارة الرئيس جورج بوش غزو العراق واحتلاله قبل ان يعلم به كولين باول، وزير الخارجية الأمريكي في حينها، ولم يخسر الأمير بندر نفوذه، وبالتالي منصبه كسفير لبلاده في واشنطن لاكثر من عشرين عاما، الا بعد تراجع الإدارة الجمهورية الامريكية، وتولي الرئيس باراك اوباما الديمقراطي، الذي لا يكن الكثير من الود للسعودية، السلطة لفترتين متتاليتين.
هناك مؤشرات تؤكد ان الرئيس ترامب ربما يغير هذه القاعدة في العلاقات السعودية مع الإدارة الامريكية، فقد اظهر اثناء حملته الانتخابية القليل من الود، والكثير من العداء للقيادة السعودية، عندما كان من اكثر المتحمسين لتطبيق قانون "جاستا” الذي يعطي أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر الحق في مقاضاة الحكومة السعودية وطلب تعويضات مالية ضخمة، وطالب، أي ترامب، السعودية ودول الخليج بدفع ثمن الحماية التي تقدمها لها الولايات المتحدة.
القيادة السعودية استشعرت هذا الخطر وقررت القيام بتحرك استباقي عندما اوفدت السيد عادل الجبير، وزير الخارجية والسفير السابق الى واشنطن، لاجراء اتصالات مكثفة مع أعضاء الكونغرس، لتوثيق علاقاتهم ببلاده، وتكوين "لوبي” من المشرعين الأمريكيين للدفاع عن مصالحها، في وجه أي خطوات معادية محتملة قد تقدم عليها الإدارة الجمهورية الجديدة.
التحرك الآخر الذي اتخذته المملكة في هذا الاطار يتمثل في منع أي انتقاد في رسائلها الإعلامية للرئيس الأمريكي الجديد، حتى انها منعت جمال خاشقجي احد اكثر الكتاب ولاءا لها، وتعبيرا عن وجهة نظرها، من الكتابة لانه عبر عن مخاوفها من الرئيس الأمريكي المنتخب، في مشاركة له في ندوة سياسية في واشنطن.
وفي هذا السياق يمكن فهم تصريحات السيد الجبير التي ادلى بها يوم امس الاول (الاثنين) في مؤتمر صحافي عقده في باريس، وعبر فيه عن تفاؤله الشديد تجاه إدارة الرئيس ترامب القادمة، وترحيبه بسعيها لاستعادة النفوذ الأمريكي في العالم، واحتواء ايران، ومحاربة تنظيم "داعش” مؤكدا تطلع حكومته للعمل مع الإدارة الجديدة في شتى المجالات لان مصالح البلدين متطابقة في سورية والعراق واليمن وايران.
انها رسالة تصالحية واضحة، وغضن زيتون سعودي الى الرئيس الأمريكي الجديد، ويظل السؤال حول مدى تجاوبه مع هذه الرسالة إيجابيا.
لا نعتقد في هذه الصحيفة "راي اليوم”، ان العلاقات مع السعودية تحتل مرتبة متقدمة من سلم أولويات الرئيس الجديد، فهناك قضايا كثيرة اكثر الحاحا، ولكن لا بأس من المحاولة وبذل الجهود الدبلوماسية، فمن الواضح، ومن خلال رصد ملامح سياسة الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط، ان مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي ستكون "حجر الزاوية” في هذه السياسة، ولم يكن من قبيل الصدفة ان تستجيب الحكومة المصرية، والرئيس السيسي شخصيا، مع طلب الرئيس ترامب بتأجيل تقديم مشروع قرار مصري الى مجلس الامن بإدانة الاستيطان الإسرائيلي ووقفه فورا.
ومن المفارقة ان العلاقات السعودية المصرية تتدهور يوما بعد يوم مع اقتراب دخول الرئيس الأمريكي الجديد للبيت الأبيض، مما يعكس بعض نقاط ضعف الدبلوماسية السعودية، وبعض القصور في قراءتها لتطورات العلاقات الدولية وتقلباتها في المنطقة الشرق أوسطية.
(العالم)