لقد منحنا النصر باستشهاده

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۹۴۳۳
تأريخ النشر:  ۰۰:۳۱  - الخميس  ۰۳  ‫أکتوبر‬  ۲۰۲۴ 
الانتصار للسيّد نصر الله يكون عبر التشبث بخيار المقاومة أكثر، ودفع الجماهير إلى الالتفاف حول حركات المقاومة داخل فلسطين وخارجها، والإيمان بأنّ تحرير الأقصى سيحدث عاجلاً كان أم آجلاً.
لقد منحنا النصر باستشهاده

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- لا يستطيع أحد التهوين من حجم الخسارة التي مُنيت بها جبهة المقاومة العربية باستشهاد السيد حسن نصر الله. الجميع يتألم، وهناك شعورٌ عام بأنّ إكمال المسيرة من دون توجيهات سيّد المقاومة وخطاباته وعباراته وعمامته وابتسامته وروحه التي كانت تحاوط كل محبيه وترافقهم أينما كانوا، هو أمرٌ عسير وفوق الطاقة، خصوصاً لدى الجيل الذي تشكل وعيه النضالي مع الحرب ضد "إسرائيل"، وصولاً إلى تحرير جنوب لبنان في ربيع عام 2000.

الدُموع التي يذرفها الملايين على حُسين هذا الزمان وساقي عطاشى فلسطين، ليست حزناً على الفقيد بقدر ما هي حزن على حالهم من بعده، وهم الذين اعتادوا وجود هذا الوتد الصلب، راسخ العقيدة، رقيق الفؤاد.. بغيابه يشعرون أنهم سيضلّون الطريق، وكيف لا؟، وقد غابت شمسهم، وانزوى القمر. تلك العواطف، بذاتها، لا مأخذ عليها، بل هي دليل المحبة، وعناوين تشير إلى حياة القلوب، وصواب المقاصد؛ ولكن المهم أن تُترجم هذه المشاعر إلى طاقة تدفع المحبين إلى إكمال المسيرة، لا التراجع عنها ولو سنتيمتراً واحداً.

لقد منحنا السيّد حسن النصرَ في جنوب لبنان بتطهيره من دنس قوات الاحتلال، وفي مناطق شمال فلسطين المحتلة بتهجير المستوطنين منها، وفي سوريا بإجهاض مشاريع المتطرفين من وكلاء واشنطن و"تل أبيب"، وفي كل بقعة من بقاع محور المقاومة كانت له البصمة الأوضح. ثم، منحنا النصر مجدداً باستشهاده، لأنه ضرب بمجمل حياته المثال الذي كانت تحتاجه تلك الأمة لكي تستنهض كل ما لديها من قوة، وتخوض معركتها بثبات ووحدة ضد عدوها، ومنحنا النصر أيضاً باستشهاده لأننا بذلك نضمن أن يبقى حياً معنا "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...".

أمثال نصر الله لا يمكن تعويضهم بسهولة، وفي مصر لدى معسكر المقاومة تجربة قاسية في هذا الميدان، فما إن فقدت القاهرة جمال عبد الناصر في أيلول/سبتمبر 1970، حتى فقدت معه روحها، ولم تستردها بعد حتى الساعة، وترك ناصر خلفه فراغاً ظلّ عصياً على الامتلاء حتى اليوم. والسيّد حسن مثل عبد الناصر في استثنائيته، وفي مواهبه الشخصية التي يندر تكرارها، لكنْ عزاؤنا أن حزب الله ومن خلفه محور الممانعة، لا يزال منتصب القامة، والرحم تلد القادة، والنهج واضح، والدرب مُحدّد الملامح، ومُحصنٌ ببركة الشهداء وطهارة دمائهم.

لم يحظَ السيد حسن بحب جمهور المقاومة أو الطامحين لتحرير الأرض المحتلة فقط، بل تمتع طوال حياته بمحبة الفقراء من كل حدب وصوب، وهو الذي قاد حزب الله 32 عاماً، لم ينسَ يوماً أنه المولود في أحد الأحياء الفقيرة شرق بيروت، حيث كان والده يملك محل بقالة صغيراً، كما لم تفارقه مطلقاً التجارب التي شكّلت وعيه، إذ اختبر في بواكير شبابه ويلات الحرب الأهلية، وأدرك حينها أن السلاح يجب أن يصوّب تجاه أعداء الخارج، الذين لم يفوّتوا فرصة لبث السموم.

وما كان من الشاب الذي درس علوم الدين في النجف الأشرف، إلا أن يلتحم وجدانياً بالثورة الإيرانية التي انتصرت في عام 1979، فدعت فوراً إلى تحرير فلسطين، وأعلنت عداءها للهيمنة الغربية، ثم دعمت الحركة الوليدة التي أصبحت لاحقاً حزب الله، والتي تشكّلت بالأساس بهدف التصدي للغزو الإسرائيلي الذي توغل في عموم لبنان عام 1982، وفي كل تلك المراحل كان إلى جواره صديقه الذي يكبره بثمانية أعوام، عباس الموسوي، والذي سبقه إلى منصب الأمين العام للحزب، كما سبقه أيضاً إلى الشهادة في شباط/فبراير 1992.
انتهی/

الكلمات الرئيسة
رأیکم