نجاح الإضراب العام في الكيان الإسرائيلي أكبر من مجرّد تحذير

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۹۳۱۱
تأريخ النشر:  ۲۰:۳۳  - الثلاثاء  ۰۳  ‫ستمبر‬  ۲۰۲۴ 
أظهر نجاح الإضراب العام في كيان الاحتلال بنسبة تجاوزت 90%، حقيقة ارتخاء قبضة اليمين المتطرّف على الشارع، أو تعبيراً عن مدى تضارب أدواته وهو المهيمن على الحكومة والكنيست.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- نجحت نقابات العمال في الكيان الإسرائيلي في تنفيذ أخطر إضراب في تاريخها، تضامناً مع مطالب عوائل الأسرى الإسرائيليين في غزة، بأولوية عقد صفقة لتحرير أبنائهم، إضرابٌ شمل المستشفيات والمصانع والمطارات والجامعات والمدارس والمواصلات، وحتى وزارات الحكومة في "الدفاع" والمالية وغيرهما، وهو نجاح يأتي في توقيت حسّاس وحادّ على كلّ المستويات.

نجح هذا الإضراب، رغم المعوّقات الكبيرة من الحكومة ووزارة المالية ومحكمة العمل والجمهور اليميني واسع التأثير، ما يطرح أسئلة جوهرية حول المسار التصاعدي في مجمل الواقع الإسرائيلي، ويدفعه نحو مزيد من الاشتعال، خاصة بعد التظاهرات الأضخم ليلة الإضراب، والتي شارك فيها مئات الآلاف في أكثر من 40 موقعاً على امتداد فلسطين المحتلة، ومستوى التحدّي الذي ظهر في نبرة رئيس "الهستدروت"، مع إصرار نقابة موظفي المطارات ومنها مطار بن غوريون على مواصلة الإضراب، فهل يشجّع هذا النجاح نقابة الهستدروت على مواصلة الإضراب لأيام مقبلة؟

يواصل نتنياهو تهميش قضية الأسرى الإسرائيليين، ويقدّم عليها تفاصيل ميدانية مثل معبر فيلادلفيا بين غزة ومصر، رغم تأكيد المستوى العسكري والأمني بشكل صريح أنّ هذا المعبر لا يحتلّ أيّ مكانة استراتيجية، وأنّ الإصرار على السيطرة عليه يعني مقتل جميع الأسرى بالتدريج، وهو ما تأكّد بعد مقتل الأسرى الستة مؤخراً، وكانوا مرشحين للتحرّر وفق المقترح الأميركي للمرحلة الأولى من الصفقة التي تراوح مكانها في القاهرة والدوحة، وقد جاء الإضراب العام في "إسرائيل"، ليعكس مستوى التوتر الذي يسيطر على الشارع الإسرائيلي، وهو أسير نخبة معزولة تضيق خياراتها، رغم اتساع التطرّف اليميني في هذا الشارع، إلا أنه اتساع يظلّ في غالبه مع أولوية الصفقة للإفراج عن الأسرى.

 يشير نجاح هذا الإضراب إلى محطة جديدة في وجهة ومسار النخبة السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية، والتي دخلت بكلّيتها ميدان الهزيع العصبي منذ السابع من أكتوبر، مدفوعة بشعور الانتقام، لكن شهور الحرب والفشل في تحقيق أهدافها مع صمود المقاومة، واتساع نطاق إسناد غزة عسكرياً من لبنان واليمن، ثم العزلة العالمية رغم التعاطف في البداية، جعل غالبية هذه النخبة تميل لأولوية عقد الصفقة ولو على حساب استمرار الحرب، وأكثر من يعبّر عن هذا التحوّل الجنرال غادي آيزنكوت، وهو الذي فقد ابنه وابن أخته في القتال داخل غزة، وكان عضواً في كابينت الحرب قبل أن يستقيل احتجاجاً على عناد نتنياهو.

أظهر نجاح الإضراب العام في الكيان بنسبة تجاوزت 90%، حقيقة ارتخاء قبضة اليمين المتطرّف على الشارع، أو تعبيراً عن مدى تضارب أدواته وهو المهيمن على الحكومة والكنيست، لكنه يعمل وسط خلافات حادة مع "الجيش" والمؤسسة الأمنية والمحكمة العليا ونقابات العمال، رغم نجاحه حتى الآن في دفع وتيرة الحرب تحت تأثير هزيع السابع من أكتوبر، وغلبة مشاعر الانتقام عند عامة الشارع الإسرائيلي وهي مشاعر مبنية في الأساس على تكوين نفسي عنصري.

وصلت تأثيرات الإضراب العام في الكيان الإسرائيلي إلى جوانب حسّاسة تجاوزت العامل الاقتصادي والسياسي لما هو ميدان القتال، عندما أضربت المشافي ومنها مشفى "شيبا" الذي رفض استقبال بعض جرحى "الجيش" الذين سقطوا في خضمّ القتال المشتعل في غزة والضفة والشمال، وهو يظهر مستوى الإصرار الذي وصلت إليه شرائح واسعة في الشارع الإسرائيلي ضد الحرب، أو لصالح قضية الأسرى بما تمثّله من مكوّن جوهري في أصل وجود "الدولة" وفي عمق النفسية اليهودية التي تقدّس حياة اليهودي وتعدّها أولوية تكريساً لشعور التفوّق العنصري الإسرائيلي باعتبارهم "شعب الله المختار"، وهو الشعور الذي كسره نتنياهو لصالح نزعات حزبية وشخصية.
انتهی/

رأیکم