هل يحدّد "الجيش الإسرائيلي" مستقبل المفاوضات بشأن غزة؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۹۲۳۳
تأريخ النشر:  ۱۶:۳۶  - الأَحَد  ۱۸  ‫أغسطس‬  ۲۰۲۴ 
من أكبر الإخفاقات الإسرائيلية في الحرب على غزة، هو أن "الجيش" الإسرائيلي، ومعه المستوى السياسي، لم يصادقا على استراتيجية خروج من القتال في غزة، وما هو تعريف النصر، وهل الأهداف الموضوعة قابلة فعلاً للتحقق، أم لا.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- في بيان مشترك بين الولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر، اختُتمت الجولة الأولى من المباحثات في الدوحة، وأعلن الموقعون على البيان تقديم مقترح جديد، واجتماعاً وشيكاً في القاهرة من أجل البحث في وقف إطلاق النار، وأن المحادثات "كانت جادّة وبنّاءة وأُجريت في أجواء إيجابية".

وكشف البيان أن الولايات المتحدة الأميركية، بدعم من قطر ومصر، قدّمت إلى كِلا الطرفين اقتراحاً يقلّص الفجوات بينهما، ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن، في الـ31  من أيار/مايو الماضي، ومع قرار مجلس الأمن 2735، وأن هذا الاقتراح يُبنى على نقاط الاتفاق التي تحققت، ويسدّ الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق.

لا شكّ، كما بات معروفاً، في أن هناك نقاطاً خلافية جذرية بين الطرفين، أهمها وقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبر رفح، ومن محور نتساريم، الذي يفصل شمالي قطاع غزة عن الوسط والجنوب، وبعض التفاصيل الأخرى.

واقعياً، باتت أمام إنهاء الحرب في غزة مشكلتان: مصير نتنياهو السياسي، واستراتيجية الخروج المفقودة لدى "الجيش" الإسرائيلي.
1- مصير نتنياهو السياسي

كما بات معلوماً، فإن نتنياهو يقاتل في غزة من أجل مستقبله السياسي، وما استمرار رفض كل الحلول لوقف الحرب إلا بسبب خشيته مما سيكون عليه الاشتباك السياسي الداخلي في "إسرائيل" بعد انتهاء الحرب، وخصوصاً مع المطالبات المتزايدة بإنشاء لجنة تحقيق لكشف المسؤوليات عن الإخفاقات في الـ 7  من تشرين الأول/أكتوبر، والتي ستطال نتنياهو والقادة الأمنيين.

لا يجد نتنياهو نفسه مستعجلاً لوقف الحرب، ما دام استمرارها يحظى بدعم "المجتمع الإسرائيلي"، إذ لم تخرج المظاهرات العارمة التي تشبه تلك التي خرجت في إبّان رفض التعديلات القضائية، بالإضافة إلى أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير إلى ارتفاع نسب التأييد لنتنياهو، بحيث كشف استطلاع، أجرته "معاريف" مؤخراً، أن 50 % من الإسرائيليين يَعُدّون نتنياهو الأفضل لقيادة الحكومة بينما أيّد 49% بني غانتس لتولي الحكومة.
2- استراتيجية خروج "الجيش" الإسرائيلي

لعل من أكبر الإخفاقات الإسرائيلية في الحرب على غزة، هو أن "الجيش" الإسرائيلي، ومعه المستوى السياسي، لم يصادقا على  استراتيجية خروج من القتال في غزة، وما هو تعريف النصر، وهل الأهداف الموضوعة قابلة فعلاً للتحقق، أم لا.

عادةً، تحاول الدول المتدخّلة عسكرياً أن تضع "استراتيجية خروج" exit strategy  تسمح لها بالخروج من حرب من دون أن يعني خروجها خسارة وهزيمة، وعلى نحو يسمح لها بإنهاء تلك الحرب مع القدرة على ادعاء انتصار، عبر تحقيق معظم الأهداف المعلنة، ومن دون أن تُجبَر على خوض معركة استنزاف طويلة الأمد، تؤدي إلى خسائر كبرى، في المدى الطويل.

غالباً، يأخذ تصميم استراتيجيات الخروج في الحسبان تضارب الضغوط الداخلية والخارجية والميدانية، على النحو التالي:

- عندما تكون الضغوط الخارجية أو الداخلية مقبولة ومتوسطة، تجهد الدولة في إبراز صورة "عدم الخسارة" الميدانية والعسكرية، فتعمد إلى اتباع استراتيجية "الخروج طويل الأمد"، والذي يقوم على اتفاق تفاوضي يسبق الانسحاب، ويؤدي إلى انسحاب عسكري محدود الخسائر المادية والمعنوية. 

- عندما تكون الضغوط كبيرة جداً، فمن المرجّح أن تنتهج الدولة استراتيجية خروج سريع، على الرغم من تكاليفها الكبيرة وتبعاتها على سمعتها وهيبتها.

وبسبب عدم توافر استراتيجية خروج، وبعد مرور 10 أشهر على القتال في غزة، تشير التقارير الصحافية الإسرائيلية  إلى أن الجيش الإسرائيلي يتجه إلى إعلان انتهاء عملياته في غزة بعد أن ادّعى أنه قتل 17 ألف مقاتل من حماس، وقوّض 75% من قدراتها، بحسب زعمه. كما أوردت تقارير أخرى أنه أبلغ المستوى السياسي أنه لا يمانع من الانسحاب من محور فيلادلفيا ومعبر رفح (وكان المجتمعون في الدوحة أعلنوا توصلهم إلى حلّ لقضية معبر نتساريم).

إذا صحّت  تلك التقارير الصحافية، فإن ذلك قد يشكل إحراجاً لنتنياهو وحكومته اليمينية، في ظل إصرارهما على رفض إنهاء الحرب، وفي ظل رفض نتنياهو الانسحاب من الحدود غزة مع مصر، وتسليم المعابر إلى السلطة الفلسطينية.

وعليه، وبما أن الضغوط  الخارجية على "إسرائيل" ما زالت تحت مستوى الضغط الفعلي، وبما أن المستوى السياسي والجمهور الإسرائيليَّين ما زالا مستمرّين في دعم الحرب، فهذا يعني أن الموقف الإسرائيلي بشأن المفاوضات في غزة بات مرتبطاً بموقف "الجيش" الإسرائيلي، ومرتبطاً بصورة وثيقة بالتهديد الإيراني بردّ قوي على "إسرائيل"، والخشية من ردّ حزب الله، الذي قد يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية.
انتهی/

رأیکم