بعد مضي 3 أيام على الرد الايراني على النسخة الاخيرة من مسودة الاتفاق في المفاوضات التي شهدتها فيينا للعودة الى الاتفاق النووي، يبدو واضحا ان الادارة الاميركية تعاني من ضعف الارادة للعودة الى الاتفاق النووي بسبب الخلافات الداخلية في اميركا والضغط الصهيوني، في وقت بات الجميع يذعنون بان ايران تصرفت تصرفا منطقيا وان حصول الاتفاق النهائي رهن بحسم البيت الابيض الاميركي لقراره السياسي.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وتتزايد الضغوط على الاميركيين في الساعات الاخيرة، فقد وصفت الاطراف الاخرى المشاركة في المفاوضات المقترحات الايرانية بانها في غاية المهنية والمنطق وقد القت الكرة في الملعب الاميركي حيث تنتظر وسائل الاعلام والمراسلين الصحفيين والمراقبين الدوليين الرد الاميركي في ضوء الضغط الصهيوني.
وقد قال مراسل موقع اكسيوس الاميركي "باراك رافيد" في سلسلة تغريدات كتبها يوم الثلاثاء ان رئيس الوزراء الصهيوني "يائير لابيد" قد بعث برسالة الى البيت الابيض وادعا فيها ان مسودة اتفاق فيينا قد تخطت معايير الاتفاق النووي ولا تتطابق مع الخطوط الحمراء لادارة جو بايدن.
ويقول هذا المراسل الصهيوني الهوى ان لابيد التقى في مكتبه رئيس لجنة الشرق الاوسط في مجلس النواب الاميركي " تيد دوتش" والسفير الاميركي في الكيان الصهيوني " توم نيدز" وقد بحث معهما الموضوع الايراني ، وكان فحى كلام لابيد في هذا اللقاء ان المسودة المطروحة للاتفاق في فيينا والتي تعرف باسم المسودة النهائية لا تتطابق مع معايير ادارة بايدن وتمنح ايران امتيازات اكبر من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 ، واضاف لابيد انه عندما ارسلت مسودة الاتحاد الاوروبي الى ايران فانها كانت مسودة نهائية لكن حينما رد الايرانيون عليها ليس فقط لم يقبلوا بها بل طالبوا بمنحهم امتيازات اكبر من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، حسب تعبيره.
وقال لابيد انه قد حان الوقت للانسحاب من المفاوضات وان أي فعل آخر يرسل رسالة ضعف الى ايران والان قد حان الوقت لنتحدث عن كيفية منع ايران من الحصول على السلاح النووي. حسب زعمه.
كما زعم لابيد ان كيانه المؤقت غير مقيد بأي اتفاق نووي وسيقوم بكل ما يلزم لمنع ايران نووية كما ستواجه الحركات التي تدعمها ايران في المنطقة.
وقد قال الصحفي باراك رافيد ان السفير الاميركي قال بانه سينقل موقف لابيد الى الادارة الاميركية.
وأثار انتشار هذا النبأ ردود افعال في اميركا وفي الصحافة الدولية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية نيد برايس عصر الخميس ان بلاده لديها خلافات "تكتيكية" مع الشركاء "الاسرائيليين".
و اضاف برايس "لا شك اننا لدينا خلافات تكتيكية مع شركائنا الاسرائيليين حول الاتفاق النووي ، لكن فيما يتعلق بالهدف الرئيسي للاتفاق النووي فهناك تطابق في الآراء بيننا ونعتقد ان ايران يجب ان لا تحصل ابدا على السلاح النووي، حسب زعمه.
وتابع المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان الدبلوماسية من اجل العودة المتقابلة بالالتزام بالاتفاق النووي هي انجع سبيل لتحقيق هذا الهدف، وادعا برايس انه في حال تم العودة الى الالتزام المشترك بالاتفاق النووي فلن تستطيع ايران حيازة السلاح النووي. حسب زعمه.
في هذه الاثناء غرد الباحث الاميركي "جيسون برودسكي" في تويتر : ان تل ابيب تظن بأن جو بايدن وكبار المسؤولين في البيت الابيض لا علم لهم بالامتيازات المقدمة لايران في نص مسودة الاتحاد الاوروبي .
من جهتها علقت رئيسة المجلس الوطني للايرانيين المقيمين في اميركا "تريتا بارسي" في تويتر " من المحتمل بأن اسرائيل قلقة وهي تدرس منع عودة بايدن الى الاتفاق النووي، ان اسرائيل تظن بأن بايدن لم ينتبه الى فحوى الرد الايراني.
وبالتزامن مع ذلك اعتبرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي عودة اميركا الى الاتفاق النووي فشلا كبيرا للسياسة الخارجية لادارة بايدن، واعتبرت اللجنة في تغريدة نشرتها على تويتر ان ايران تسعى لضمان استمرار ادارة بايدن في الاتفاق النووي لكي تنهي تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحفظ الشركات الغربية العاملة في ايران وتسمح لايران بتسريع صنع السلاح النووي اذا انسحبت الادارة القادمة من الاتفاق النووي.
وتضيف التغريدة "ان مطالب ايران تعتبر ابتزازا وسيذكره التاريخ كفشل كبير لادارة بايدن وانه سيأتي بعد الانسحاب الكارثي من افغانستان، ولا بد من القول ان هذا الاتفاق سيعرض امن شركائنا والاميركيين في المنطقة الى الخطر.
ولم يأت بيان هذه اللجنة على ذكر المغامرات الاميركية في العالم وقيام اميركا باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق الشهيد قاسم سليماني لكنه اضاف " ان ايران تواصل التخطيط لاغتيال مسؤولين اميركيين سابقين وتسليم طائرات مسيرة قتالية لروسيا لمهاجمة اوكرانيا وتعرقل عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتدعم هجمات حركة الجهاد الاسلامي ضد اسرائيل ومهاجمة جنودنا ودبلوماسيينا، لذلك فان قيام بايدن برفع الحظر عن ايران سيزيد فقط من ارهاب ايران" ، حسب تعبير البيان.
اما الخبيرة في معهد مجلس العلاقات الخارجية الاوروبي "ايلي كرانمايه" فتقول من جانبها "ان اسرائيل قد زادت تحركاتها ضد الاتفاق النووي الى جانب البيت الابيض والكونغرس" ، وكتبت كرانمايه في تغريدة على تويتر " لقد حان الوقت لكي يتصل الرئيس الفرنسي ايمانوئل ماكرون بالرئيس الاميركي ليشجعه على ابداء الليونة والتحلي بالشجاعة ويعرب عن دعم الاوروبيين له".
كما توقع كبير مراسلي صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية والمتابع للمفاوضات النووية ان اميركا ستبعث اليوم بردها للاتحاد الاوروبي، وقال في تغريدة نشرها ان احتمال حل القضايا العالقة المتبقية هو احتمال ضعيف، لكنه اضاف ان احتمال عقد اجتماع آخر للتفاوض ليس مستبعدا.
وفي وسط هذه التطورات تداولت وسائل الاعلام يوم امس الخميس ما وصفته ببعض بنود مسودة الاتفاق النووي يتضمن رفع الحظر الفوري عن 17 مصرف ودفع غرامة لايران في حال انسحبت اميركا مجددا من الاتفاق النووي والغاء 3 اوامر تنفيذية لترامب في اول يوم وامكانية بيع 50 مليون برميل من النفط المخزن خلال الـ 120 يوما الاولى ومن ثم بيع 2/5 مليون برميل من النفط والمكثفات الغازية يوميا ورفع القيود عن 7 مليارات دولار من الاموال الايرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.
لكن المحلل السياسي "اسفنديار باتمانقليج" الذي يسكن بريطانيا فقد قال ان هذه الامور ليست امتيازات بل خطوات مستقلة تتعلق بالغاء الحظر الاميركي الثانوي على ايران.
ويؤكد هذا المحلل السياسي ان استطاعة ايران على بيع نفطها والوصول الى الاسواق الدولية لا يمكن اعتباره كامتيازات ، فالحظر لا يرفع تلبية لمطالب ايران بل يتم ذلك تلقائيا عند العودة للاتفاق النووي .
هذا وقد بلغت المفاوضات مراحلها الحاسمة وان الاتفاق ينتظر القرار السياسي الغربي والاميركي على وجه الخصوص لانهم هم من انسحبوا من الاتفاق النووي وان الاتفاق يسلتزم رفع الحظر وعدم بقائه كأداة للضغط على ايران في المستقبل.
ايران تريد اتفاقا يضمن الانتفاع الاقتصادي لشعبها وينهي القيود غير القانونية على بيع نفطها وتجارتها الخارجية واذا قبل الطرف الآخر بهذه المطالب المنطقية ومتطلبات اتفاق مستدام ومعتمد عليه فان الاتفاق النهائي سيحصل.
وقد اشار وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان الى حسن النوايا الايرانية وجدية طهران في التوصل الى اتفاق جيد ومستدام قائلا " بعد تلقي الرد الاميركي ، وفي حال التأكد من الانتفاع الاقتصادي لايران من الاتفاق ومراعاة خطوطنا الحمراء فاننا سندخل مرحلة جديدة في فيينا" مؤكدا "اذا لم يتم الاتفاق حول كافة القضايا لا يمكننا التحدث بجزم عن التوصل الى اتفاق جيد ومستدام" .
انتهی/