انقلاب الصورة .. ايران تتحوّل الى ضرورة استراتيجية للتجارة في العالم

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۶۴۴۴۷
تأريخ النشر:  ۱۴:۴۵  - الخميس  ۲۶  ‫مایو‬  ۲۰۲۲ 
يقول السفير الايراني في روسيا كاظم جلالي في مؤتمر تجاري ايراني روسي عقد موسكو "ان اكمال طريق سكك الحديد بين ميناء آستارا الايراني على بحر قزوين ومدينة رشت الايرانية ((هي أوجب وأشد ضرورة من المأكل والمشرب))" ، ليشير بذلك الى قضية هامة جدا وهي تحوّل ايران الى بوابة هامة ورئيسية ولابديل عنها في التجارة العالمية، بعد تغيّر الأوضاع على الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا فضلا عن الأوضاع العسكرية، بعد نشوب الحرب الاوكرانية.

طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وقبل هذا التصريح بأسابيع صرح مسؤولون في روسيا وكذلك السفير الروسي في طهران ان موسكو عازمة العقد على تعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية والتجارية وفي مجال النقل وغيره، مع ايران.

وفي الاسابيع الماضية ايضا زار مسؤولون صينيون في قطاع النقل ايران، واعلنوا عن استثمارات بالمليارات في محطة سرخس للحاويات على الحدود الشرقية لايران وكذلك تطوير لموانئ ايرانية على بحر قزوين.

وببساطة وفي وسط الحظر الاميركي الغربي انقلبت الصورة، واصبحت الصين والهند (وتضمان ثلث سكان العالم) ودول شرقي آسيا، الى جانب روسيا، مدركة ومستوعبة لأهمية ايران المستقلة والقوية بمواقفها السياسية، وقدراتها العسكرية والأمنية، واستقرارها الداخلي، وامكانياتها المواصلاتية، ومكانتها الجيوسياسية الستراتيجية، لتشكل جسرا محكما وحيويا ولا بديل عنه بين الشمال والجنوب في نقل السلع والبضائع، بعد انسداد الطريق الاوروبي والغربي امام التجارة الروسية والصينية والشرق آسيوية، نحو مناطق وموانئ غرب روسيا وأوروبا الغربية، مع العلم بأن الأمور لن تقف عند هذا الحد، والدول الافريقية وربما العربية المتطلعة نحو شراء القمح والطحين والذرة والزيوت والنفط والغاز الروسي ستتوجه ايضا نحو البوابة الاستراتيجية الايرانية لسد احتياجات شعوبها.

ان المواقف الوسطية لمعظم دول العالم كالهند وباكستان ومعظم الدول العربية ودول شرق آسيا ودول أميركا اللاتينية تجاه المواجهة الجارية في اوروبا تحمل في طياتها معان كثيرة وكبيرة، ومنها أولوية مصالحها ومصالح شعوبها على المخططات الاميركية والغربية تجاه روسيا، وعدم اليقين لمن سيكون الانتصار (اذا كان يوجد هناك انتصار) والادراك بأن نقص المواد الغذائية وحاملات الطاقة سيحمل معه عواقب لا يمكن التكهن بها في المجتمعات.

أما الصين فربما حاجتها الى الممرات الايرانية لاتقل عن روسيا ، لأن الاستدارة الاميركية نحو الشرق هي الان تشمل الصين ايضا، والمخططات الاميركية لاحتواء الصين لاتقل خطورة بل هي اكبر مما خطط لروسيا، مثل السكينة التايوانية في الخاصرة الصينية والتموضع العسكري الاميركي (المباشر وليس بالوكالة) عند الممرات المائية الحيوية في شرق وجنوب آسيا مع الأخذ بعين الاعتبار بأن معظم القوات والأساطيل الأميركية هي الان متواجدة في تلك المنطقة من العالم.

زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي الى طهران في هذه الايام والكلام الذي قاله عن نية موسكو لاحداث تحوّل عميق في شتى المجالات التجارية والاقتصادية والمالية والمواصلات والنقل والترانزيت، وحتى تطوير المفاعلات النووية، وكذلك كلام السفير الروسي في طهران قبل ايام عن الاستعداد لتمتين العلاقات العسكرية الى أبعد الحدود، كله ناجم عن الادراك الروسي بأن ايران هي الان الفرصة الذهبية المتاحة امام روسيا لكسر الحظر وقلب معادلة العقوبات والاستفادة من خبرات وامكانيات الايرانيين معا، فقضية روسيا مع الغرب بلغت صراع المصير بعد ان كانت نزاعا على المصالح، ولا مجال للتريث والتأني.

ان تأهيل البنى التحتية الايرانية ونموها الكبير خلال العقود الماضية والخطط الاقتصادية الكبيرة والتنمية الشاملة لقدرات البلاد في شتى المجالات والتي نفذتها ايران بعد الثورة الاسلامية، عادت بالنفع على اقتصاد البلاد بشكل عام والآن، وفّرت للشعب الايراني امكانيات وقدرات هائلة واستراتيجية وفريدة من نوعها، عندما تصبح امكانيات البلاد حاجة وضرورة عالمية في الاوضاع السائدة دوليا.

ان الغرب وخاصة الاوروبيين المنصاعين لاميركا في حظرها، باتوا الان بحاجة الى ايران التي ساهموا هم في تطبق الحظر ضدها، وأصبح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي يتكلم عن "حاجة اوروبية للاتفاق مع ايران" بسبب الحاجة لمصادر الطاقة، وربما يضطر الاوروبيون لاحقا الى شراء المنتجات الروسية من المعادن والخامات التي تعبر من ايران نحو الأسواق الدولية.

ولن تشفع لتركيا محاولاتها للعب هذا الدور الاستراتيجي رغم توددها الى روسيا واعلانها عدم اغلاق مضائقها واعلان معارضتها لانضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو، لأن روسيا لاتنسى عضوية تركيا في الناتو، وعدم امكانية الوثوق ووضع البيض في السلة التركية.

وملخص الكلام هو تبّدد الحظر الاميركي والغربي وتأثيراته، بل عكسية في فعله وتأثيره، بسبب أخطاء الاميركيين أنفسهم الى جانب الصمود والاجراءات الايرانية المضادة، وهناك مثل ايراني شهير يقول "ان الأيادي التي تعلوا بعضها على بعض، هي كثيرة ".

بقلم: فريد عبدالله

الكلمات الرئيسة
رأیکم