المباهلة
وهي الحادثة التي كانت بحق النبي وآله.. فالمباهلة من معالم الولاية في حياة أهل البيت (عليهم السلام).. وهي عبارة عن اجتماع طرفين، يدّعي أحدهما أنه على حق، ثم يطلبان من الله -عز وجل- أن يجعل لعنته على الكاذب منهما.. فالإنسان عادة ما يقول: اللهم!.. أنزل عذابك على القوم الظالمين!.. ولكن في خصوص المباهلة، هناك طلب لإنزال العذاب الفوري.. هذه حركة من الحركات، فيها معان ودلالات، منها نصر الله -عز وجل- لعباده المؤمنين.. وهناك بعض الآداب في المباهلة، منها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقطع بأن الله -عز وجل-سينصره.
إن النبي (ص) كان مبتلى بالنصارى واليهود.. وهذا الابتلاء كان من أفضل الابتلاءات؛ لأن ذلك صار سببا لبركات كثيرة.. (اليوم الرابع والعشرون: هو يوم المباهلة على الأشهر، باهل فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصارى نجران، وقد اكتسى بعبائه، وأدخل معه تحت الكساء عليّاً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقال: “اللهمّ!.. إنّه قد كان لكلّ نبيّ من الأنبياء أهل بيت، هم أخصّ الخلق إليه، اللهمّ!.. وهؤلاءِ أهل بيتي، فأذهب عنهم الرِّجس وَطهّرهم تطهيراً” فهبط جبرائيل بآية التّطهير في شأنهم، ثمّ خرج النّبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بهم (عليهم السلام) للمباهلة، فلمّا بصر بهم النّصارى، ورأوا منهم الصّدق، وشاهدوا أمارات العذاب؛ لم يجرؤا على المباهلة.. فطلبوا المصالحة، وقبلوا الجزية عليهم).. إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تكلم بدقة، فقال: (أهل بيت، هم أخصّ الخلق إليه)؛ أي أقرب الناس إلى ذلك النبي.. هنا البيت بيت معنوي، لا يراد به البيت المادي: السقف الذي يضم الأولاد والنساء.. انظروا إلى هؤلاء القوم الذين خرجوا لمباهلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!.. رأوا آيات وعلامات العذاب، ورأوا صدق النبي، ومع ذلك عندما يستكبر الإنسان، يصل إلى هذه الدرجة.. فضلوا أن يعطوا الجزية، ولا يتشهدوا الشهادتين، هذا هو التكبر بعينه!..
التصدق بالخاتم
يصادف يوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة ذكرى تصدُّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه أثناء صلاته, ونظراً لأهمية هذه الذكرى وما انطوت عليه من مفاهيم ومضامين لها أبعادها ودلالاتها العميقة أنزل الله تعالى فيها آية الولاية فقال عزّ وجلّ: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (سورة المائدة، الآية: 56)
وهذه الاية الكريمة فيها عدة دلائل منها الولاية فالله سبحانه وتعالى قال انما وليكم الله ورسوله ثم قال والذين امنوا ولكي لا يكون لفظ عام يشتبه على قارئه شمول كل مؤمن قيدت الاية بعدة تقييدات وهي الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وفي هذه التقييدات دلالة واضحه على ان المراد من هذه الاية هي شخصية معينه وليس عموم المؤمنين ولكي نعرف هذه الشخصية لابد ان نرجع للتفاسير والاحاديث لكي نعرف من المراد في هذه الاية ومن هي الشخصية التي تصدقت بالخاتم في هذه الاية.
تفسير الآية
لكي نعرف من المراد في هذه الاية لابد من الرجوع الى المصادر التي تفسر القران الكريم لدى جمهور المسلمين.
فأما الشيعة الامامية اعلى الله برهانهم فقد اجمعوا على ان هذه الاية نزلت في علي بن ابي طالب عليه السلام وسنذكر بعض هذه النصوص من طرق الشيعه:
على أن الروايات متكاثرة من طرق الشيعة و أهل السنة على أن الآيتين نازلتان في أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه و هو في الصلاة، فالآيتان خاصتان غير عامتين، و سيجيء نقل جل ما ورد من الروايات في ذلك في البحث الروائي التالي... الخ.
في البرهان، و غاية المرام، عن الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا»، قال: إن رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام و أسد و ثعلبة و ابن يامين و ابن صوريا فأتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا نبي الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ و من ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: «إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا - الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون». قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قوموا فقاموا و أتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا سائل هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم هذا الخاتم قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي قال على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا فكبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و كبر أهل المسجد. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): علي وليكم بعدي قالوا: رضينا بالله ربا، و بمحمد نبيا، و بعلي بن أبي طالب وليا فأنزل الله عز و جل: «و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا - فإن حزب الله هم الغالبون» الحديث.
و في تفسير القمي، قال: حدثني أبي، عن صفوان: عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام): بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس و عنده قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية.
سألت أبا جعفر عن قول الله: إنما وليكم الله ورسوله، وذكر نحو حديث هناد، عن عبدة، حدثنا: إسماعيل بن إسرائيل الرملي قال:، حدثنا: أيوب بن سويد قال: حدثنا: عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، قال علي بن أبي طالب.
إبن كثير - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة المائدة - تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه - تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.
- وقال إبن أبي حاتم حدثنا: الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا: أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، قال: هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب.
- وحدثنا: أبو سعيد الأشج، حدثنا: الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، حدثنا: موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
- وقال إبن جرير، حدثني: الحارث، حدثنا: عبد العزيز، حدثنا: غالب بن عبد الله أسمعت مجاهداً يقول: في قوله: إنما وليكم الله ورسوله، الآية نزلت في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع.
- ثم روى بإسناده، عن ميمون بن مهران، عن إبن عباس في قوله: إنما وليكم الله ورسوله، نزلت في المؤمنين وعلي بن أبي طالب أولهم.
- وقال إبن جرير:، حدثنا: هناد، حدثنا: عبدة، عن عبد الملك، عن أبي جعفر، قال: سألته، عن هذه الآية: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، قلنا: من الذين آمنوا؟، قال: الذين آمنوا قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب قال على من الذين آمنوا.
- وقال إسباط، عن السدي: نزلت هذه الآية في جميع المؤمنين ولكن علي بن أبي طالب مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه.
و روى الحاكم الحسكاني عن ابن عباس: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى يوماً بأصحابه صلاة الظهر وانصرف هو وأصحابه فلم يبق في المسجد غير علي قائماً يصلي بين الظهر والعصر, إذ دخل المسجد فقير من فقراء المسلمين, فلم ير في المسجد أحداً خلا علياً, فأقبل نحوه فقال: يا ولي الله بالذي تصلي له أن تتصدق عليّ بما أمكنك, وله خاتم عقيق يماني أحمر كان يلبسه في الصلاة في يمينه, فمد يده فوضعها على ظهره وأشار إلى السائل بنزعه, فنزعه ودعا له, ومضى, وهبط جبرئيل, فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: فقد باهى الله بك ملائكته اليوم, اقرأ: ((إنَّمَا وَليّكم اللّه وَرَسوله)) (شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني النيسابوري 1 / 212 في سبب نزو ل آية ((إنَّمَا وَليّكم اللّه...).
وهذا الكلام ذكر في عدة مصادر من مصادر مدرسة الصحابه ومن جملة من ذكره القرطبي في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور في تفسير هذه الاية والطبراني في معجميه الاوسط والكبير وفي تفسير أبي حاتم كذلك في تفسير هذه الاية يذكر انها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام.
المصدر: فارس