وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء :
فيما تدعي الحكومة الصينية أن العنف العرقي الذي أودى بحياة العشرات هو الإرهاب، يشتكي مسلمو اليوغور من اضطهاد الحكومة.
وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء (الأويغور، وهي تعني الاتحاد والتضامن باللغة الاويغورية هم شعوب تركية يشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية. بشكل عام يتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم (والتي تعرف باسم شينجيانغ أيضا) على مساحة تعادل 1/6 مساحة الصين ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين، يدينون بالإسلام).
ومن مقاطعة (SHACHE) بالصين، كتب مراسل صحيفة "واشنطن بوست"، سيمون دينير، تقريرا عن وضع مسلمي اليوغور، ففي رمضان، والمفترض أن يكون شهر الصيام والصدقة والصلاة في الغرب الإسلامي في الصين. ولكنه في العديد من البلدات والقرى في جنوب شينجيانغ، كان زمن الخوف والقمع والعنف، كما كتب المراسل.
ويقول السكان هنا، وفقا للما جاء في التقرير، إن حملة الصين ضد الحركة الانفصالية والإرهاب في غرب البلاد الذي تقطنه أغلبية مسلمة، أصبحت الآن حربا شاملة على الإسلام المحافظ.
خلال شهر رمضان، كثفت الشرطة حملتها من منزل الى منزل بحثا عن الكتب أو الملابس التي تكشف المعتقد الديني "المحافظ" بين عرقية الإيغور في المنطقة: تم اعتقال نساء يرتدين الحجاب على نطاق واسع، والعديد من الشبان اعتقلوا لأتفه الأسباب، وفقا لما قاله السكان.
كما أُكره الطلاب وموظفو الخدمة المدنية على تناول الطعام بدلا من الصوم، والعمل أو حضور الدروس بدلا من حضور صلاة الجمعة. كما شنت الشرطة الصينية حملة على إعفاء اللحى وارتداء الحجاب في محافظة شينجيانغ ذات الغالبية المسلمة.
وقد ولد هذا القمع الديني استياء وفي بعض الأحيان احتجاجات دامية. وكشفت تقارير أن الشرطة أطلقت النار على الحشود الغاضبة في الأسابيع الاخيرة في مدن Elishku وAlaqagha، ومنذ ذلك الحين، فرضت السلطات الصينية تعتيما كلملا على المنطقتين، حتى أكثر حدة من تلك المفروضة في معظم أنحاء شينجيانغ.
وقد احتجز فريق "واشنطن بوست" لعدة ساعات من قبل المخبرين والشرطة ومسؤولي الحزب الشيوعي في منطقة Elishku لكتابة التقارير عن القرى في المنطقة المحيطة بها من مقاطعة Shache. في اليوم التالي، واعتقل الفريق مرة أخرى في Alaqagha فى محافظة كوتشا، ليرحلوا في نهاية المطاف من أقرب مطار.
وقُطع الانترنت عن مقاطعة Shache، وعُطلت خدمات الرسائل النصية، كما مُنع الأجانب. ولكن بعض الاتصالات القليلة كشفت حقيقة ما جري هناك. الشرطة في كل مكان"، كما قال أحد اليوغور المقيمين. وقال آخر: "كأننا نعيش في السجن.
في 18 يوليو، تجمع مئات الاشخاص خارج مبنى حكومي في بلدة Alaqagha، يحتجون على اعتقال عشرين من الفتيات والنساء الذين رفضوا خلع الحجاب، وفقا لتقرير أعده راديو آسيا الحرة.
وقد ألقى المتظاهرون الحجارة والزجاجات والطوب على البنماية، وسرعان ما فتحت الشرطة النار عليهم، مما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، وإصابة آخرين.
وفي 28 يوليو، اليوم الأخير من شهر رمضان، تعرض احتجاج في Elishku لبطش أشد وأعنف، فقد هاجم مئات من اليوغور مركزا للشرطة بالسكاكين والفؤوس والعصي، لتفتح الشرطة، مرة أخرى، النار، وقتلت العشرات من الناس.
وادعت حينها وكالة أنباء شينخوا الرسمية الصينية أن الشرطة قتلت 59 من اليوغور "الإرهابيين" في الحادث، رغم أن تقارير أخرى أشارت إلى أن عدد القتلى قد يكون أعلى بكثير.
وشينجيانغ هي أرض الصحاري والواحات والجبال، ويحيط بها أراضي المسلمين من آسيا الوسطى. شعبها اليوغور هم أكثر ميلا، ثقافيا، نحو تركيا من بقية الصين.
وتدعي الصين أن الأفكار الدينية الأجنبية سيطرت على شعب شينجيانغ، معززة بهذا الإسلام الأصولي السعودي الوهابي العربي، وتورط بعضهم في الإرهاب سعيا لتحقيق أهداف انفصالية.
كما تتهم "جماعة إسلامية متطرفة" من اليوغور -قالت إن مقرها في المناطق القبلية التي ينعدم فيها القانون في باكستان ولها صلات بتنظيم القاعدة- بتصعيد موجة العنف في الآونة الأخيرة.
ولكن، كما يشكو السكان الذي نقل عنهم المراسل، يبدو أن السلطات الصينية ألقت القبض وقتلت العديد من الأبرياء في حملتها لمطاردة من تصفهم بالإرهاب.
وقد أُرسلت بيكين حوالي 200 ألف من أعضاء الحزب الشيوعي إلى الريف، ظاهريا للاستماع إلى هموم الناس. ولكن يبدو أن هؤلاء المسؤولين، الذين غالبا ما يحتمون وراء جدران مجمعات محصنة ومحمية يأجهزة الإنذار والأسلاك الشائكة، هم أكثر اهتماما بمراقبة والتجسس على حياة اليوغور، كما يقول سكان محليون.
في مقاطعة Shache، تفتخر وثيقة رسمية بإنفاق أكثر من 2 مليون دولار لإنشاء شبكة من المخبرين وكاميرات المراقبة. "بحملة تفتيش من منزل إلى منزل، سوف نحدد الانفصاليين والإرهابيين والمتطرفين الدينيين، بما في ذلك النساء اللواتي يغطين وجوههن مع الحجاب أو البرقع، والشباب من ذوي الحى الطويلة"، كما جاء في الوثيقة.
وما تغير منذ منذ سيطرة الحزب الشيوعي البلاد في عام 1949، والقمع الذي تعرض له اليغور، وإغراق مناطقهم بمهاجري مجموعات "هان" الصينية، وهو ما أثار استياء كبيرا في أوساط المسلمين، هو تنامي الإسلام المحافظ، وتزايد يأس اليغور من مقاومة الحكم الصيني، حيث فقد الناس الثقة في حلم الاستقلال، وبدأو يتطلعون إلى الإسلام بدلا من ذلك.
وكما قال باحث بارز من اليوغور: "إذا استمرت الحكومة في المبالغة في مواجهة التطرف بهذه الطريقة، وفشلت في اتخاذ تدابير مناسبة لإصلاح ذلك، فإن هذا سيقود الناس نحو التطرف".