حذر كاتب إسرائيلي، قيادة الجيش والحكومة الإسرائيلية من خطورة استمرار حالة "الردع الضائع" التي تعاني منها "إسرائيل" عقب الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- وذكر الكاتب الإسرائيلي، أفيحاي شورشان، أن جنديا إسرائيليا عاد قبل بضعة أيام من خدمة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بمنطقة غزة، صدمه حينما قال له وقد احمر وجه خجلا: "من زمن طويل لم أشعر بهذا الحرج في أن أكون جزءا من هذا الواقع في خدمة الاحتياط بالجيش؛ وعندما تلقينا الإرشادات والأوامر اعتقدت أني لم أسمع جيدا".
وأوضح الجندي أن "الأعمال الأساسية، كانت تتعلق بتشخيص البالونات واستدعاء خبراء المتفجرات، أو بدلا من ذلك الركض من حريق لحريق"، مشيرا إلى وجود "أحاسيس قاسية جدا لدى رفاقه في الوحدة، ممن تركوا عائلاتهم وهرعوا ليشاهدوا جيشا إسرائيليا مختلفا تماما عن ما كانوا يعرفونه".
وتعليقا على هذا الواقع، أكد شورشان في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أنه "ليس من المجدي تناول الأمر كمجرد قصة عابرة، فهذا عرض مرض يمثل وضعا خطيرا جدا".
وبعد 5 سنوات من حرب 2014 على قطاع غزة، التي فقدت فيها إسرائيل أكثر من 74 جنديا إسرائيليا، بات من الواضح اليوم بحسب الكاتب أن "جذور ضياع الردع الإسرائيلي الذي نراه اليوم غرست في صيف 2014 (الحرب على غزة)".
ونوه إلى أن "الجيش والحكومة الإسرائيلية حاولا أن يسوقا لنا خلال السنتين الأخيرتين، أنه "على كل هجوم سيأتي رد"، إلا أن الردود الإسرائيلية بعد الهجمات تستهدف الكثبان الفارغة، مما جعلها موضع هزء لدى الجمهور الإسرائيلي، في حين يروي لنا قادة الجيش والحكومة المرة تلو الأخرى، أن حماس ضربت بشدة، ولكن الجمهور الإسرائيلي يفهم أن الوحيدين المردوعين هم نحن بالذات".
وقال: "لقد رأينا هذا في اتفاق الخاوة قبل اليوروفيزيون، وفي التقارير عن خطة إخلاء العمارات متعددة الطوابق في سديروت، وفي التحصن غير المتوازن تحت سطح الأرض وفوقها في الفترة الأخيرة، إضافة إلى الاعتذار عن قتل رجل حماس قرب الجدار والامتناع عن الرد على نار الصواريخ"، معتبرا أن ما سبق هو بمثابة "عصف تام بكل شيء".
ولفت إلى أنه "من الصعب معرفة ما إذا كانت القيادة السياسية والعسكرية تؤمن حقا بأن حماس مردوعة، أم إنهم يفضلون محاولة بيع الجمهور الإسرائيلي صورة منقطعة عن الواقع على سبيل تهدئة روع الإسرائيليين".
وأكد شورشان، أن "هذه المحاولات ليست فقط غير مجدية، بل وتمس مسا شديدا في شبكة علاقات الثقة بين الجمهور الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي وقادة إسرائيل".
وأضاف: "حتى قبل بضع سنوات، عندما كانت القبة الحديدية لا تزال قيد التطوير، كان تصدي الجيش للتهديدات عبر إيجاد حلول هجومية، وإبادة التهديد في ساحته الداخلية"، ومن كثرة معارك الدفاع المتطورة اخترنا تجاهل جذر المشكلة، وهذه لا ترحل إلى أي مكان.
ورأى أنه "عندما لا تحاول إسرائيل الحسم والتطلع إلى النصر، ومعالجة جذر المشكلة؛ فإن الثمن سيأتي مع فائدة أعلى بكثير"، مضيفا أن "الانتصار على حماس لا يعني بالضرورة الإبادة التامة للعدو".
والانتصار على "حماس" وفق مفهوم الكاتب، "هو أيضا إيقاع ضربة قاسية ومتواصلة بحيث تنهي حماس المعركة فيما يكون التفكير بمواصلة القتال يبدو لها عبثا، مع فهم واضح بأن خطوة كهذه هي الأخيرة التي ستجديها مع إسرائيل".
ورغم هذا الوضع، زعم الكاتب، أن "قدرات الجيش الإسرائيلي للانتصار في هذا الصراع ليست موضع شك، ولكن يجب الخروج من مفهوم التحصين والمزيد من التحصين، والتوجه إلى المبادرة وحمل الطرف الآخر على أن يشعر بالضربة في كل مكان يكون فيه، فنعيد بذلك الردع الضائع".
و"يجدر بقيادة الجيش والحكومة أن يتذكروا أن الحديث عن الردع هو مباراة نتيجتها صفر، وعندما لا تنجح بالردع يعود عليك هذا بالسهم المرتد، والجهة الوحيدة المردوعة في النهاية هي نحن"، بحسب شورشان.
عربي 21