قال الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي: إن الهدف الأساسي من توجه الحكام العرب لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الصهيوني هو تأمين بقائهم في الحكم.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- جاء ذلك في كلمة مسجلة له، الثلاثاء، خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "العرب وقضايا التطبيع" الذي عقد في مدينة غزة، بتنظيم من رابطة المثقفين العرب في لندن، ووزارة الثقافة الفلسطينية، وكلية العودة الجامعية، بمشاركة شخصيات فلسطينية وعربية، في إطار المساعي لمواجهة عمليات التطبيع الذي تمارسه عدد من الدول العربية مع "إسرائيل"، وفق قدس برس.
وأضاف المرزوقي: "إسرائيل تطبّع علاقاتها مع حكامٍ مغتصبي سلطة وهم لا يمثلون شعوبهم التي ترفض القهر والاستبداد وفرض الإرادة، واتجاه هؤلاء الحكام نحو إقامة العلاقات مع الاحتلال هدفه الأساسي تأمين بقائهم في الحكم".
وأضاف: "هذه العلاقة الشاذة لا تستند إلى القوانين الطبيعية، وهي لا تحترم كرامة الإنسان ولا خصوصيته ولا قوانين التاريخ، ولا تحترم حقوق الشعب الفلسطيني ورؤيته لحل الصراع مع الاحتلال".
وأشار إلى طرح قضية التطبيع عندما كانوا بصدد كتابة الدستور التونسي في المجلس التأسيسي ما بين 2011-2013، وكان هناك من يريد أن يضع تجريم التطبيع ضمن الدستور التونسي، ما يؤكد رفض الشعب التونسي المطلق لهذا الفعل.
مانويل مسلم: التطبيع تفريط بفلسطين
من جهته، قال مانويل مسلم، عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات في كلمة مسجلة: "إن لفلسطين بعدًا قوميًّا، ومن يطبّع مع الاحتلال يضرب عرض الحائط بالبعد القومي لفلسطين ولشعبها ومقدساتها ويخون الهوية الفلسطينية والمبادئ العربية الإسلامية، وهو إقرار للمحتل بأرض فلسطين، وتنازل واضح عن حق العودة".
وأضاف: "من خلال التطبيع يوّقع العرب مع إسرائيل على هزيمة الفتح الإسلامي، وسقوط العهدة العمرية، وأن فلسطين لم تعد أرضًا للعرب، وأن القدس لم تعد عاصمة العواصم العربية، فإن لم تستخدم الثروات العربية سلاحًا لدحر إسرائيل وهزيمتها فإنها ستنمو وتكبر وتضرب عواصمكم وتهدمها".
وقال رئيس المؤتمر هشام المغاري: "يناقش المؤتمر المواقف العربية من قضايا التطبيع مع الاحتلال، وهي قضية خطيرة، آخذة في الانتشار على المستويات الرسمية، وتُفتح لها الأبواب لتتوسع وتنتشر على المستويات الشعبية علنيًّا ودون حرج، وبتشجيع ورعاية رسمية بعد أن كانت في يوم من الأيام جريمة لا تغتفر".
وأضاف: "في هذا المؤتمر نسلط الضوء على بعض أشكال التطبيع العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، ونحاول تلمس مخاطرها، ونطرح لكم وجهة نظر الخبراء الباحثين وأصحاب الرأي، ونقدم بعضًا من الحلول الممكنة، لعلنا نسهم ولو قليلا في مواجهة هذه الحالة الغريبة عن عروبتنا وشعوبنا".
البرعاوي: وجه آخر للمقاومة
من جانبه قال أنور البرعاوي، وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية: "يأتي هذا المؤتمر ليمثل شكلًا مهمًّا من أشكال مقاومة الاحتلال ورفض وجوده وكشف أخطار المشروع الصهيوني الخفية على فلسطين وعلى المنطقة العربية عمومًا".
وأشار إلى أن الصراع مع الاحتلال صراع حضاريّ، مشدّدًا على ضرورة توفير الموازنات اللازمة وتوجيهها نحو الاستثمار في المجالات الثقافية وصناعة السينما والفنون المختلفة، وتطوير المناهج التعليمية، بهدف تعزيز الهوية الثقافية العربية، ومواجهة الدعاية الإسرائيلية التي تغزو وسائل الإعلام.
حسام شاكر يوضح كيف يواجَه التطبيع
وقال المستشار الإعلامي حسام شاكر، في كلمة له خلال المؤتمر: إن الاعلام هو الوجه الآخر للتشابكات السياسية والاقتصادية والتفاعلات الاجتماعية والحراك المدني والجماهيري، وبالتالي لا ينفك الإعلام عن تلك المسارات جميعا.
وأضاف في كلمة له حول "كيف نواجه التطبيع الإعلامي" من وجهة نظر فلسطينيي الخارج: "حاجة خطاب مقاومة التطبيع ومواجهته، إلى التطوير بحيث يكون متكيفا مع بيئات وأوساط شتى يتفاعل معها، في مشرق الأمة ومغربها".
وبيّن في هذا السياق الحاجة إلى ما أسماه بـ"تبْيِئة" خطاب مقاومة التطبيع، ليكون متكيفا مع خصوصية البيئات والفئات والشرائح المتعددة في بيئات شتى من بيئات الأمة.
وأكد الخبير الإعلامي، أن هنالك حاجة إلى تجارب قاعدية ومبادرات جماهرية وقطاعية فعالة تستنهض في مقاومة التطبيع ومواجهته، من خلال عمل متظافر متعدد الأهداف والأوساط والأدوات.
ودعا إلى استثمار الكفاءات الاعلامية القائمة وتنميتها وإدماجها بجهود مكافحة التطبيع بما في ذلك الجهود الشبكية والعمل كمنظومات وأطر فعالة متشابكة فيما بينها وليست فقط بمؤسسة واحدة وبصوت واحد وبإطار واحد.
وشدد شاكر، على ضرورة العمل من خلال رؤية شاملة لمواجهة التطبيع، يراعي التحولات القائمة والضاغطة، وتطوير الخطاب بفاعليّة، لمواجهة التطبيع والتصدي لقضية تصفية القضية الفلسطينية، من خلال الاستفادة من خبرات المقاطعة وفرق عمل تخصصية فعالة، وحشد جهود التعبئة ومبادرات استباقية تحاصر تحركات التطبيع مسبقا.
وتلا وائل المبحوح، ممثل رابطة المثقفين العرب في لندن، كلمة رئيس رابطة المثقفين العرب أكرم حمدان، والتي قالت فيها: "إن هذا المؤتمر يعبر عن موقف المثقفين الرافض لمبادرات التطبيع مع العدو التي راح بعض الحكام العرب يسوقون لها، مخالفين بذلك طبائع الأشياء".
وأضاف: "نؤكد أن أي مبادرة باسم الشعب الفلسطيني لا تعترف بكامل حقوقه هي رَدٌّ على أصحابها، ممن يريدون تأمين كراسيهم ببيع الأوطان، والتفريط في مقدسات الأمة، ومحاربة كل محاولة للتحول الديمقراطي في المنطقة، وحرف بوصلة الشعوب عن العدو الحقيقي باصطناع الحروب الوهمية مع دول الجوار، وتغيير العقيدة القتالية للجيوش العربية".
وتابع حمدان: "كلنا ثقة أن الشعوب العربية والإسلامية جميعا ترفض أي محاولة للتقرب مع العدو الصهيوني المحتل، وأنها سوف تكون عدوًّا لكل من يسير في طريق التطبيع ومد حبائل الود مع العدو الصهيوني الذي لم ينفك يشن على شعبنا الغارة تلو الغارة، منذ دنست أقدامه ثرى هذه الأرض المقدسة، كما لم يألُ جهدا في تخريب البلاد العربية وإشعال نيران الفتنة بين أرجائها".
منير شفيق: خيانة مبدئية
وفي كلمة مسجلة له، قال ضيف المؤتمر من لبنان، الكاتب والمفكر منير شفيق: "ليس هناك حاجة لإثبات الخيانة المبدئية؛ لأن التودد والموالاة والتعاون مع العدو الذي يغتصب فلسطين ويناصب أمة العرب والمسلمين العداء مدان في الدين، ومدان فلسطينيًّا وعروبيًّا وإسلاميًّا وإنسانيًّا، فالتطبيع مع أعتى ألوان العنصرية وأخطر مرتكبي جرائم الإبادة البشرية خيانة وخذلان للإنسانية وأحرار العالم".
وأضاف: "ظاهرة اندفاع بعض حكام المنطقة العربية نحو التطبيع مع الاحتلال في هذه المرحلة الخطيرة تأتي في حالة ضعفهم المخيف في ميزان القوى ظنًّا منهم أنه بإمكان الاحتلال أن ينصرهم ويحميهم ويدافع عنهم فيما أصبح الكيان الصهيوني في أضعف حالاته منذ تأسيسه فهو مهزوم في أربع حروب في لبنان وغزة، وهو اليوم يستنجد بأمريكا للدفاع والمحاربة نيابة عنه فيما كان بالأمس يتسابق في شن الحروب على أعدائه".
وتضمن المؤتمر أربع جلسات؛ ناقشت الجلسة الأولى التطبيع بين السياسة والشريعة، والثانية الآثار الاقتصادية المترتبة على التطبيع، وتناولت الثالثة التطبيع الثقافي والإعلامي، في حين سلطت الجلسة الرابعة الضوء على واقع حركات مقاطعة الاحتلال والمأمول من هذا الحركات وما حققته من إنجازات على الأرض خلال السنوات الماضية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
انتهى/