برهنت تجربة هدنة 72 ساعة التي أعلنت من طرف واحد وبمبادرة من الجيش السوري، أنّ احتمال بقاء العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري لفرض تنفيذ اتفاق سوتشي لجهة إقامة المنطقة العازلة بعمق عشرين كيلو متراً في محيط يشمل كلّ الجبهات الواقعة في أرياف إدلب وحلب وحماة واللاذقية، وفتح الطرق الدولية التي تربط حلب والحدود التركية مع بقية المحافظات السورية، برهنت هذه الهدنة أنّ إبقاء العملية في هذا الإطار قد يكون من الأمور الصعبة لأنّ للمعارك العسكرية منطقها الخاص، الذي يخرج عادةً عن أيّ إطار مرسوم مسبقاً.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء- الجماعات الإرهابية لم تتعامل مع مبادرة الجيش السوري لإعلان هدنة الـ 72 ساعة بوصفها محاولة لإقناع من يعنيه الوضع في المنطقة، إرهابيين وتركيا، بأنّ عدم تطبيق الاتفاق سيلزم الجيش السوري القيام بالعمل العسكري المؤجل، وأنّ هذه مسألة غير خاضعة للمساومة مهما كانت الضغوط الدولية ومن أيّ جهة جاءت، وأنّ الجيش قادر على تحقيق التقدّم والانتصار، مهما كانت الاستعدادات ومهما كان مستوى الدعم الذي يحصل عليه الإرهابيون، وهذا ما برهن عليه التقدّم الذي حققه الجيش السوري على جبهات القتال قبل مبادرة هدنة 72 ساعة من طرف واحد.
كانت ثمة حاجة لإعطاء فرصة لعلّ الإرهابيين وتركيا يستخلصان العبر والدروس، ويقبلان على الأقلّ العودة إلى وضع اتفاق سوتشي موضع التطبيق. لكن الذي حصل هو عكس ذلك، إذ أنّ الإرهابيين وبموافقة أنقرة وحتى بدعم منها، سمحت للفصائل المرتبطة بها ترك مواقعها التي أرغمتها «هيئة تحرير الشام» على النزوح إليها سابقاً، والالتحاق من جديد بهيئة تحرير الشام والقتال إلى جانبها، بما يشكل نقضاً صريحاً وصارخاً لبند ورد في كلّ بيانات أستانا واتفاق سوتشي ينص على ضرورة فرز المسلحين المصنّفين إرهابيين عن المسلحين الآخرين، والابتعاد عن مواقع المسلحين المصنفين إرهابيين، وعدم القتال إلى جانبهم، وإلا تحمّلوا مسؤولية معاملتهم كإرهابيين مثلهم مثل إرهابيّي القاعدة وجبهة النصرة والتشكيلات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
يشكل الهجوم المعاكس على كفرنبودة والسيطرة عليها من جديد والجماعات الإرهابية التي شاركت في الهجوم تأكيداً قاطعاً على أنّ الإرهابيين وتركيا لم يستخلصا العبر والدروس لا من تجارب تحرير الجيش السوري لمناطق سابقة، لا سيما في حلب وريف إدلب الشرقي وأرياف اللاذقية، ولا من تجربة المعركة الأخيرة ورسالة هدنة 72 ساعة التي قدمها الجيش السوري بمبادرة أحادية منه.
ما تقدّم يعني أنّ عمليات الجيش السوري العسكرية سوف تستمرّ بقوة إلى أن يتمّ تحرير المناطق الاستراتيجية الهامة بكاملها المحدّدة في المرحلة الأولى لمعركة تحرير إدلب، وقد يقود تحرير هذه المناطق وانهيار دفاعات الجماعات الإرهابية، وإبادة القوة الأكثر تطرفاً في معارك خطوط الدفاع الأولى، إلى نشوء مسار يشبه المسار الذي حكم عملية استعادة المنطقة الجنوبية حتى حدود وقف إطلاق النار في الجولان.
حميدي العبدالله/البناء
انتهى/