ماذا وراء الصمت الدولي تجاه استمرار التدخل الأجنبي في ليبيا؟

وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء

رمز الخبر: ۴۱۰۷۵
تأريخ النشر:  ۱۰:۵۲  - الأربعاء  ۰۱  ‫مایو‬  ۲۰۱۹ 
تعبث التدخلات الخارجية بسيادة ليبيا وتقوّض أمنها، في وقت يزداد فيه الصمت الدولي منذ زحف قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى العاصمة طرابلس مطلع أبريل الجاري، مدعومة من دول ضربت بقرار حظر التسليح عرض الحائط، وقدمت لحفتر الدعم اللوجيستي والعسكري.

ماذا وراء الصمت الدولي تجاه استمرار التدخل الأجنبي في ليبيا؟طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -وتقف فرنسا في أول صفوف الداعمين بجانب مصر والإمارات، وقالت وسائل إعلام تونسية إن السلطات ضبطت حديثاً 13 جندياً فرنسياً قادمين من ليبيا، كانوا يحملون معدات قتالية.

وتفضح أيضاً تلك التدخلات تصريحاتٌ غير بعيدة لناطق قوات حفتر وهو يصف مُنفذي بعض الغارات على طرابلس بالأصدقاء.

كما التحقت بركب الداعمين الصريحين السعودية، التي استقبلت اللواء المتقاعد قبيل أسبوع من حملته، والتقى خلال زيارته الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان؛ إضافة إلى روسيا التي منعت هي وغريمتها أمريكا في الوقت نفسه، مشروع قرار بريطانياً في مجلس الأمن يقضي بوقف إطلاق النار. في وقت يبدو فيه موقف الرئيس الأمريكي مناقضاً لوزير خارجيته، فأحدهما يظهر كأنه داعم والآخر مدين مستنكر.

ويجمع كثير من الباحثين والمحللين السياسيين على أن دول (فرنسا، والإمارات، والسعودية، ومصر) تعمل على إثارة الفوضى داخل ليبيا، من أجل اختيار قيادة تمتثل لأوامرها وتحقق ما ترغب فيه.

ازدواجية الدول مع ليبيا

موقف الدول مزدوجة التعامل مع ملف ليبيا، طرح تساؤلاً عن أهدافها وسبب تواصل الصمت الدولي في أعقاب التدخلات الواضحة ضمن مساراتٍ خارج المساعي الأممية.

يقول الخبير الحقوقي الليبي مهدي كشبور، إن فرنسا ترى في حفتر أداة لمشاريعها الخاصة، وذلك بالتنسيق مع ما وصفه بمثلث الشر العربي (الإمارات والسعودية ومصر)، على اعتبار أن تلك الدول أجمعت على إفشال أي حلم بإقامة دولة ديمقراطية تحكمها سلطة مدنية.

وأضاف كشبور في تصريح لـ"الخليج أونلاين": "مثلث الشر مخطِّط منظِّم لإثارة الفوضى داخل ليبيا، فالإمارات تعول على أصحاب الذمم المالية الفاسدة من الشخصيات النافذة بالدولة، في حين تسعى السعودية إلى تغذية ما بات يُعرف باسم التيار المدخلي، وتمارس مصر دورها من خلال العسكر، وهو ما يمثل تكاملاً للأدوار".

مصالح في أفريقيا

ويوضح كشبور الدور الفرنسي، الذي قال: إنه يطمح إلى "تنصيب حاكم عسكري في ليبيا، تستطيع من خلاله ممارسة نفوذها على الجنوب، باعتباره بوابة أفريقيا الشمالية، وأن من يتحكم فيه يمتلك مفاتيح خطوط التجارة الأفريقية الواعدة بمختلف أنواعها، وضمنها الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت أوروبا تستخدمها كورقة ضغط في صراعاتها الداخلية".

وفيما يتعلق بالدعم الروسي، يرى كشبور أنه "يصب في محاولة الروس إيجاد مواقع لإقامة قواعد عسكرية خلف أوروبا وبمحاذاة القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، بما يكسر حالة شبه الحصار الذي تمارسه أمريكا وأوروبا على روسيا".

وأضاف كشبور: "الولايات المتحدة تنبهت إلى هذا الخطر، وهو ما دفعها إلى تحريك حاملة الطائرات (يو إس إس إبراهام لينكولن) إلى البحر المتوسط قبالة الشواطئ الليبية، وهو الأمر الذي ربما دعا حفتر إلى إعادة التواصل مع واشنطن والعودة إلى أحضانها من جديد"، ولا يُستبعد أن ينقلب الموقف الروسي من دعم حفتر إلى دعم خصومه.

ويعتقد أن موقف المجتمع الدولي أصبح متذبذباً تجاه الحرب على العاصمة، وأن ردود الفعل لم تتعدَّ المواقف الدبلوماسية، عازياً ذلك إلى تخوُّف المجتمع الدولي من عدم قدرة حكومة الوفاق على الوقوف بقوة لمجابهة حفتر".

وتابع: "هم لا يرون في فايز السراج الشخص القوي الذي يستطيع مجابهة حفتر، رغم أنه يمتلك الأدوات الكافية لذلك، ومنها القانونية المتمثلة في مؤسسات الدولة، والميدانية المتمثلة في القوى البشرية والإمكانات العسكرية التي تمنحه تفوُّقاً عددياً على حفتر، ومنها السياسي المتمثل في الاعتراف الدولي، وأخيراً المادي المتمثل في إيرادات النفط، إلا أن السراج إلى الآن لم يستطع توظيف هذه الإمكانات بالشكل الأمثل والمتجانس لخدمة معركته في مجابهة مشروع حفتر الانقلابي".

ويكمن الحل، بحسب الخبير الحقوقي، في تشكيل حكومة أزمة قوية برئاسة وزير داخلية حكومة "الوفاق" الحالي، فتحي باشاغا، باعتباره الرجل القوي في المنطقة الغربية، والذي يحظى بدعم شعبي واسع وبثقل عسكري، "وهذا من شأنه أن يعيد ثقة المجتمع الدولي -إن صحَّت التسمية- بقدرة المجلس الرئاسي على حسم المعركة لصالحه".

تقاعس دولي

ويرى المحلل السياسي والناطق باسم حكومة الإنقاذ سابقاً، مصطفى المهرك، أن المجتمع الدولي يعرف جيداً أن هناك خروقاً لقرار لجنة الخبراء التابعة له فيما يتعلق بقرار حظر التسليح على ليبيا، مشيراً إلى حادثة مقتل جنود فرنسيين في المنطقة الشرقية خلال الحرب على بنغازي، والدعم الإماراتي بتوسيع البناء في قاعدة الخروبة للطيران العسكري، والتي انطلقت منها طائرات لقصف أحياء المدنيين في مدينة بنغازي ودرنة.

ويضيف المهرك في تصريح لـ"الخليج أونلاين": إن تلك الدول "لم تتغير، وأصبح دعمها يزداد أكثر بكثير بعد الاتفاق السياسي، وقدوم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قِبل الأمم المتحدة، وإن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات فعلية تجاه ذلك الدعم، باستثناء تقارير دورية تثبت تورط كل من فرنسا والإمارات والسعودية ومصر في اثارة الفوضى داخل ليبيا".

وأشار المهرك إلى أن المجتمع الدولي "تقاعس في أداء واجباته تجاه الدولة الليبية، وإن هذا هو ما عقَّد الأزمة، ودفع حفتر إلى الزحف نحو طرابلس وتهديد أكثر من 3 ملايين مدني بالقصف والقتل، وتركهم تحت نيران قصف مليشياته الإرهابية، دون أي تدخُّل دولي صريح، خاصةً أنه يستخدم الذخائر المصرية والمدرعات الإماراتية بشكل واضح، وأن كل شيء أصبح على العلن بعد أن كان الدعم من تحت الطاولة".

جرائم بدعم دولي

من جانبه قال الباحث صلاح البكوش "إن الصمت الدولي تجاه الجرائم المرتكبة في ليبيا ليس بالجديد، ففرنسا لطالما عاثت فسادًا في القارة الإفريقية وأن جرائم الإبادة التي ارتكبتها في رواندا عام 1994 ما زالت عالقة في الأذهان، وها هي اليوم تحاول تجديدها عبر دعم مجرم جديد في ليبيا، في إشارة لحفتر".

وأكد البكوش أن فرنسا "لا تحارب الإرهاب وإنما تسعى لصنع ديكتاتوريات في إفريقيا، ولذلك فهي تدعم حفتر بشكل واضح وهو الذي هاجم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها رسميًا، وأعلن عن قرار بالقبض على رئيسها فائز السراج الذي تعترف به فرنسا كرئيس لحكومة شرعية".

وأوضح البكوش أن حفتر جاء بدعم فرنسي وإماراتي سعودي مصري، للسيطرة على العاصمة بحجة مكافحة الإرهاب، مضيفاً "تناسوا أن تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن كشف أن ما يسميه حفتر بجيش مكون من مليشيات وصحوات ومرتزقة من دارفور وتشاد، وأنهم غضوا الطرف عن دحر قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق تنظيم الدولة من سرت، وأن تلك القوات هي ذاتها من تدافع وترد بطش حفتر عن طرابلس".

تدخل أجنبي سابق

فيما قال المحلل السياسي د. اسماعيل المحيشي لـ"الخليج أونلاين"، إن الدعم الفرنسي الاماراتي السعودي المصري لحفتر، "أصبح معلنًا دون وجود أي رادع دولي، وأن هذا التقصير يتحمله الليبيين، خاصةً أن الرئيس الفرنسي أعلن منذ أكثر من عامين مقتل جنود فرنسيين خلال مشاركتهم في القتال إلى جانب قوات حفتر في بنغازي".

وأوضح أن التدخل الأجنبي المباشر في ليبيا "لم يبدأ خلال الحرب على طرابلس، بل إنه وجد منذ 3 أو 4 سنوات، وثمة دول أجنبية وعربية تزود مليشيات حفتر بالمعدات والأسلحة وحتى بالدعم السياسي، وأنه حتى هذه اللحظة ورغم الانتهاكات والعدوان الغاشم على طرابلس فإن الصمت الدولي ما زال حاضرًا، وسياسة الافلات من العقاب ما زالت قائمة".

ودعا المحيشي حكومة الوفاق ورئيسها فائز السراج للعب دور ايجابي، والدعوة بعقد جلسة لمجلس الأمن، بعد تسجيل تدخلات أجنبية ترتكب انتهاكات داخل ليبيا، وفي الوقت ذاته متابعة كافة البيانات التي تصدر من قبل تلك الدول والتي تدعو لدعم الحل السياسي كفرنسا والإمارات اللتان أكدتا مرات عدة دعم حكومة الوفاق باعتبارها الحكومة الشرعية، فيما لم نشاهد أي دور إيجابي لتلك الدول خلال الحرب على طرابلس، حسب قوله.

كما طالب بضرورة تواجد السراج في الساحة السياسية والدبلوماسية والضغط على كافة الدول التي تطل على البحر المتوسط والتي يهمها الاستقرار داخل ليبيا، باعتبار أن تلك الاشتباكات والصراعات المسلحة لا تخدم سوى ما أسماها بـ"التنظيمات الارهابية كتنظيم الدولة، والهجرة غير الشرعية".

وأشار المحيشي "إلى ضرورة التحرك العاجل للضغط على المجتمع الدولي خاصةً وأنه تم رصد بارجات في منطقة الهلال النفطي، وهو ما يعني استغلال حفتر لحالة الفوضى من أجل تمويل حربه على طرابلس بالاعتماد على بيع النفط الليبي بطرق غير شرعية، في تحدٍ لقرارات لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن والأمم المتحدة التي أكدت أن المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق هي المسؤول الوحيد عن استخراج وبيع النفط للخارج، ولا يحق لأي جهة عسكرية التدخل في تلك الموانئ والحقول".

عجز دولي ومحلي

المحلل السياسي محمود اسماعيل، يرى من جانبه أن الواقع على الأرض "هو أن ثلاثي الاشكال الموجود في الدول العربية (الامارات والمملكة العربية السعودية ومصر السيسي)، بدعم فرنسي في مجلس الأمن، لا تريد الاستقرار أو بناء دولة ديمقراطية في ليبيا، وإنما يسعون لصناعة بيادق ينفذون أجندتها، وأن الليبيون قادرون على احباط تلك المخططات".

وأضاف اسماعيل لـ"الخليج أونلاين"، أن المجتمع الدولي متهم بالتقصير في التعامل مع تلك الدول، "خاصةً وأن حفتر تحدى كافة القرارات الأممية والصادرة عن مجلس الأمن، خلال هجومه الأخير على العاصمة، ومحاولة السيطرة عليها، وأنه يواصل حصار المدنيين ويهددهم بالطيران والمدافع والصواريخ يوميًا، وعمل على تهجير شيوخها وشبابها ونسائها وأطفالها وشردهم لفرض حكم شمولي دكتاتوري".

وخلص اسماعيل إلى أن هناك عجز من المجتمع الدولي، وعجز من قبل الدولة الليبية المتمثلة في المجلس الرئاسي بقيادة السراج وحكومته، قائلاً "الجرائم التي ارتكبها حفتر أكبر من أن تحصى بدءًا بانقلاب عام 1969 مرورًا بـ 2014 وانتهاءً بتدمير بنغازي ودرنة والجنوب وطرابلس، والمحاولة قدر الامكان لنشر الفتن وشراء الذمم، وسط تراخي واضح من تلك الجهات في كبح جماح حفتر ومليشياته".

انتهی/

رأیکم