وفقا لما اوردته وكالة (نادي المراسلين) العالمية للأنباء منذ إنتصار الثورة الإسلامیة في إیران عام 1979 بقیادة الإمام الخمیني الراحل رضوان الله تعالی علیه وصولاً لیومنا هذا لم تتوقف الإتهامات الإسرائیلیة الأمریکیة تجاه الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في شتی المجالات. تارة تتهم إیران بأنها تدعم الإرهاب ومرة اخری تتهم بأنها تزوّد فصائل المقاومة الفلسطینیة بالمال والسلاح والقائمة تطول في هذا السیاق.
في الأسابیع الماضیة أدعی الکیان الاسرائیلی أنه ضبط سفینة في البحر الأحمر تحمل کمیات کبیرة من الصواریخ ومختلف أنواع الأسلحة الاخری قد إرسلت من قبل إیران لحرکات المقاومة الفلسطینیة في غزة حسب هذه المزاعم.
حیث حاولت تل أبیب من خلال هذا السیناریو، تهیئة الرأی العام الدولی لشن عدوان جدید علی سکان غزة المحاصرون منذ 8 أعوام من قبل الکیان الصهیوني والوصول لأهداف أخری یأتي فی مقدمتها توتیر أجوء المحادثات النوویة التی تجري بین طهران والدول الغربیة عبر إتهام إیران بأنها المسؤولة عن إرسال هذه السفینة الی حرکات المقاومة الفلسطینیة فی غزه، لکن علی ما یبدو فشل هذا المشروع الإسرائیلی في تحقیق أي من هذه الأهداف إلی حد کبیر.
بالإضافة إلی ذلك تزامن إعلان إحتجاز سفینة « کلوس- سی» مع زیارة رئیس وزراء الکیان الإسرائیلی بنیامین نتانیاهو إلی الولایات المتحدة الأمریکیة والإعلان عن هذه القضیة خلال إلقاء خطابه فی لجنة الشؤون العامة الأمریکیة الإسرائیلیة (أیباك) لغرض دفع الولایات المتحدة الأمریکیة بإتجاه ممارسة المزید من الضغوط علی طهران لإفشال المحادثات النوویة وفرض المزید من العقوبات الإقتصادیة علی إیران، وکذلك للحیلولة دون ألوصول الی حل ینهی الخلافات بین الغرب وإیران حول برنامجها النووی السلمی.
کما یأتی نبأ إعتراض هذه السفینة من قبل الجیش الإسرائیلی بالتزامن مع منع حماس من مزاولة أنشطتها علی الأراضی المصریة وفق الحکم الذی أصدرته أحد المحاکم المصریة وتشدید الخناق علی هذه الحرکة من قبل دول عربیة أخری تسیر فی الفلک السعودی کالإمارات العربیة المتحدة.
و لتبریر منع أنشطة حماس داخل مصر إدعت الحکومة المصریة أن حماس تدعم أنشطة جماعة الإخوان المسلمین المعادیة للحکومة المصریة بالرغم من إنحلال هذه الجماعة من قبل الحکومة المصریة وإعتبارها بأنها جماعة محظورة وإرهابیة.
کذلک تزامن إعلان إحتجاز سفینة کلوس - سی مع إعتراف العدید من القادة الإسرائیلیین ووسائل الإعلام الإسرائیلیة حول فشل مفاوضات التسویة الجاریة بین الکیان الاسرائیلی والسلطة الفلسطینیة برعایة أمریکیة ویعتقد ألعدید من المحللین أن الکیان الإسرائیلی أراد من خلال هذا السیناریو التغطیة علی فشل هذه المفاوضات وألتی یتهم بأنه هو من أوصلها إلی طریق مسدود کما تؤکد السلطة الفلسطینیة بذلک.
و فی هذه الأثناء بالإضافة إلی الهجمة الشرسة ألتی تقوم بها السلطات المصریة لقمع جماعة الإخوان المسلمین، تستمر السعودیة والإمارات العربیة المتحدة بضخ المزید من الأموال لتهشیم عظام هذه الجماعة فضلاً عن أن الریاض وضعت جماعة الإخوان المسلمین مؤخراً فی قائمة الجماعات الإرهابیة حسب التصنیف السعودی!.
و فی سیاق متصل یحاول الکیان الصهیونی دعم جهود الدول العربیة الرامیة إلی إجتثاث جماعة الإخوان المسلمین فی المنطقة عبر إرباك حماس فی غزة بإعتبارها أحد الفروع الرئیسیة التابع لتنظیم جماعة الإخوان المسلمین.
من جهة أخری أصبح التعاون القائم بین الدول العربیة المسماة بمحور الإعتدال کما یطلق علیها الغرب و یأتی علی رأسها السعودیة من جهة والکیان الصیهوني من جهة اخری، أصبح مکشوف للغایة حیث تقوم کل من هذه الجهات بتنفیذ ما علیها من مهام لمحو جماعة الإخوان المسلمین نهائیاً، وفی هذه الأثناء أصبح الکیان الاسرائیلی المسؤول الأول عن تدمیر حماس فی سیاق تثبیت حکم العسکر فی مصر کما أن السعودیة والإمارات العربیة المتحدة تعهدت بدعم حکومة الجیش المصری عبر تقدیمها المزید من المساعدات و المنح المالیة وتقدیم الدعم السیاسی والإعلامی للحکومة المصریة التی شکلها الجیش المصری.
وبالعودة إلی إلادعاءات الإسرائیلیة حول إحتجاز سفینة کلوس- سی لم یکن الکیان الإسرائیلی یسعی فقط لتشویه سمعة إیران والتأثیر علی مجریات الحمادثات النوویة بین طهران والغرب فحسب بل إضافة إلی ذلک سعی الکیان الإسرائیلی تبریر شن عدوان آخر علی غزة بحجة أن حرکات المقاومة الفلسطینیة هی من أرادت إستلام السلاح الذی کان علی متن هذه السفینة، أمام الرأی العام الدولی.
فی هذه الأثناء بالرغم من أن العدوان ألذی شنه الکیان الصهیونی خلال الأیام الماضیة علی سکان قطاع غزه لم یسجل أی نجاح واضح للجیش الإسرائیلی لکن وحسب المراقبین فأن هذا العدوان أدی إلی المزید من التقارب بین النظام المصری الجدید والکیان الصهیونی بعد 3 أعوام علی إنهیار نظام حسنی مبارك الدیکتاتوری. أو بعبارة أخری أدت الغارات الإسرائیلیة الأخیرة علی غزة إلی عودة إصطفاف قیادات الکیان الإسرائیلی مع القیادات المصریة فی ما یخص قضیة غزة کما کانت علیه الحال فی عهد مبارك.
في الواقع ألیوم تحارب الحکومة المصریة في مصر جماعة الإخوان المسلمین وحرکة حماس وکذلك یقوم الکیان الصهیونی بنفس هذا الدور من خلال حروبه الشرسة علی قطاع غزة لتدمیر حرکة المقاومة الاسلامیة.
وبناء علی هذا یمکن القول أن الکیان الصهیوني یحاول ألیوم ضرب حماس في غزة قدر المستطاع ورفع نسبة الضغوط علیها من خلال إستغلال فرصة تدهور الأوضاع فی العالم العربي والإسلامي وکذلك تشویه سمعة إیران وسوریة لدی الرأی العام الدولي من خلال الترویج لقضیة سفینة کلوس- سي.
ونهایة للحدیث حول هذه السفینة، وبالرغم من أن إیران فندت مزاعم الکیان الصهیوني حول الإتهامات ألتی وجهت إلیها من قبل تل أبیب و نفت علاقتها بإرسال مثل هذه السفینة إلی قطاع غزة، ستبقی إیران الداعم الرئیسي لحرکات المقاومة فی فلسطین ولبنان لتوفیر کل ما تحتاجه هذه الحرکات بغیة تمکینها من مواجهة الصهیوني وسیستمر هذا الدعم دون إنقطاع بعیداً عن جمیع الضغوطات التی تمارس علی إیران لثنیها عن مواصلة هذا الطریق من قبل الدول الغربیة.