وسط هذا الكم الهائل من المعلومات المتدفقة بشأن تداعيات القرار الأميركي بوقف كامل صادرات النفط الإيراني، تثور تساؤلات حول الأهداف الأميركية من تشديد الحظر النفطي على إيران الذي أعلن يوم الإثنين الماضي.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - حسب الهدف المعلن للرئيس دونالد ترامب، فهو تحطيم إيران اقتصادياً ومالياً وتركيعها حتى تقبل التفاوض مجدداً على الاتفاق النووي "5+1"، الذي تخلى عنه، وبشروطه هو وليس شروط إيران، أو إسقاط النظام الحالي في إيران، عبر إحداث انهيار في الريال الإيراني وارتفاع التضخم والغلاء والجوع وتردّي الخدمات، وذلك وفقاً للأهداف التي أعلن عنها الرئيس الأميركي لدى إعلانه التخلي عن "الاتفاق النووي".
لكن هنالك أهدافا أخرى، حسب محللين دوليين بنشرة "أويل" برايس، وهي خدمة قطاع النفط الصخري الأميركي، الذي يواصل الانتعاش ويبحث عن أسواق للتصدير، خاصة في أسواق آسيا سريعة النمو مقارنة بالأسواق الأوروبية. وبالتالي، فإن ترامب يرغب في أخذ حصة صادرات النفط الإيرانية إلى آسيا ومنحها لشركات النفط الصخري الأميركية.
كما يستهدف كذلك منع الاستثمار في الغاز الإيراني وإنتاجه ثم تصديره مستقبلاً لأوروبا، وذلك ببساطة لأن سوق الغاز الأوروبي قريب من ناحية الجدوى التصديرية لأميركا، كما أن منافسته للغاز الروسي تخفف النفوذ الروسي على أوروبا، وهو هدف تحدّث عنه وزير الخارجية مايك بومبيو، في أكثر من مناسبة.
أما الهدف الثالث، فهو كسب ترامب الحملة الانتخابية، عبر الظهور بمظهر الرئيس القوي الذي يدافع عن أمن "إسرائيل" بوجه إيران التي يتهمها بالإرهاب، وبالتالي يتمكن من كسب اللوبي الإسرائيلي في حملته الانتخابية الثانية للرئاسة الأميركية في 2020.
أما الهدف الرابع والأهم فهو تنفيذ استراتيجية الهيمنة على الطاقة العالمية، وتمكين أميركا ودعم تحكمها في إمدادات النفط عالمياً وأسعاره وممراته.
ومن شأن تحقيق هذا الهدف أن يدعم من محادثاته التجارية مع الصين التي تحتاج بقوة إلى النفط الذي تستورده من إيران والدول الخليجية. وكذلك الضغط على حلفائه الآخرين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.
لكن تحقيق هذه الأهداف ربما لا يكون سهلاً، حسب هؤلاء المحللين، بسبب احتمال إضرار قرار "تجفيف دخل النفط الإيراني"، بمصالح الدول الرئيسة المستوردة للخامات الإيرانية.
وقال الخبير النفطي الأميركي سكوت موديل إن الدول الآسيوية المستوردة من النفط غاضبة من القرار الأميركي، وذلك في تصريحات نقلتها "بلومبيرغ".
وحتى الآن، تبدو أسواق النفط هادئة والأسعار لم ترتفع بدرجة مقلقة، ولكن التطورات الجيوسياسية في كل من فنزويلا وليبيا وزيادة التوتر العسكري في المنطقة العربية، ربما تتفاعل لترفع أسعار النفط في المستقبل وتضر بمصالح العديد من الدول المستهلكة للطاقة في أوروبا وآسيا.
وحسب بيانات "بلومبيرغ" لمراقبة الشحنات النفطية، فإن الصين تعد المستورد الأكبر للنفط الإيراني، حيث تستورد 613 ألف برميل يومياً. ولدى بكين شركات تنتج النفط الإيراني وتأخذ حصة من الإنتاج ضمن صفقة "مقايضة عمليات الإنتاج بالنفط".
وكانت الشركات الصينية تستفيد من بيع هذه الشحنات التي تقارب 100 ألف برميل يومياً في السوق الصيني. والآن لا تستطيع فعل ذلك. كما أن الهند التي كانت تستورد نحو 258 ألف برميل يومياً، وتسدد قيمتها بالروبية وليس بالدولار وتحصل على حسومات، هي الأخرى ستكون خاسرة من القرار الأميركي. كما تستورد كل من اليابان 226 ألف برميل يومياً، وكوريا الجنوبية 387 ألف برميل يومياً.
موسى مهدي
انتهى/