أثار عقد صفقة سلاح بين مصر وروسيا، بنحو ملياري دولار، تساؤلات حول جدوى تلك الصفقة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من شح السيولة، وتواجه مرافق الدولة الأساسية مشكلات بسبب نقص التموين، وحقيقة دخولها أسطول طيران دول مجاورة، وليس الأسطول المصري.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وكشفت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن توقيع صفقة أسلحة جديدة بين القاهرة وموسكو، لشراء أكثر من 20 مقاتلة متعددة الأغراض من طراز "سوخوي 35"، بقيمة حوالي "ملياري دولار"، على أن تبدأ الإمدادات في عام 2020 أو 2021.
يأتي ذلك بالتزامن مع احتفاظ مصر بترتيبها في المركز الثالث ضمن قائمة أكبر مستوردي السلاح في العالم، بعد السعودية والهند بين عامي 2014-2018، وفق تقرير "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، الذي صدر قبل أيام.
واحتلت روسيا المرتبة الثانية في سوق السلاح العالمي بحصة مبيعات بنسبة 21 %، بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي وصلت إلى 36 %، فيما جاءت فرنسا في المركز الثالث بنسبة 6.8 %، وتلتها ألمانيا بنسبة 6.4 %، ثم الصين في المرتبة الخامسة بنسبة 5.2 %..
شبهات فساد
وقبل يومين، قال الرئيس السابق للدائرة السياسية الأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، إن مسؤولا ألمانيا أبلغه أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صادق على بيع غواصات ألمانية لمصر.
وأوضح "جلعاد" أنه كان قد أبدى تحفظه أمام الألمان "حيال بيع غواصات لمصر من شأنها تهديد أمن إسرائيل، وأن نتنياهو بنفسه هو من وافق لاحقا على إتمام الصفقة".
وتسلمت مصر في كانون الأول/ ديسمبر 2016 أول غواصة من صفقة تضم عدة غواصات من طراز "1400 / 209"، فيما تسلمت الثانية في آب/ أغسطس 2017.
صفقات مشبوهة
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، لـ"عربي21": "يقينا، وبالدلائل القوية التي تتوالى يوما بعد يوم، أن ما يفعله السيسي لا يصب بأي حال من الأحوال في مصلحة مصر، ولا في أمنها القومي، ولا في وضعها الاقتصادي".
وتساءل: "إذ كيف يعقل أن يوافق نتنياهو على صفقة غواصات ألمانية لمصر، وتكون الصفقة بهدف ردع العدو التاريخي لمصر، وأنها ليست إلا (سبوبة) للبائع والمشتري والوسيط، والسوابق كثيرة في عمولات السلاح التي تحصل عليها القيادات العسكرية، وبشكل مقنن، وتصل عشرات ملايين الدولارات".
وتابع: "من هو العدو الذي من أجله تعقد صفقات السلاح المرة تلو الأخرى، وهذا وضع الموازنة العامة للدولة، غير أن السيسي يريد أن يحول جيش مصر لجيش مرتزقة يوجهه في الاتجاهات الجغرافية الأربع، انصياعا وخدمة للأجندة الأمريكية والصهيونية".
وأكد عضو لجنة الدفاع والأمن أن "جيش مصر لا يحتاج لهذه الصفقات بقدر ما يحتاج لقيادة وإرادة أن يكون جيشا يخشى منه العدو بالإعداد والاستعداد قبل العتاد، وهذا هو ما نفتقده بحق في جيشنا؛ بفعل التغول الاستبدادي لأنظمة الحكم العسكري التي حكمت مصر عشرات السنين"، مشيرا إلى أن "الأمر الآخر هو حرص السيسي على شراء الشرعية من دول حريصة على الاستمرار في الابتزاز".
السلاح الروسي والسياح
من جهته، قال المحلل السياسي، محمد السيد، لـ"عربي21"، إن "إنفاق السيسي على التسليح منذ الانقلاب العسكري تجاوز أكثر من 20 مليار دولار، واستطاع شراء شرعية دولية عبر الصفقات التي أبرمها مع كل من فرنسا وإنجلترا وألمانيا، وكانت هذه الصفقات بمثابة غض الطرف عن الانقلاب الدموي والمجازر التي شهدتها مصر".
وأشار إلى أن "هذه الصفقات لم تمر عبر البرلمان كما هو معمول به في دول العالم؛ لذلك فشبهة الرشاوي والعملات لن تخلو منها؛ لذلك لا يعلم أحد عنها شيئا سوى من الصحف الأجنبية، وأن السيسي ونظامه لا يعرفون سوى الاقتراض والبذخ فيما لا عائد منه".
وأوضح أن "تمويل كل الصفقات من خلال قروض يأتي في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة، ونقص العملات الأجنبية، وارتفاع عجز الموازنة والدين الخارجي إلى أقام قياسية، ما يهدد بالإفلاس، ولكن هذه الصفقة وراءها أمر آخر، وهو شراء رضا بوتين ليسمح بعودة السياحة مرة أخرى لمصر، وقد تذهب هذه الطائرات إلى ليبيا لمساعدة حفتر، في مقابل سداد ثمنها لاحقا".
وإذا ما كانت تلك الصفقات ستثير قلق الاحتلال الإسرائيلي، أكد السيد أن "صفة طائرات السوخوي لن تثير اهتمام الصهاينة؛ لأن العلاقة الحميمة بينهم وبين قائد الانقلاب بلغت ذروتها، والتنسيق بينهم واضح، خاصة فيما يحدث في سيناء تحت مسمى محاربة الإرهاب، كما أن السيسي طالما أكد على أنه لن يسمح لأحد بتهديد جيرانه".
انتهی/