تتواصل عملية خروج المدنيين من بلدة الباغوز السورية، في شرق الفرات بريف دير الزور، إلى مخيم الهول في الحسكة. وأثار تأخر حسم المعركة في الباغوز التي شهدت معارك بين "قوات سوريا الديمقراطية" ومسلحي "داعش"، تساؤلات حول أسباب تأخر العملية وطبيعة هذه البلدة التي تعدّ آخر معاقل التنظيم الارهابي في شرق سوريا.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - يتواصل خروج المدنيين من جيب "داعش" الأخير في بلدة الباغوز شرقي دير الزور، بينما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري- تعليق عملياتها العسكرية ضد ذاك الجيب لإجلاء عدد من الأسر التي لا تزال موجودة هناك.
وقال قائد ميداني في قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، يدعى أبو كردو إن "قواتهم ما زالت ملتزمة بالهدنة الإنسانية لأجل تأمين خروج المدنيين من بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي".
وأكد القائد العسكري أبو كردو: "منذ ثلاثة أيام وقواتنا ملتزمة بالهدنة، لأجل تأمين خروج المدنيين وخرج اليوم حوالي 60 شخصاً بينهم نساء وأطفال من عائلات مسلحي داعش إضافة إلى عدد من المقاتلين، بينهم جرحى وقد تم نقلهم بواسطة أربع شاحنات من بلدة الباغوز".
بدوره جدد القائد العسكري في قوات سوريا الديمقراطية عدنان عفرين، التأكيد على "عدم شن قوات سوريا الديمقراطية هجوماً على آخر معاقل تنظيم داعش في بلدة الباغوز ما دام هناك مدنيون".
وأضاف عفرين: "أرسلنا اليوم عدة شاحنات لأجل إجلاء المدنيين وخرجت أربع شاحنات ولدينا أكثر من 20 شاحنة متواجدة في بلدة الباغوز. إذا لم يخرج مدنيون، ما يعني أن من بقي داخل الباغوز هم من المسلحين، عندها تبدأ العملية العسكرية".
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قالت الجمعة: إنها ستستأنف الهجوم إذا لم يخرج مدنيون آخرون من الباغوز بحلول ظهر يوم السبت.
ويتوجه معظم المدنيين الخارجين من ذاك الجيب صوب مخيم الهول في الحسكة. وأعلنت الأمم المتحدة أول أمس الجمعة، أن 100 شخص توفوا وهم في طريقهم إلى هذا المخيم أو بعد وقتٍ قصير من وصولهم منذ كانون الأول الماضي، مشيرة إلى أن "هناك مخاوف كبيرة بشأن صحة سكان المخيم الضعيفة".
وقبل أسبوع قالت قوات "قسد" إنها تعتقد أن كل المدنيين خرجوا بالفعل واستأنفت الهجوم، ما أدى لموجة نزوح جديدة بعضهم من أتباع "داعش" وأسرهم ومئات المسلحين المستسلمين.
وفي 9 من شباط الماضي، أعلنت تلك القوات بدء "معركة نهائية" للسيطرة على جيب "داعش" الأخير في بلدة الباغوز، وتقول: إنها تريد التأكد من أن جميع المدنيين غادروا جيب الباغوز قبل بدء الهجوم النهائي عليه.
وقال مسؤول أمريكي كبير في واشنطن يوم الجمعة: "إن عملية استعادة السيطرة على الباغوز قد تستغرق أياماً أو حتى أسابيع".
من جهته ذكر ما يسمى "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن العملية العسكرية التي يجري التحضير لها من قبل "قسد" و"التحالف الدولي" لإنهاء وجود من تبقى من التنظيم في منطقة مزارع الباغوز ضمن خنادقها وأنفاقها، جرى تأجيلها لأجل غير مسمى إلى الآن.
وأكد "المرصد"، أن تأجيل العملية العسكرية بسبب "وجود أعداد من أسرى قسد لدى من تبقى من التنظيم، إضافة لوجود مدنيين وعوائل التنظيم ومسلحين وقادة من التنظيم في أنفاق وخنادق ومزارع الباغوز، حيث يجري ترقب تسليم الأسرى وخروج من تبقى من هذه الأنفاق والخنادق، على حين تجري التحضيرات لخروج دفعات جديدة من التنظيم وعائلاته والمدنيين المتبقين، إلى مناطق سيطرة قسد".
وفي وقت سابق من يوم أمس كان "المرصد" أكد، خروج مئات الأشخاص من عوائل التنظيم ومسلحيه ومتزعميه من جنسيات مختلفة من منطقة مزارع الباغوز، لافتاً إلى أن "قسد" باتت في مأزق نتيجة عدم انتهاء الخروج من مزارع الباغوز، رغم المهل المتكررة التي أعطيت لمسلحي التنظيم وعائلاتهم والمدنيين في جيب التنظيم.
وأشار إلى تواصل حالات اكتشاف مسلحي التنظيم بين من يخرج من الباغوز، وسط ادعاء الكثير من الخارجين بأنهم ممن كانوا محاصرين داخل جيب التنظيم بعد قدومهم للتجارة أو للعمل، الأمر الذي دفع "قسد" واستخباراتها بحسب "المرصد" للعمل على فرز المسلحين، والتحقيق مع البقية لمعرفة من كان منهم مسلحاً ونقلهم إلى معتقلات وسجون "قسد".
وحول أسباب تأخر الحسم فيها، قال الكاتب الصحفي السوري محمد أرسلان، في اتصال هاتفي لـ"الوطن" المصرية، إن "تنظيم داعش حفر في الباغوز أنفاق كثيرة، ويقال إنه هناك البعض منها يصل لداخل الأراضي العراقية".
وأضاف "أرسلان": "وبما أن قرية الباغوز هي أخر قرية تبقت بيد داعش بعدما فقط سيطرته على كل المدن والقرى، لذا حاول داعش على جمع كل مقاتليه المتبقين مع عوائلهم وكذلك سكان القرى الذين بقوا في قراهم ولم يغادروها، جمعهم في هذا الجيب الأخير".
وقال الكاتب الصحفي السوري: "ولهذا نرى الأعداد الضخمة من المدنيين والمقاتلين يخرجون تباعا في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة والتي لا تتجاوز الخمسة كيلو متر مربع".
وأضاف: "والسبب الرئيسي حسبما صرحت به قوات سوريا الديمقراطية في تأخرها عن تحرير هذا الجيب هو وجود العدد الكبير من المدنيين وخاصة النساء والأطفال فيها وكذلك كثرة الألغام المزروعة حول وضمن هذا الجيب".
وقال "أرسلان": "داعش يستخدم المدنيين كدروع بشرية لصد أي محاولات من قوات سوريا الديمقراطية للسيطرة عليها، وسمعنا مؤخرا أنه أي داعش قام بنحر رأس خمسين امرأة إيزيدية في الباغوز، وهي كانت رسالة واضحة أنه في حال أي محاولة للهجوم على هذا الجيب سيكون هناك مجازر بحق المدنيين وخاصة السبايا الإيزيديات".
ومن جهة أخرى، قال "أرسلان": "هناك تضارب في المعلومات عن عدد المتواجدين في هذا الجيب الصغير ولم يكن هناك معلومات كافية وأكيدة، وحتى أن طائرات الكشف من دون طيار لم تكن ترصد المدنيين المتواجدين فيها، لأنهم كانوا مختبئين أو محتجزين تحت الأرض في الأنفاق".
وتتبع قرية الباغوز ناحية سوسة في منطقة البوكمال بمحافظة دير الزور السورية ويبلغ عدد سكانها تقريبا نحو 15 ألف نسمة ولا تتجاوز مساحتها نحو 5 كيلومترات مربع.
ويقابل "الباغوز" من الطرف العراقي مدينة القائم الحدودية، أي أن قرية الباغوز تقع على الحدود العراقية ويتخذها تنظيم "داعش" كآخر مساحة جغرافية يسيطر عليها في سوريا بعدما تم تحرير كل المناطق الأخرى التي كان يسيطر عليها.
انتهى/