نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، مقال رأي للخبير الاقتصادي الفرنسي باتريك أرتوس، الذي حدد أربعة نظم، يمكن أن تؤدي في المستقبل إلى اندلاع أزمة اقتصادية عالمية خطيرة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء -وقالت الصحيفة، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن الاقتصاد العالمي يتأثر بشكل دائم بالصدمات.
ويشهد الطلب على السلع الصناعية في البلدان ذات الوزن الصناعي الثقيل مثل ألمانيا تراجعا، في حين تعيش بلدان مثل الأرجنتين وإيران وفنزويلا أزمة اقتصادية بسبب الركود، بينما يتباطأ النشاط الاقتصادي في إيطاليا، ويتدهور في المملكة المتحدة بسبب البريكسيت.
وذكر الخبير الاقتصادي، أولا، أن الآلية الأولى التي يمكن أن تهدد الاقتصاد العالمي مستقبلا تتمثل في رفض الولايات المتحدة التخلي عن الريادة العالمية لصالح الصين، التي تسجل تقدما باهرا في مجال الابتكار، وتحقق نموا اقتصاديا بلغ خمسة بالمائة مقارنة بالولايات المتحدة التي لم تتجاوز نسبة النمو لديها اثنين بالمائة.
كما بلغت الصين مستوى مرموق من الادخار وصل إلى قرابة 4.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكل هذه المعطيات تؤكد أن الصين التحقت بركب الولايات المتحدة في جميع المجالات.
ونوه باتريك أرتوس بأن الولايات المتحدة ترفض الاقتناع بحقيقة هذا المنظور، مما سيتسبب في خلق صعوبات في التبادلات التجارية والتبادلات التكنولوجية أكثر من أي وقت مضى.
وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن تدمر سلاسل القيمة العالمية ويفقد الاقتصاد العالمي نجاعته.
وأورد الخبير الاقتصادي، ثانيا، أنه من بين الأسباب الأخرى للأزمة العالمية انهيار الاقتصاد الصيني، الذي لن تكون له علاقة بالصراع التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي الواقع، تنتشر مخاوف من وقوع الصين في مشكلة هيكلية تتمثل في امتلاك بكين لمدخرات قومية هامة، وفرض ضوابط على تدفقات رأس المال إلى الخارج ما يمنع هذه المدخرات من مغادرة البلاد.
ويمكن أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى ارتفاع حاد في نسبة الديون من مختلف العوامل الاقتصادية في الصين، بما أن مدخرات الصينيين يجب أن تستثمر في داخل البلاد وليس خارجها.
وأفاد باتريك أرتوس، ثالثا، بأن فقدان احتياطي العملة من الدولار لدوره الذي يلعبه في الاقتصاد العالمي من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع أزمة اقتصادية عالمية، خاصة أن نسبة احتياطي العملة الذي يتم استثماره بالدولار في العالم تصل اليوم إلى قرابة 62 بالمائة.
ويمكن أن ينجر عن ذلك معاناة الولايات المتحدة من عجز خارجي مزمن، الذي بلغ حوالي 800 مليار دولار خلال سنة 2019 ودين خارجي كبير جدا قد يصل إلى 50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى احتمال فقدان الدولار لقيمته كعملة احتياطية لأسباب اقتصادية من أبرزها الخوف من ارتفاع الدين الخارجي للولايات المتحدة، أو لأسباب سياسية مثل الصراعات المحتدمة بين الولايات المتحدة وعدد من البلدان على غرار الصين وإيران وروسيا.
ومن المحتمل أن يكشف ذلك عن مدى حاجة الولايات المتحدة إلى تجاوز عجزها الخارجي، ما سينجر عنه انكماش في الطلب المحلي في الولايات المتحدة وركود اقتصادي في الولايات المتحدة والعالم على حد سواء.
وتحدث الخبير، رابعا، عن العودة إلى التضخم المالي وخطورته على الاقتصاد العالمي في المستقبل.
فقد ارتفعت نسبة الدين الإجمالية في العالم مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، من 180 بالمائة خلال سنة 1990 إلى نحو 250 بالمائة سنة 2019.
وارتفعت نسبة الدين العام العالمي من 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 110 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة ذاتها.
ولكن لسائل أن يسأل، كيف يمكن أن نعود من جديد إلى حالة التضخم المالي؟ تكمن الإجابة في التغيير العميق الذي يمكن أن يطرأ على سير أسواق الأعمال شريطة أن يكون ذلك متبعا بقدرة أكبر على المساومة لدى الموظفين، أو أزمة جيوسياسية تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط.
وفي الختام، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي إنه يمكن تجنب الوقوع في هذه المخاطر الأربعة التي تحدق بالاقتصاد العالمي من خلال إرساء علاقات تعاون بين الصين والولايات المتحدة وتجنب الصراعات.
ولابد من تكريس مزيد من التحرر المالي في الصين مما سيسمح للمستثمرين الصينيين بالاستثمار في بقية العالم، إلى توفير المزيد من الانضباط في السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة للحد من المديونية الخارجية.
انتهی/