بعد إسدال الستار على حملة اعتقالات "الريتز كارلتون" والتي استهدفت اعتقال المئات من أسرة آل سعود والوزراء ورجال الأعمال على خلفية ما يسمى قضايا فساد، وإجبارهم على التنازل عن ثرواتهم وإقصاءهم من الحياة السياسية، لا يزال هناك عدد من المعتقلين الذين ترفض السلطات الإفراج عنهم أو الكشف عن مصيرهم، وأبرز هؤلاء رجل الدولة عادل فقيه الذي تولى وزارات عدة أهمها الاقتصاد والعمل والصحة، ووليد فتيحي وهو طبيب ورجل أعمال وداعية ومقدم برامج.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وبحسب بيان النيابة العامة السعودية، فإن 87 شخصاً من معتقلي الريتز قاموا بالتسوية مع السلطات بعد اعترافهم وإقرارهم بما نسب إليهم، لكن فقيه يعد واحداً من 56 شخصاً أحالهم النائب العام إلى النيابة العامة رافضاً التسوية معهم لوجود قضايا جنائية بحقهم.
واتُهم فقيه بتأسيس تنظيم يسعى لانفصال منطقة الحجاز عن السعودية رفقة اثنين آخرين أحدهما وليد فتيحي، وهو طبيب سعودي ومقدم برامج ورجل أعمال ينتمي لعائلة فتيحي التجارية التي تقيم في مدينة جدة، وتملك عدة مستشفيات وشركات مجوهرات ومجموعة تجارية قابضة. وتربط علاقات نسب ومصاهرة بين الوزير عادل فقيه ووليد فتيحي.
وقال مصدر مقرب من الديوان الملكي السعودي إن هناك قضية "خيانة" اتُهم فيها رجال أعمال ينتمون للمنطقة الغربية في السعودية (الحجاز)، وأن تأخير الإعلان عن هذه القضية وإجراء المحاكمات لأعضاء "التنظيم" يأتي في ظل الخوف من الضغوط الدولية بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خصوصاً أن جميع من في القضية تربطهم علاقات مصاهرة بعائلة خاشقجي كونهم ينحدرون من المنطقة نفسها ومن نفس الخلفيات الثقافية، وهو ما تتخوّف السلطات من تفسيره بشكل خاطئ في الإعلام الغربي.
وأضاف المصدر، الذي عمل بشكل رسمي مع إدارات حكومية سابقة في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، أن كل الأمور مترابطة، فكوادر النظام الحالي التي تدعي وجود "تنظيم الحجاز السري" وأنهم ينحدرون من أسر تجارية، استفادوا من التسهيلات التجارية والمناقصات الحكومية التي منحت لهم في عهد الملك عبدالله من قبل أبنائه ومستشاريه ومنهم خالد التويجري، واليوم ما يحصل في قضية إثارة ملف ما يسمى "تنظيم الحجاز" هو عبارة عن ضرب لهذه الفئة والقضاء عليها في إطار تصفية ما تبقى من "إرث" عهد الملك الراحل عبدالله.
وعن حقيقة تورط المتهمين في قضية تنظيم الحجاز، قال المصدر: "إنها تهمة غريبة ولا يمكن تصديقها. هؤلاء المتهمون هم أبناء النظام السعودي وهو من صنعهم ويدينون بثرواتهم ونفوذهم للأمراء داخله، فكيف يحاولون الانقلاب عليه، وليس لهم مقوّمات سوى أرصدتهم البنكية، فهم لا يعتنقون أي أيديولوجيا أو فكر سياسي".
وكانت "منظمة القسط لدعم حقوق الإنسان في السعودية" التي تتخذ من لندن مقراً لها، قد قالت في تقرير لها بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2018 "إن السلطات السعودية صورت مقاطع فيديو عدة لمجموعات اعترفت بالتعاون مع منظمات دولية خارجية وجماعات مثل الإخوان المسلمين لإسقاط الحكم السعودي، وأن إحدى هذه المجموعات اتهمت وبشكل صريح بتأسيس تنظيم يسعى لانفصال واستقلال منطقة الحجاز". وأضافت المنظمة: "إن السلطات قامت بجمع المواقف التي ترفض مركزية السلطة في الوسط، وتهميش الأطراف أو إهمال مكة والمدينة، وترفض فرض نمط واحد على شرائح مختلفة من المجتمع، أو ترفض تهميش ثقافة وإرث الحجاز، وصنفت السلطات مواقفهم بأنها دليل على انتمائهم لمجموعة تسعى لانفصال الحجاز".
وقال الناشط الحقوقي والمعارض السعودي المقيم في لندن، يحيى عسيري، بعد سؤاله عن صحة المعلومات الواردة حول اتهام عدد من المعتقلين بالانتماء لتنظيم يسعى لانفصال الحجاز، "إنها معلومات صحيحة" في إشارة لاعتقالهم بمزاعم كهذه. وأضاف عسيري "لا أستطيع ذكر أسماء جميع المتهمين خوفاً عليهم، لكني أستطيع القول إن هناك عدداً من معتقلي الريتز كارلتون ضمن قضية سميت تنظيم انفصال الحجاز السري، وهؤلاء وبحسب معلوماتنا تعرضوا لتعذيب شديد لم يكن يهدف إلى انتزاع معلومات بقدر ما كان يهدف إلى كسرهم وإذلالهم".
وأشار عسيري إلى أن "الذباب الإلكتروني" وهي المليشيات الإلكترونية التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان في مواقع التواصل الاجتماعي لإرهاب الخصوم، إضافة إلى مشاهير التواصل الاجتماعي الذين تجبرهم السلطة على التغريد بما يوافق أهواءها، قد شنّوا حملة كبيرة ضد عدد من الشخصيات الحجازية المعتقلة، واتهامها بتأسيس هذا التنظيم السري.
وكان السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، والذي يعد أحد المقربين لولي العهد السعودي، قد أعاد نشر تغريدة في موقع "تويتر" أكدت أن مصير الوزير السابق عادل فقيه "سيكون مشابهاً لمصير رجل الدين نمر النمر"، والذي اتهمته التغريدة بأنه كان "يسعى لانفصال المنطقة الشرقية" قبل أن يُعدم، قبل أن يعمد آل جابر إلى حذف التغريدة. وبالنسبة إلى عسيري في قوله إن "الذباب الإلكتروني" لا يتكلم من فراغ، بل تأتيه توجيهات مستمرة بالحديث في مواضيع شتى منها موضوع تنظيم الحجاز.
السفير السعودي باليمن يعمل رتويت لتغريدة في غاية الخطورة عن الوزير السابق ..
التغريدة تتهم عادل فقيه انه كان يعمل على ادارة ودعم المطالبين بانفصال الحجاز !!
وحاول موقع "العربي الجديد" التواصل مع أحد أفراد عائلة وليد فتيحي أو عادل فقيه، لكنهم لم يجيبوا على الرسائل والاتصالات. غير أن طالباً سعودياً في الولايات المتحدة تعود أصوله لمنطقة الحجاز قال إن هناك استهدافاً من نوع غريب لرجال الأعمال المنتمين للحجاز لأنهم بنظر مستشار ولي العهد، سعود القحطاني، المتهم الرئيسي في قضية قتل خاشقجي، "لا يستحقون هذه الثروة". وقال الطالب الذي جرت مصادرة الجزء الأكبر من ثروة والده من دون أن يدخل إلى معتقل "الريتز كارلتون"، لكنه يرتبط بعلاقات مع عادل فقيه ووليد فتيحي، إنهما "باتا مغيبين في مكان مجهول" بعد الإفراج عن قريبهما عمرو الدباغ، محافظ هيئة الاستثمار السابق، قبل أسابيع بعدما تنازل عن كل ثروته.
انتهى/