تنتظر قمة العرب الاقتصادية في بيروت غداً الأحد، ملفات مهمة تشمل مواضيع مشتركة بين الدول العربية، في ظل إجراءات تنظيمية صارمة، وتدابير أمنية مشدّدة، اتخذتها الحكومة اللبنانية لضمان سلامة الوفود نظراً للمشهد الأمني المعقد والمتوتر الذي يشوب المنطقة.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وعلى الصعيد الداخلي للدولة المضيفة للقمة الاقتصادية العربية الرابعة، تشهد الساحة اللبنانية تجاذباً سياسياً بين "حركة أمل الشيعية" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، و"التيار الوطني الحر" برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل.
الجدل يتخلص في أن "حركة أمل" تعترض الأولى على دعوة ليبيا للقمة على خلفية اتهامها لنظام معمر القذافي الذي أطيح به من الحكم عام 2011، بخطف مؤسس الحركة موسى الصدر، عندما كان في زيارة لليبيا عام 1978، في حين يرى "التيار الوطني" أن هذه القمة مفيدة للبنان ولا يجب إفسادها.
وذكرت الجامعة العربية في موقعها الرسمي أن "القمة تنعقد في ظل تحديات غير مسبوقة تمر بها المنطقة العربية، والتي أصبحت تتطلب تكاتفاً جدياً وتنسيقاً وثيقاً وتعاوناً صادقاً من أجل التغلب عليها ومواصلة مسيرة التنمية".
وعلى مدار 3 جلسات ستناقش القمة 27 ملفاً مهماً أبرزها؛ استراتيجية إنشاء منطقة تجارة حرة عربية كبرى، والأمن الغذائي العربي، والرؤية الاستراتيجية لتعزيز وتفعيل العمل العربي المشترك بين قطاعي السياحة والثقافة، والسوق العربية المشتركة للكهرباء.
ومن الملفات المتوقع أن بحثها أيضاً؛ إطلاق إطار عربي استراتيجي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020 - 2030، والميثاق العربي الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إلى جانب الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة.
وتحوز فلسطين جزءاً مهماً من هذه القمة، إذ ستناقش دعم الاقتصاد هناك، إلى جانب وضع خطة مُحكمة للتنمية في القدس 2018-2022، كما سيتم طرح التحديات التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في ظل وقف الدعم الأمريكي، وتداعيات ذلك على الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين.
وتنعقد القمة بينما تواجه الدول العربية تحدياتٍ جمة، في مقدمتها الخلافات البينية وإن كان بعضها قديم مثل الخلاف الجزائري المغربي، فيما جديدها استعصى على الحل رغم الوساطات الدولية، كالأزمة الخليجية التي قضت على آخر حلم عربي بتحقيق التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي العربي في المحافل الدولية.
فقد أدى حصار 3 دول من دول مجلس التعاون للخليج العربي هي السعودية والإمارات والبحرين، لدولة قطر إلى تفتيت المجلس والقضاء على المنجزات التي حققها على مدار ما يقرب من 3 عقود من العمل المشترك خصوصاً في الجانب الاقتصادي.
وكان مجلس التعاون قصة نجاح على المستوى العربي، حيث حاولت بعض البلاد العربية خلال السنوات الماضية خلق تكتلات اقتصادية إقليمية جميعها لم تحقق الغاية التي شكلت لأجلها، وتحولت إلى ملتقيات برتوكولية.
لكن مجلس التعاون حقق مكتسبات مهمة خصوصاً في مجال التنسيق والتعاون الاقتصادي والوحدة الجمركية والسوق المشتركة، وفيما كانت النقاشات تدور بشكل جاد حول إصدار عملة خليجية موحدة فاجأ الثلاثي الساحة العربية والدولية في يونيو 2017، ودون أي مقدمات بقرار محاصرة الدوحة.
وعلى صعيد آخر، تعتبر أزمة اليمن وما خلفته حرب التحالف السعودي الإماراتي من أزمات اقتصادية دفعت البلد نحو حافة الإفلاس في ظل بنى تحتية مدمرة بالكامل، تحدٍ آخر أمام القمة في ظل آمال بانتهاء الحرب بتظافر الجهود الدولية والأممية المتعثرة في هذا المجال، حيث سيشكل ملف إعادة الإعمار عقبة كأداء أمام المنظومة العربية.
وفي ذات السياق، تشكل عملية إعادة أعمار سوريا تحدٍ آخر، مع استباب الأوضاع لصالح نظام بشار الأسد بسبب زخم الدعم الروسي الإيراني، في الوقت الذي تتهافت دول عربية وبعضها خليجية لإعادة العلاقة مع النظام.
وقد سعى حلفاء الأسد في لبنان وعلى رأسهم حزب الله للضغط ومحاولة توجيه الدعوة بشكل رسمي للنظام لحضور القمة ما يعني اعترافاً عربياً به وإعادة تطبيع العلاقة معه، وقد حذرت قوى محسوبة على فريق 14 آذار، من تداعيات الدعوة من دون الأخذ برأي جامعة الدول العربية؛ ومن بينها أنها تجعل لبنان ملحقاً بإيران، وخارجاً عن الشرعية العربية والدولية.
ويرى مراقبون أن الخلافات السياسية العربية، عطلت إمكانات تطوير العلاقات الاقتصادية، حيث يقدر صندوق النقد الدولي قيمة التبادلات التجارة العربية العالمية بما يزيد على تريليوني دولار، لكن نصيب التجارة البينية من هذا الحجم المهم من التجارة مع العالم لا يزيد عن 11%، وهو ما يعكس ضآلة التعاون الاقتصادي بين هذه الدول.
يشار إلى أن القمة الاقتصادية الأولى، عُقدت بدولة الكويت في يناير 2009، تحت شعار رسم خارطة طريق مستقبلية واضحة المعالم للاقتصاد العربي وجميع النواحي الاجتماعية والتنموية الأخرى المرتبطة به.
وفي منتصف يناير 2011، عقدت القمة الاقتصادية في دورتها الثانية بمدينة شرم الشيخ المصرية، أما القمة الاقتصادية الثالثة فعقدت في السعودية عام 2013، وصدر عنها سلسلة من القرارات والمبادرات لتعزيز التنمية الاقتصادية بين الدول العربية، وتأكيد ضرورة استكمال متطلبات إقامة المنطقة الحرة الكبرى للتجارة العربية، دون أن يتحقق منها أي شيء.
انتهی/