أثار قرار صادر عن المجلس البلدي بمدينة تونس العاصمة، يلزم أصحاب المحلات التجارية بكتابة لافتاتهم الإشهارية باللغة العربية، بالتوازي مع اللغة الفرنسية المستعملة، موجة جدل بين مرحب ومعارض.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - وفيما أثنى شق على البادرة، واعتبرها انتصارا للهوية العربية الإسلامية، وتكريسا لما نص عليه الدستور حول اللغة الرسمية للبلاد، ذهب آخرون لاستهجان خطوة التعريب، واعتبارها ضربا من "الشعبوية"، وتحويلا للأنظار عن انتظارات المواطنين من بلدياتهم.
ترسيخ للهوية العربية
وأوضح عضو المجلس البلدي لمدينة تونس، صاحب المبادرة، القيادي بحزب التيار الديمقراطي أحمد بوعزي، في تصريح لـ"عربي21"، أن معالم الهوية العربية لمدينة تونس، واستعمال اللغة العربية كأهم تمظهراتها، أصبح شبه منعدم.
وأضاف: "المتجول اليوم في عاصمتنا يستغرب من غياب اللغة الوطنية في اللوحات واللافتات المعلقة على واجهات المحلاّت التجاريّة والصناعيّة في أغلب الشوارع والساحات العموميّة، وينتابه الشك في استقلال البلاد".
وذكر بتمسك الاستعمار الفرنسي حتى بعد خروجه من تثبيت لغته في تونس؛ لضمان السيطرة الاقتصادية والثقافية والفكرية والسياسية عبر اتفاقية 3 حزيران/ يونيو 1955 الخاصة بمعاهدة الاستقلال الداخلي.
واستنكر اعتداء بعض أصحاب المحلات التجارية على الخصوصية الحضارية لمدينة تونس وهويتها العربية الإسلامية، خاصة المدينة العتيقة، عبر استعمال لغات أجنبية، خصوصا الفرنسية منها.
وأكد أن هذا القرار البلدي اتخذ بالإجماع، ويهدف أساسا "لاحترام المواطن التونسي بجميع فئاته الثقافية والاجتماعية، وحقه في أن يرى لغة بلاده المنصوص عليها بالدستور مستعملة كلغة رسمية، وألّا يشعر بالاغتراب الثقافي على أرضه".
وشدد على أن القرار لا ينفي المجهودات التي تقوم بها بلدية تونس في تحسين جودة الحياة بمدينة تونس، والاستجابة لتطلعات المواطنين، والاستماع لمشاغلهم.
ضرب من الشعبوية
مقابل ذلك، تساءل الإعلامي باسل ترجمان، في حديثه لـ"عربي21"، عن المنفعة الحاصلة لسكان مدينة تونس من قرار التعريب، لافتا إلى أن انتظارات الآلاف ممن صوتوا لأعضاء المجلس البلدي كانت أعمق من مجرد قرارات "شعبوية" تندرج ضمن خانة الاستعراض السياسي.
وتابع: "هل بات استعمال اللغة العربية على واجهات المحلات أولوية قصوى إذا ما قارناها بقضايا التلوث والنفايات والاكتظاظ، وغياب الأنشطة الثقافية في مدينة تونس، وغيرها من المشاكل التي يعيشها المواطن التونسي".
وذهب إلى أن هذه القرارات الاعتباطية تعكس عجزا عند هؤلاء في فهم الإطار العام للعمل البلدي وإدارة الحكم المحلي، وللمسؤولية التي انتخبوا من أجلها.
وخلص ترجمان إلى أن أغلب من تقلدوا مناصب بعد الانتخابات البلدية كان كل همهم الوصول للسلطة، وليس خدمة المواطن وإيجاد حلول لمشاغله الحقيقة.
يشار إلى أن قرار إلزام أصحاب المحلات باستعمال اللغة العربية كان اتخذ سابقا في عهد الرئيس المخلوع بن علي، عبر منشور وزاري أمضاه الوزير الأول آنذاك حامد القروي سنة 1994، لكن تم التغاضي عنه بعد الثورة .
ترحيب ومعارضة
وانقسم التونسيون عبر الشبكات الاجتماعية، بين مرحب بقرار التعريب ومستهجن له.
وكتب العضو في هيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي عبر صفحته: "نعم، أنا مساند بقوة لحملة تعريب اللافتات الإشهارية للمحلات، التي أقرتها بلدية تونس إلى الأمام من أجل القطع مع لغة المستعمر الفرنسي".
وهاجم الباحث الاقتصادي عادل السمعلي الرافضين لهذا القرار بالقول: "الصهاينة اليهود أحيوا اللغة العبرية الميتة، والصهاينة العرب يريدون إماتة اللغة العربية..".
مقابل ذلك، دعت الكاتبة رشا التونسي إلى عدم الاستغناء عن اللغة الفرنسية، مبررة قولها بأن تونس بلد سياحي.
وتساءلت الناشطة السياسية روضة السايبي عن حجم الكلفة التي سيتحملها أصحاب المحلات التجارية لقاء تعريبهم في سبيل تحقيق أصحاب المبادرة والموقعين عليها فرقعات إعلامية.
انتهى/