تناول الكاتب الأمريكي المعروف سايمون هندرسون في تحليل نشره معهد واشنطن للدراسات مشهد جنازة الأمير طلال بن عبد العزيز، وما حمله من دلالات على التوترات الراهنة في العائلة السعودية الحاكمة، وما حمله من إشارات 'بشأن توقيت تغيير ممكن في القيادة في المملكة وكيفية حصوله'.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - ويُعد هندرسون من أشهر الخبراء الأمريكيين في شؤون الخليج الفارسي، وهو مدير 'برنامج الخليج الفارسي وشؤون الطاقة' في معهد واشنطن.
بدأ هندرسون تحليله بالإشارة إلي أنه 'في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر، أُقيمت في العاصمة السعودية الرياض جنازة ملكية تطابقت مع كل الخدع التصويرية لاجتماع أفراد العائلة المالكة البريطانية يوم عيد الميلاد'.
ولتوضيح المقارنة بين المشهدين في لندن والرياض، قال هندرسون إن 'مراسلي الصحافة الصفراء' بحثوا 'عن أي إشارات علي عدائية بين 'زوجتيْ وندسور المتناحرتيْن' - كيت وميغان، عقيلتي الأميرين ويليام وهاري، اللتين يقال إنهما لا تتفقان'.
أما عن النسخة السعودية، فقال إنها 'تكتسي أهمية أكبر علي الصعيد السياسي، وستغذي التكهنات بشأن توقيت تغيير ممكن في القيادة في المملكة وكيفية حصوله'.
واستطرد هندرسون في وصف الجنازة السعودية قائلا: 'ففي الرياض، حضر الملك سلمان، برفقة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جنازة الأمير طلال، الأخ غير الشقيق الأكبر للعاهل السعودي ووالد الأمير الوليد، الذي كان محتجزا في فندق 'ريتز كارلتون' في العاصمة في مثل هذا الوقت من العام الماضي، إلي جانب أكثر من 200 أمير ورجال أعمال آخرين بتهمة الفساد. كما أن نجلي طلال الآخرين كانا محتجزين أيضا، وقد حضر الأبناء الثلاثة الجنازة'.
وتابع: 'وبخلاف القضايا الأخري، لا يوجد أي دليل علي أن الأمير الوليد اضطر إلي نقل ملكية أي من أصوله لضمان إطلاق سراح والده لاحقا. وفي وقت لاحق، صرّح لوكالة 'رويترز' قائلا، إن القضية برمتها كانت 'سوء تفاهم'. وكان الوليد في طليعة حملة النعش حيث يسجي الجثمان في الجنازة. ويظهر محمد بن سلمان في الصورة نفسها ولكن بعيدا بعض الشيء. وهناك صورة أخري عن قرب للرجلين يتحدثان علي ما يبدو إلي بعضهما البعض، تشير إلي عدم وجود أي خنوع خاص من الوليد تجاه ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما، وهو قريب أصغر سنا بكثير وسجانه الفعلي في فندق الريتز'.
لكن الصورة 'الأكثر تأثيرا' في الجنازة، بحسب هندرسون كانت 'للعاهل السعودي الملك سلمان الذي بدا فيها في حالة إحباط جراء وفاة أخيه غير الشقيق. وكان يُعرف عن الرجلين قربهما الوطيد. وقد جلس الملك البالغ من العمر 82 عاما علي كرسي بينما وقف الآخرون لأداء صلاة الجنازة'.
وذكّر هندرسون بأن الأمير طلال 'كان شخصية مثيرة للجدل في بيت آل سعود، حيث شغل منصب وزير في الحكومة السعودية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولكنه قاد بعد ذلك مجموعة من أفراد العائلة المالكة عُرفت باسم 'حركة الأمراء الأحرار'، كانت تدعو إلي نظام ملكي دستوري. كما تمّت مصادرة ممتلكاته وعاش في المنفي في بيروت والقاهرة لفترة طويلة قبل عودته إلي السعودية، حيث عاش في عزلة سياسية. وكان الدبلوماسيون يصفونه بأنه ذكي وممتع، رغم انفراده برأيه'.
وأضاف: 'ونظرا إلي كوْن والدته من أرمينيا، أي من سلالة غير عربية، فإن ذلك يعني عادة استبعاده من احتمال أن يصبح ملكا في يوم ما. ومع ذلك، حين ذكرتُ ذلك في تحليل كتبته قبل عدة سنوات، أرسل لي أحد المساعدين بريدا إلكترونيا واتصل بي هاتفيا ليقول لي إن الملك عبدالله، سلف الملك سلمان، طلب ذات مرة من الأمير طلال أن يكون ولي عهده. (قدّرت لاحقا أن هذا الأمر حصل حقا، وأن ذلك لم يكن مجرد خطوة تنمّ عن تصرف عبدالله بتهذيب قبل أن يمنح هذا الدور لأخ أصغر سنا، وربما مؤهلا بشكل أكبر، حين اعتذر طلال عن توليه)'.
وواصل هندرسون وصف الجنازة بالقول: 'ومن بين الحاضرين الآخرين في الجنازة الأمير أحمد، الشقيق الوحيد للملك سلمان الذي لا يزال علي قيد الحياة، والذي عاد من منفاه الفعلي في لندن الشهر الماضي، ليكون إلي جانب طلال في أسابيعه الأخيرة. وقد نُقل عنه في وقت سابق من هذا العام قوله بأنه أدلي بتعليق اعتُبر انتقادا لمحمد بن سلمان. (ومع ذلك، التقط مصوّر وكالة الأنباء السعودية لحظة من التفاعل بين الرجلين). كما حضر الجنازة الأمير محمد بن نواف، السفير السعودي في لندن، الذي تمّ عزله يوم الخميس الماضي في إطار تعديل وزاري.. وكان من بين الحاضرين أيضا، أخ غير شقيق آخر للعاهل السعودي هو الأمير مقرن، الذي كان ولي العهد لفترة وجيزة في عام 2015 قبل تحييده جانبا. وهو، أيضا ممن حملوا النعش'.
وانتهي هندرسون إلي القول: 'قد تكون الجنازات مسرحا، وغالبا ما يمكن التنبؤ بأحداثها. ويمكن أن تكون جنازة الأمير المهمش، طلال، هي الفصل الأول من النسخة السعودية الخاصة بـ 'صراع العروش' لعام 2019'، في إشارة إلي المسلسل الأمريكي الشهير بنفس الاسم.
انتهى/