- هنية: الاحتلال أمام أزمة وجود وتوحشه نتيجة إدراكه عدم قدرته في البقاء
- رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة ترويج ثقافة المطالعة بين الاطفال والناشئة
- رائد قمم العرفان والادب..الشاعر الايراني عطار النيشابوري
- الدول الأكثر تضررا جراء تفشي وباء كورونا
- وزير الخارجية اليمني: الثورة الاسلامية ولدت انعكاسا ايجابيا بتعزيز القوى الاسلامية والوطنية بالمنطقة
- منظمات ماليزية تستنكر محادثات الرياض وواشنطن وتل أبيب السرية
- ارتفاع مؤشر داو جونز 340 نقطة
- "هذه إسطنبول وليست القسطنطينية"... احتجاجات في تركيا على زيارة بومبيو
- ردّ فلسطيني على كاتب سعودي يشكك في هوية المسجد الأقصى
- الإمارات تحيي جماعات مسلحة سورية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني
- الانتخابات الأميركية .. ترامب أول رئيس منذ 100 عام يرفض الإدلاء بخطاب إعلان الهزيمة
- انتظار وترقب في السعودية بعد فوز بايدن برئاسة أميركا
- فوز بايدن يضع النفط السعودي في مأزق
- الغارديان: ترامب ربما حطم رقمه القياسي السابق لأخطر الأكاذيب في خطاب واحد
- شركات إسرائيلية تسوّق منتجاتها بالإمارات
آخِر شَيء ينتظره العَرب والفِلسطينيّون أن تتقدَّم إليهِم السيدة نيكي هايلي ، مَندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة ، بنَصائِح لقُبولِ "صفقة القرن" التي مِن المُفتَرض كشْف مَضمونِها في الأشهُر الأُولي مِن العام الجَديد، هذا إذا بَقِيَ الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر في البيت الأبيض، لأنّ رفْضَها سيَرتَد عليهِم بمَخاطرٍ كَبيرةٍ.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - السيدة هايلي التي أرادَت اختَتام وظيفتها في المنظمة الدوليّة باستِصدارِ تَوصيةٍ عَن الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة بإدانَة حركة "حماس" وإلصاق تُهمَة "الإرهاب" بِها، ومُنِيت بهَزيمةٍ مُذلَّةٍ، أثْبَتت طِوال تَمثيلها لبِلادها في الأُمم المتحدة أنّها أكثر عُنصريّة وصُهيونيّة مِن الإسرائيليين أنفسهم، وكانَت مِن أشَد المُؤيِّدين لجَرائِم الحَرب الإسرائيليّة في قِطاع غزّة، وقاوَمت كُل المطالب لتشكيل لجنة تحقيق دوليّة في هذا المِضمار، وبلَغَت دَرجةً مِن الوقاحة غَير مسبوقة عندما انسَحَبت مِن القاعَة الرئيسيّة للأُمم المتحدة أثناء إلقاء الرئيس الفِلسطينيّ محمود عبّاس كلمته، وهو الرجل الذي كانَ خَلف اتِّفاق أوسلو، ومِن أشَد المُدافِعين عَن التَّنسيق الأمنيّ مع الإسرائيليين، أصدقائها الحميميّن.
صواريخ المُقاوَمة التي انطَلقت قبل أُسبوعين باتِّجاه المُستوطنات الإسرائيليّة في غِلاف قِطاع غزّة، وتَعانَقت مع الانتِفاضة المُسلَّحة التي استَهدَفت الجُنود والمُستوطنين في الضفّة الغربيّة ألغَت "صفقة القرن" هَذهِ، وحوّلتها إلي أشلاءٍ في مَهدِها، ولنْ تَجَد مِن الفِلسطينيّين مَن يقبل بالاطِّلاعِ عليها، ناهِيك عَن التَّفاوض حولَ بُنودِها أو تَوقيعِها.
عِندما يَخرُج مِئات الآلاف في قِطاع غزّة احتِفالًا بالذِّكري الـ31 لانطِلاقَة حركة "حماس" مُبايِعين جناح القسّام، ذِراعها العَسكريّ، ومُعاهدينه وقَيادته بالقِتال حتّي الشَّهادة لاستعادَة كُل الأراضِي الفِلسطينيّة المحتلة، فهَذا يعني أنّ هَذهِ "البَيعَة" جبّت كُل ما قبْلها مِن مُفاوَضاتٍ عبثيّةٍ، وألغَتْ عَمليًّا كُل حَديث عَن السَّلام المَغشوش، وأكَّدَت الالتِفاف حول ثقافة المُقاومة ومِحْوَرِها.
الزَّمن الذي كانَت تتقدَّم فيه الولايات المتحدة بمَشاريع السلام، وتَجِد مَن هو علي استعدادٍ لمُناقَشتها، أو التَّفاوض حولها، قد وَلَّي إلي غَيرِ رَجعةٍ، بعد أكثَر مَن رُبع قرنٍ مِن انخِداع بعض الفِلسطينيين السُّذَّج بِها، والرِّهان علي الحُصول علي دولةٍ هزيلةٍ مُشوَّهةٍ مِن خِلالِها، فمَن يَثِق بالأمريكيين بعد نَقل سفارتهم إلي القُدس المُحتلّة؟
لعنَة "صفقة القرن" ارتَدّت صفعات مُتوالية ومُؤلِمة لكُل الذين صاغُوا فَقراتها خِدمَةً لإسرائيل ومَشروعِها العُنصريّ الاستِيطانيّ، وحاولوا تَسويقَها وفَرضَها علي الشَّعب الفَلسطينيّ، فها هو المُحَقِّق مولر يُضَيِّق الخِناق علي عُنُق ترامب، وعلي وَشكِ فتح مِلفَّات صهره جاريد كوشنر التجاريّة مع المملكة العربيّة السعوديّة، وها هو صديقه الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعوديّ، أحَد أبرز مُؤيِّديها، أي الصفقة، يُدان ومِن مجلس الشيوخ الأمريكيّ وبالإجماع، باعتبارِه المَسؤول الأوّل عن جريمَةِ قتل الصِّحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي.
المُقاومة الفِلسطينيّة تَخرُج قَويَّةً مِن وسط "سُخام" التَّطبيع والاستِسلام الرسميّين العَربيّين وتَفْرِض هيبَتها ومُعادَلتها القَديمة المُتجَدِّدة في المِنطَقة بقُوَّةٍ، وها هو السيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس" يكْشِف للمَرِّةِ الأُولي، وفي خِطابِه التاريخيّ وسط الآلاف المُحتَفِلة بذِكري انطِلاقَة حركته، ليسَ عَن أسلحة وصواريخ بقُدُرات تدميريّة جديدة، وكنز استخباريّ عظيم جَري انتزاعه مِن الأجهزة الأمنيٍة الإسرائيليّة، ومُحاولاتها الفاشِلة للتَّسَلُّل إلي القِطاع، وإنّما أيضًا عن استِجداءِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نِتنياهو لوقف إطلاق النّار، لأنّ هَذهِ الصَّواريخ كانَت علي بُعدِ خَطوةٍ واحِدةٍ مِن ضرب تل ابيب ومَطارِها، وإرسال أكثَر مِن ثلاثة ملايين إسرائيليّ إلي المَلاجِئ.
الفِلسطينيّون لا يُريدون "صفقة القرن"، ولا يُريدون التَّعاطِي مع التَّكاذُب الأمريكيّ مَرَّةً أُخرَي، ويتَوحَّدُون الآن علي أرضيّة المُقاوَمة، وباتَت بوصلتهم تَتَّجِه صَوبَها، ومِحوَرها، مُجَدَّدًا وأكثَر مِن أيِّ وَقتٍ مَضي، ولِهذا ينظرون إلي السيدة هايلي ودَوْلتِها ورئيسِها وصفقة قَرنِها بازْدِراءٍ كَبيرٍ.
فليُهَدِّد نِتنياهو ببِناء مُستوطناتٍ جَديدةٍ كَيْفَما شاء، لأنّها قد لا تَجِد مِن يستطيع البَقاء فيها في المُستَقبل المَنظور، وسيَفِرُّون هَربًا مِنها للنَّجاةِ بأرواحهم، والعَمليّات الأخيرة التي استَهدفت هؤلاء في مُستَوطنات البركان و"عوفر" في الضفّة الغربيّة، والصَّواريخ التي دمَّرت سِتْ عَمارات وحافِلة للجُنود الإسرائيليين شِمال قِطاع غزّة هِي أحْدَث الإنْذارات والتَّحذيرات في هذا الصَّدد، وما خَفِيَ كانَ أعظَم، مِثلَما اعتراف نِتنياهو نفسه، تَبريرًا لسَعيِه لوقف إطلاق النَّار في حَربِ غزَّة الأخيرة.
نَنْصَح السيدة هايلي بأنْ تأخُذ "صفقة القرن" مَعَها إلي مزبلة التَّاريخ وهِي تُغادِر منْصِبها في الأُمم المتحدة أواخِر الشَّهر الحاليّ.. خريطة الصِّراع العَربيّ الإسرائيليّ تتغيّر بسُرعةٍ، ولا مَكان فيها للصَّفَقات.. وإنّما للصَّفَعات.. والأيّام بَيْنَنَا.
راي اليوم : عبد الباري عطوان
انتهى/
رأیکم