تأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى العاصمة النمساوية فيينا، ضمن زيارة رسمية تمتد لأربعة أيام يعقد خلالها مباحثات على مستوى القمة مع مستشار النمسا سيباستيان كورتز، كما يشارك في فعاليات المنتدى رفيع المستوى بين أفريقيا وأوروبا.
طهران- وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء - أبرزت وسائل الإعلام النمساوية الزيارة التي بدأها السيسي، الأحد، إلى فيينا والتي تعد أول زيارة لرئيس مصري إلى النمسا منذ 11 عاما، وذكرت وكالة الأنباء النمساوية "إيه بى إيه"، أن السيسي حرص على تلبية دعوة نظيره النمساوي إلكسندر فان دير بيلين لإجراء محادثات ثنائية تهدف إلى دعم العلاقات بين البلدين إلى جانب المشاركة فى أعمال المنتدى الأوروبي الأفريقي عالي المستوى، وسلطت الضوء على محادثات أخرى ستجمع الرئيس المصري مع المستشار النمساوي سباستيان كورتس ورئيس البرلمان فولفانج سابوتكا.
وأشارت الوكالة إلى أهمية الشق الاقتصادي فى الزيارة والذي يتمثل فى المباحثات بين رجال الأعمال فى البلدين من أجل تنشيط التعاون التجاري والاستثمارى المشترك، فيما أوضحت صحيفة "دي بريسه" أن النمسا تختتم رئاستها للاتحاد الأوروبي بعقد المنتدى الإفريقي الأوروبي الذي يجمع عددا من زعماء إفريقيا والاتحاد الأوروبي.
وأضافت الصحيفة أن قضية الهجرة احتلت الصدارة في اهتمامات النمسا خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي، وأن المنتدى الإفريقي الأوروبي سيعزز علاقات التعاون بين القارتين خاصة في مجال التكنولوجيا.
زيارة السيسي واهدافها
وقال التقرير الذى أعدته الهيئة العامة للاستعلامات "أن التحرك المصري الخارجي في السنوات الأخيرة – بما في ذلك الزيارة الحالية إلى النمسا – تحكمه مجموعة من الأهداف في مقدمتها العمل من أجل كل ما يعزز الأمن القومي المصري بكل عناصره بمعناها الواسع، ويحقق المصالح الوطنية المصرية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية وغيرها، وأيضاً كل ما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، إضافة إلى دور مصر في قارتها الأفريقية وعلى المستوى الدولي".
وتواصل الهيئة المصرية للاستعلامات تحليلها قائلة "انطلاقاً من الواقع الراهن في مصر، فإن أولويات العمل الوطني هي توفير الدعم الدولي لجهود مصر في تحقيق التمنية الشاملة وتحسين حياة المواطنين وإصلاح الأداء الاقتصادي بما في ذلك جذب الاستثمارات الخارجية وجلب التكنولوجيا المتقدمة والشركاء الدوليين في هذه المجالات وزيادة السياحة والصادرات، في الوقت نفسه فإن تحقيق الاستقرار ومواجهة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط أحد أهداف السياسة الخارجية المصرية حالياً".
وفي ختام الزيارة سوف يلتقي الرئيس المصري مع المسئولين عن نحو 13 من كبرى الشركات النمساوية بحضور عدد من رجال الأعمال المصريين وذلك في لقاء تنظمه الغرفة التجارية النمساوية.
وتستهدف جميع هذه اللقاءات بحث سبل زيادة الاستثمارات النمساوية في مصر ودعم التبادل التجاري والتعاون الفني والتكنولوجي والعلمي مع النمسا، كما سيعرض السيسي ما حققته مصر في مجال النهوض الاقتصادي والتنمية إضافة إلى بحث قضايا منطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية والأمن في البحر المتوسط وقضايا الهجرة غير الشرعية والتعاون مع أوروبا من منطلق رئاسة النمسا حالياً للاتحاد الأوروبي في دورته الحالية التي تستمر حتى نهاية عام 2018.
السيسي وجذب الاستثمارات
وفي السياق ذاته ذكر تقرير نشره موقع الجزيرة نت ان الرئيس المصري وبهذه الزيارة يرفع عدد زيارته الخارجية منذ توليه الرئاسة عام 2014 إلى تسعين زيارة رسمية شملت دولا عربية وأفريقية وأوروبية وآسيوية وأميركية، وهو رقم قياسي مقارنة بالرؤساء السابقين، وفقا لمؤسسة الرئاسة.
وبينما يحتفي إعلاميون وبرلمانيون في مصر بكثافة الجولات الخارجية للسيسي ويقولون إنها ذات أثر "كبير وقوي" على كافة الأصعدة بمصر -وفي مقدمتها جذب الاستثمار الأجنبية والحضور الفاعل لمصر بالمحافل الدولية- لم يجد سياسيون واقتصاديون مؤشرات أو نتائج تثبت تلك الإيجابية في ظل تدهور وتراجع قطاع الاستثمار الأجنبي الذي ما فتئ الإعلام المصري يؤكد دعم تلك الزيارات له، وفقا للتقرير.
وجاء في التقرير، وخلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي تضمنت جولات السيسي أربع محطات بدأت بلقاء ثلاثي مع قادة اليونان وقبرص في جزيرة كريت اليونانية، ثم زيارة لروسيا استمرت ثلاثة أيام أعقبتها زيارة للسودان لتنتهي تلك الجولات بزيارة ألمانيا التي استمرت أربعة أيام على هامش مشاركته في أعمال قمة مجموعة العشرين بشأن الشراكة مع أفريقيا.
وفي تصريحات سابقة بإحدى الفضائيات قال الإعلامي خالد أبو بكر إن زيارات السيسي تشهد مباحثات واتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات مع دول العالم، لافتا إلى أنه زار دولا لم يزرها أي رئيس مصري من قبل، أما الإعلامية لبنى عسل فترى أن لهذه الزيارات مردودا واضحا على مختلف القطاعات بمصر، بحسب التقرير.
الإحتفاء الاعلامي والبرلماني
ويفيد التقرير ان الاحتفاء الإعلامي بزيارات السيسي الخارجية يصحبه دائما احتفاء برلماني، حيث أشاد زعيم الأغلبية البرلمانية عبد الهادي القصبي بكثافة هذه الزيارات، واعتبرها تأكيدا على عودة مصر لريادتها وانفتاحها على العالم الخارجي، وذات دلالة على قوتها بمنطقة الشرق الأوسط، في حين يرى البرلماني مجدي بيومي أن لهذه الزيارت دورا مهما في تعزيز التعاون بين مصر والدول العظمى.
غير أن ما كشفه آخر تقارير البنك المركزي عن تراجع الاستثمار الأجنبي للشهر السادس على التوالي وفقدان الخزانة 1.1 مليار دولار خلال سبتمبر/أيلول الماضي ليبلغ مجموع ما خرج من الاستثمار الأجنبي خلال هذه الفترة نحو 8.4 مليارات دولار دفع خبراء إلى التشكيك في جدوى تلك الجولات وحقيقة المزاعم بإيجابياتها.
وفي هذا السياق، يشير ممدوح الولي الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق إلى أن بيانات البنك المركزي بشأن خروج استثمارات أجنبية مباشرة خلال السنوات الخمس الأولى من عمر النظام القائم تشير إلى أنها بلغت نحو 29.31 مليار دولار، بخلاف مبيعات استثمارات الأجانب في أدوات الدين المشار إليها سابقا، وخروج استثمارات الأجانب منالبورصة المصرية.
ويكشف الولي في حديثه للجزيرة نت عن أن الأرقام الرسمية المعلنة تدحض مزاعم "إيجابية" هذه الجولات، فعلى سبيل المثال بلغت استثمارات اليونان خلال السنوات الخمس نحو 55 مليون دولار، كما بلغت استثمارات قبرص بمصر 58 مليون دولار فقط على الرغم من تبادل الزيارات المتكررة مع رئيسيها، وتكرار عقد القمم المشتركة معهما.
ويرى الولي أن هذه الزيارات لن تكون لها فاعلية حقيقية مع استمرار ما يصفه بـ"عدم الاستقرار السياسي والأمني" في البلاد و"استمرار البيروقراطية والفساد وارتفاع تكلفة الاقتراض المصرفي وصعوبته".
مناخ مصر للاستثمار الاجنبي
ومع اتفاقه مع الولي فيما ذهب إليه من عدم فاعلية جولات السيسي على الواقع الاقتصادي المصري يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام ذلك أمرا بديهيا وطبيعيا في ظل افتقاد مصر المناخ الجاذب للاستثمار الأجنبي، وغياب التشريعات اللازمة لحماية المستثمرين المحليين قبل الأجانب.
ويؤكد عبد السلام للجزيرة نت أنه بخلاف ما يحاول الإعلام الموالي للنظام في مصر إبرازه وتأكيده فإن الجولات الخارجية للسيسي لا يمكن اعتبارها جاذبة للاستثمارات الخارجية أو حتى مفيدة للاقتصاد المصري، لأن المستثمر الأجنبي يبحث عن الدولة المستقرة في التشريعات والقوانين، وضعيفة المخاطر المالية والاقتصادية.
افتقاد هذه الجولات للفاعلية لا يتوقف على الجانب الاقتصادي والاستثماري فقط، حسبما يرى عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي والسفير السابق، فعلى الرغم من كثافة هذه الجولات فإن صورة مصر السياسية في الخارج "قاتمة وسلبية وغير مشرفة وتزداد تدهورا وتقزما"، وجميع المؤشرات تكشف ذلك، حسبما يرى الأشعل.
ويشدد الأشعل الذي عمل سابقا مساعدا لوزير الخارجية على أن كثافة جولات أي رئيس ليست دليلا على نشاط دبلوماسي فاعل، وربما كان الأمر يشي بالعكس تماما، ذاهبا إلى أن الدوافع الحقيقية لجولات السيسي ليس كما يظهر في الإعلام المصري وإن كان الوقوف على حقيقتها ليس سهلا، على حد تعبيره.
ويستند الأشعل في حديثه للجزيرة نت إلى ما يعلن من نتائج لزيارات وجولات السيسي المختلفة، حيث يراها لا تتسم بالشفافية والمصداقية ويكتنف أغلبها غموض مقصود وإرباك متعمد، مشيرا في هذا السياق إلى ما أعلن من نتائج لزيارات السيسي التي تمت خلال الشهر الماضي.
وفي الختام، نظرا لتولي مصر رئاسة الاتحاد الافريقي في بداية العام المقبل، فإن زيارة السيسي والتواصل مع المجموعات الدولية تكتسب اهمية خاصة في ظل مسؤولية مصر في القارة الأفريقية والدور الذي يجب ان تضطلع به لتوفير الدعم السياسي والاقتصادي لتنمية القارة ومن هذا المنطلق تتضاعف اهمية حضور مصر الى فعاليات المنتدى الأفريقي الأوروبي.
انتهى/